أي دور للمجتمع المدني بعين مديونة بنواحي تاونات في حماية و دمج الشباب في الحياة العامة ؟
خاص بجريدة”تاونات نت”/يقول نشته ” أن لا أمل في أن يمتلك الإنسان وجوه و كينونته إلا بالنضال من إرادة القوة ، و التي لا يمكنها أن تتحقق إلا بمجابهة تمثلات الواقع و مسلماته ، و التضحية بالحياة و احتقارها ، بحثا عن حياة ثانية كلها مجد و كرامة لأن الإنسان كائن يمتلك الإرادة الحقيقية ، على تغيير نفسه و تغيير العالم من حوله ، بحيث لا يضل الإنسان عبدا يتحكم في حياته الأسياد و يحجروا على تفكيره و حركته “
في نهاية شهر أكتوبر كانت لي مساهمة بسيطة في المناظرة الوطنية للمنظمات الشبابية ، المنظمة من طرف المجلس المدني للمنظمات الشبابية ، كانت عبارة عن تفاعل مع إدريس الكراوي الأمين العام للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي ، و عمر بلفريج رئيس جمعية وضوح ، طموح ، شجاعة .
مساهمتي كانت عبارة عن مداخلة بسيطة تمحورت حول الربط الجدلي بين التعليم و الشباب و مستقبل المغرب ، أي مغرب نريد يستلزم بالضرورة حضور أي شباب نريد . هذا الأخير يفرض التساؤل عن جودة تعليمنا ، الشباب رهان المستقبل ، أمل الوطن ، الشباب هو وطن المستقبل، و هذا لن يكون إلا بتعليم ديمقراطي حداثي و ذي جودة .
بعد أقل من أسبوع عدت إلى مقر عملي ، و بالضبط إلى عين مديونة بنواحي تاونات في صباح ذات يوم إسيقضت مبكرا ، و اتجهت نحو المقهي القريب من منزلي اعتدت تناول فيه وجبة الفطور قبل التوجه إلى عملي . استفزتني أشياء تركت في نفسي ألام ، ألام على شباب تائه ، تلاميذ يدرسون في الثانوية التأهيلية يدخنون المخدرات بشتى أنواعها ، نقلت سؤالي إلى الفصل سائلا تلامذتي حول ما شاهدته .كانت إجابة أحد التلاميذ صادمة قائلا ” ليس فقط المخدرات هي المنتشرة في منطقة عين مديونة و لكن هناك حتى الأقراص الملهوسة ”
تعتبر المخدرات سبب الأول للأمراض العقلية و النفسية و الاجتماعية ، بعدما يقع في شباكها الكثير من الضحايا باستهداف عقولهم و أجسادهم بسموم فتاكة ، نهيك عن ما تسببه من جرائم قتل و اغتصاب ، كان لا بد من الربط بين هذا الموضوع و بين أحداث مضت تمثلت في اعتداءات على ممتلكات مواطنين….، صحيح أن أسباب تناول المخدرات عديدة ، و على رأسها الوضع العائلي غير الصحي ، من طلاق و فقر و فشل في التربية ، الهدر المدرسي الذي يمكن أن ينتج مشروع شخص يتعاطى المخدرات و بالتالي يصبح مدمنا ، الفراغ الممل للشباب ، و أخيرا عامل العنف في الخطابات و المعاملات ، المخدرات إذن هي الوحش القاتل الذي يجر وراءه الشباب ، شيء المحير هو كيفية تعامل السلطات المختصة مع هذه القضية ،تناول المخدرات داخل المنطقة يدخل ضمن الاستهلاك اليومي للإنسان المحلي لعين المديونة ، و يعتبر من الأشياء اليومية لا يختلف عن الخبز ، و يتم تناوله و بيعه أمام الملأ و لا حسيب و لا رقيب ، الصمت الرهيب الذي تطبقه الجهات المختصة يطرح أكثر من علامات استفهام من المستفيد من الوضع الحالي؟ من له المصلحة في تخريب عقول شبابنا ؟ من يريد تحويل القرية الصغيرة الهادئة إلى مقبرة للشباب و النساء ؟
الشباب هم طليعة كل مجتمع، فهم عموده الفقري، وقوته النشيطة والفاعلة، فأهمية هذه الشريحة المجتمعية باعتبارها مورد وطاقة بشرية ينبغي الاهتمام بتنميتها وتأهيلها في أفق استغلالها في مجالات متعددة ومختلفة للنهوض بالمجتمع، خصوصا أمام تراجع الدولة عن دورها في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية ساهم في تزايد مبادرات أفراد المجتمع في الانتظام في جمعيات و داخل تنظيمات مختلفة من حيث الأهداف ، المجتمع المدني من المكونات الأساسية لكل مجتمع ديمقراطي ، يتمثل دوره في تعبئة الطاقات لصالح العام ، و المساهمة الفعالة في تحقيق التنمية و التقدم ، و يشمل في أدائه مزايا كثيرة و متعددة ، ترسيخ الديمقراطية ، التربية على المواطنة ، من حرية و مسؤولية ، و تنظيم و مشاركة ، و حوار و تسامح ،التشبع بقيم حقوق الإنسان و الدفاع عنها .
إن الظلم و التهميش و الفقر و الاستبداد ، و التشجيع الجهل و الأمية ، و المخدرات و الدعارة ، و ارتفاع نسبة البطالة ، و زرع ثقافة التيئيس و الإقصاء ، ستؤدي إلى كارثة حقيقية ، لأن تقدم أي مجتمع لا يمكن أن يتم إلا بوعي أفراده ، و هنا تأتي ضرورة إدماج الشباب في تنظيمات المجتمع المدني ،و فتح المجال لتعبير عن طاقاتهم و إبداعاتهم و تعامل معها بطريقة إيجابية ، لكن إلى أي حد يقوم المجتمع المدني المحلي بهذه الأدوار ؟
من خلال ملاحظاتي الميدانية و التي دامت لسنتين على الأقل سجلت نقطة أساسية غياب شبه تام لأنشطة المجتمع المدني رغم عدده الملفت للنظر ، صحيح كانت هناك محاولات من بعض جمعيات المجتمع المدني المحلية التي حاولت أن تسطر برنامجا سنويا يهدف إلى دمج الناشئة في الحياة العامة و إبراز مواهبهم ، من خلال أنشطة رياضية و ثقافية و فنية على طول الموسم الدراسي و أخص بالذكر هنا جمعية المشعل للثقافة و الرياضة و الفن ، و بعض الأنشطة الأخرى التي قامت بها بعض الجمعيات ، يبقي السائد و المهيمين كثرة جمعيات المجتمع المدني و غيابها بشكل تام تقريبا على أرض الواقع باستثناء بعض الأنشطة المنسباتية البسيطة ، يستفاد من هذا هو أن المجتمع المدني لا يقوم بدور المنوط به الذي يتجلى في تأهيل المنطقة و التركيز على الجانب الترافعي الذي يعتبر الإنسان مركزه الأساسي ، و الابتعاد عن التخندق في ما هو حزبي و عدم التركيز على بعض المشاريع التنموية البسيطة التي تجعل المجتمع المدني ينسلخ عن دوره الأساسي . نسجل أيضا أن المجتمع المدني المحلي لا بد له من تقوية قدراته للمسايرة المشاريع الجديدة محليا و إقليميا و دوليا ، لكي تتحول جمعيات المجتمع المدني بعين مديونة من جمعيات على الورق إلى جمعيات لها تأثير في المجتمع المحلي و تأطيره نحو الأفضل .
بقلم :محسن كفحالي
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.