جريدة “تاونات نت” ترصد واقع الفلاح والفلاحة بإقليم تاونات:شح في الأمطار ومخاوف من شبح الجفاف
جريدة”تاونات نت”-اعداد: محمد العبادي/كشفت مراسلة رسمية حصلت عليها جريدة” تاونات نت”، أن الخسائر الناجمة عن مرور عاصفة وصفت بالاعنف من نوعها في تاريخ اقليم تاونات، قد خلفت أضرارا فادحة في المغروسات الشجرية والبنيات التحتية والآبار والعيون وبعض المنازل الطينية والقصديرية بجماعات اورتزاغ وكلاز وسيدي المخفي والبيبان وتمزكانة، اذ أدت الى تضرر 1675 هكتار من أغراس الزيتون و 132800 شجرة زيتون في ملكية حوالي 3600 من الأسر القروية، وتسببت في اقتلاع 180 شجرة زيتون بالكامل وتدمير جزئي لـ 4215 شجرة زيتون وطمر وغمر 16 بئرا و سبعة عيون.
مشهد مذهل ومخيف ومرعب وقفت عليه جريدة “تاونات نت”، بعدما ضربت عاصفة عنيفة ومدمرة، محملة ببرد كثيف وقوي ورياح عاتية، شريطا ممتدا على طول من جماعة اورتزاغ مرورا بجماعات كلاز وسيدي المخفي والبيبان وتمزكانة وبوهودة ثم تابرانت وعرضه حوالي كيلومتر ين.
بتراب جماعة بوهودة وتبرانت التابعة لاقليم الحسيمة المحاذية لها، يمتد شريط الدمار الشامل الذي ضرب حزاما بجماعات دائرة غفساي السالفة الذكر، حيث أتى بواد الزاوية وحمدة وباب حمرة وجنان الغلة بمشيخة بني بربر التابعة لجماعة بوهودة بدائرة تاونات، على محصول الزيتون بأضرار تراوحت بين 100 بالمائة في بعض المقاطع التي مرت منها عاصفة البرد وما بين 25 الى 90 بالمائة في مقاطع أخرى، ساكنة المنطقة لم تشهد لهذا الطوفان مثيلا له، حقول من اغراس الزيتون يبست وأخرى تكسرت أغصانها وسقطت ارضا عن آخرها ولم يسلم من ضربات التبروري العنيفة التين الشوكي ولا الصبار الذي تهشم بشكل فظيع كما لو أنها تعرضت لسيول جارفة. بعض المنازل القصديرية اقتلعت الرياح الهوجاء قصديرها بالكامل والقت به في مناطق بعيدة، واضطر قاطنوها الى اقتناء القصدير بعض الكارثة لاعادة تثبيت ما قذفت به الرياح بعيدا.
وبالسفح الشرقي لمركز تبرانت المحاذي لمنطقة بني بربر مر الطوفان وجرفت سيوله أطنان من الاتربة التي غطت الطريق الوطنية رقم 8 عند مركز الجماعة، اذ انقطعت الطريق وتدفقت السيول على المنازل وغمرت بعضها وتوقفت حركة السير الى حين قدوم لجنة اقليمية من الحسيمة ليتم ازاحة الاطيان والصخور التي تدفقت من المنحدارت على جوانب الطريق فيما يشبه مشاهد ازاحة الثلج بجوانب الطرقات شتاء، مشاهد مذهلة لا يصدقها العقل وظواهر غريبة لم تحدث في الأزمان ولم تخالج الأذهان بهذا الشريط الترابي المنكوب من سلاس الى امتيوا مرورا بالجاية وبني ملول الزروالية.
هذا هو برنامج تأمين الأشجار المثمرة ضد المخاطر المناخية
وفي هذا الإطار وإزاء فداحة الخسائر التي خلفها غضب الطبيعة والتقلب المناخي يوم 19 أكتوبر 2015 بالمناطق السالفة الذكر، وفي غياب تام لاكتتاب الفلاحين المتضررين ضمن برنامج التأمين ضد الأخطار الطبيعية، نورد في هذا السياق أن وزارة الفلاحة والصيد البحري، في اطار تفعيل استراتيجيتها لتدبير المخاطر، قد أطلقت برنامج لضمان تغطية الأشجار المثمرة ضد المخاطر المناخية، برنامج تم تمويله من قبل الدولة والفلاحين وتدبير ادارته من طرف التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين بموجب اتفاقية تم توقيعها بين الطرفين.
الأشجار المثمرة المعنية ( الزيتون، اللوز، التفاح، الحوامض)
المخاطر المناخية المغطاة: (الصقيع، البرد، ركود المياه في الحقول، الحرارة المفرطة، الرياح القوية ورياح الشركي)
الأقاليم المعنية: 40 اقليما مؤهلا لغرس الاشجار المثمرة في 10 جهات بالمملكة منها اقليم تاونات.
شروط الاكتتاب: قامت التعاضدية الفلاحية المغربية للتامين بفتح عقد الضمان “المتعدد المخاطر المناخية للأشجار المثمرة” أمام جميع الفلاحين والملاك الذين يدخل منتوجهم ضمن قائمة المنتجات المعنية.
رأس المال المضمون بالنسبة لأشجار الزيتون:
حدد الرأس المال المضمون عند الاكتتاب ( الانخراط) في التامين المذكور فيما يلي:
بالنسبة للزيتون البوري فان سقف رأس المال المضمون ( درهم / هكتار) هو 3400 درهم / الهكتار وبالنسبة للزيتون المسقي 11500درهم للهكتار.
فترة الاكتتاب:
تنطلق عملية الاكتتاب ابتداء من فاتح يناير من كل سنة الى غاية 30 يونيو بالنسبة لاغراس الزيتون
مبلغ الاشتراك: يتم تحديد مبلغ الاشتراك لكل منخرط كما يلي: مبلغ الاشتراك بالدرهم = رأس المال المضمون بالدرهم x نسبة الاشتراك% ) ).
دعم الدولة للاكتتاب: تختلف نسبة الدعم حسب المساحة الاجمالية المضمونة، على سبيل المثال، فأقل من 20 هكتار أو يساوي 20 هكتار، تبلغ نسبة الدعم من مبلغ الاشتراك 70 بالمائة، وهي الوضعية التي تهم فلاحي اقليم تاونات، حيث تقل المساحة المغروسة في معظمها عن 20 هكتار.
وتبلغ نسب الاشتراك بالنسبة لاشجار الزيتون في حدها الادنى 2.7 بالمائة وفي حدها الاقصى 7.5 بالمائة. وللمزيد من المعلومات يمكن زيارة أقرب مكتب للتعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين المتواجدة مكاتبها بالنسبة لاقليم تاونات بقرية ابامحمد أو بمدينة فاس.
تمدد الصيف وتأخر الأمطار ومخاوف من الجفاف
صيف 2015 لم يكن كالمعتاد، لم يتوقف عند اشتداد حرارته فقط، بل امتد وتمدد الى فصل الخريف، فشحت أمطار هذا الأخير المسماة محليا ب”الشيتوة”، الى حد أضحى الفلاح يطرح تخوفات حقيقية من جفاف محتمل لهذا الموسم الفلاحي ( 2015 / 2016 ).
في مثل هذه الظروف يقول فلاح مسن، “قبل ثلاثة عقود من الزمان على أقل تقدير كان اجبالة والحياينة واشراكة وغيرهم من القبائل يخرجون حفاة الى أضرحة وزوايا والمساجد لطلب الغيث وصلاة الاستسقاء، كان النساء والصبيان يحملون “الغانجة” ويصيحون صباحا مساء لطلب الغيث، بعدها يتبدل الجو بعد انحباس المطر وتنزل أمطار الخير لتعود الحياة الى محيا الفلاح وترتوي حقوله وبهيمته. يقول هذا الفلاح المسن كان الناس يخرجون عفويا ومن تلقاء أنفسهم لطلب الغيث، اليوم لا يتحرك أحد ولا يخرج احد الا بعد نداء وزارة الأوقاف، لقد تغيرت الظروف بنظره ولم يعد لطقوس طلب الغيث معنى ولا مظاهر كما كانت من قبل، مضيفا نسأل الله تعالى أن يجود علينا في هذه الظروف العصيبة بمطره ونعمه.
مع تطور التكنولوجيا الفضائية، أضحت التنبؤات المناخية وأحوال الطقس في متناول الفلاح، غير أن معظم الفلاحين الصغار والذين يشكلون 95 بالمائة من فلاحي اقليم تاونات لا يرتبطون بهذا النظام المعلوماتي لهذا تجدهم يحرثون أراضيهم البورية غير آبهين باحتمال حصول جفاف من عدمه، تجدهم يتوكلون على الله ويزرعون أراضيهم بانتظار ان تجود السماء بالغيث، دون اكتراث لما تقدمه النشرات الجوية والمواقع الالكترونية المزودة حول توقعات احوال الطقس انطلاقا من مراكز علمية فضائية.
بعض الفلاحين، أخذوا مع مرور الوقت يدركون تخوفهم من تاخر سقوط الامطار، لذا يتحينون الفرصة بانتظار قدوم اضطرابات جوية تخبر بها النشرات الجوية عبر وسائل الاعلام، بعضهم يدرك جيدا أن الزراعة البكرية للحبوب باتت قاب قوسين من فوات آوانها، وبعض الحقول المزروعة لم تنبت بعد وقد تتعرض الحبوب للاتلاف في غياب مطر يروي التربة لنمو المزروعات البورية عند فترة الانبات.
تأخر الأمطار وشحها كان وبالا على الزراعة البورية والبكرية، الا أن ذلك أتاح ظروفا مناسبة لجمع غلة الزيتون التي لا تقل أهمية عن المزروعات بل أضحت أهم مورد فلاحي بأرياف دائرتي تاونات وغفساي، في هذا الاطار تحدث مصدر بالمديرية الاقليمية للفلاحة الى أن توقعات هذا الموسم من انتاج الزيتون باقليم تاونات ستصل الى 172 ألف طن بمردودية تصل الى 13 قنطار في الهكتار. مسجلا بذالك انتاجا متوسطا مقارنة بسنوات ذات انتاج قياسي أو مرتفع ومردودية عالية، كما هو الحال بعام 2001 الذي سجل انتاجا قياسيا باقليم تاونات لم يسجل من قبل ولا من بعد، حيث قدر الانتاج آنذاك ب 250 ألف طن بمردودية بلغت 26 قنطار بالهكتار، ثم أخذ الانتاج السنوي في التذبذب، بين انتاج هزيل الى متوسط الى غاية عام 2013 الذي سجل ارتفاعا في الانتاج ناهز 220 ألف طن بمردودية حددت في 17 قنطار بالهكتار. وقد سجل موسم 2002 / 2003 أدنى مستويات الانتاج من الزيتون باقليم تاونات على امتداد 15 سنة أي ما بين 2000 و 2015 ، اذ لم يتجاوز الانتاج السنوي آنذاك 33 ألف طن من الزيتون بمردودية لم تتجاوز 3.5 قنطار بالهكتار.
وعلى العموم فان هذا الإنتاج السنوي المتذبذب يظل ضعيفا مقارنة بالمؤهلات التي يتوفر عليها إقليم تاونات والمساحة التي تشغلها اشجار الزيتون والتي اصبحت تناهز في الموسم الفلاحي الماضي 147 ألف هكتار منها 130 ألف و800 هكتار منتجة، محتلا بذلك الرتبة الأولى على الصعيد الوطني من حيث المساحة المغروسة باشجار الزيتون.
تذبذب القدرات الانتاجية للزيتون باقليم تاونات ما بين 2001 و 2015
الموسم |
المساحة الإجمالية بالهكتار |
المساحة المنتجة بالهكتار |
المردودية قنطار/هكتار |
الإنتاج (طن) |
2001/2002 |
100000 |
95000 |
26 |
250.000 |
2002/2003 |
104000 |
94000 |
3.5 |
33.000 |
2003/2004 |
106000 |
96000 |
2.5 |
140.000 |
2004/2005 |
110000 |
98000 |
6 |
60.000 |
2005/2006 |
112000 |
100000 |
10 |
100.000 |
2006/2007 |
113000 |
101000 |
16 |
163.000 |
2007/2008 |
115000 |
105500 |
6 |
64.000 |
2008/2009 |
116000 |
108000 |
6 |
70.000 |
2009/2010 |
117000 |
109000 |
15 |
170.000 |
2010/2011 |
120000 |
111600 |
16 |
200000 |
2011/2012 |
134130 |
111800 |
12 |
130000 |
2012/2013 |
145000 |
124800 |
7 |
88800 |
2013/2014 |
147000 |
130800 |
17 |
220000 |
2014/2015 |
– |
– |
13 |
172000 |
معاصر تحويل غير كافية للإنتاج السنوي وتطرح معضلة المرج
بعدما كانت معاصر الزيتون التقليدية “الرحى” تشكل الى غاية نهاية القرن العشرين المصدر الاساسي لتحويل الزيتون باقليم تاونات، فقد اصبحت اليوم معطلة بالكامل، حيث يصل عددها الى 3000 معصرة تقليدية بطاقة استعابية لم تكن تتجاوز 20 الف طن، نفس الطاقة الاستعابية لا زالت تنتجها المعاصر الشبه عصرية وعددها لا يتجاوز 24 وحدة. اما الوحدات العصرية الخاصة او تلك التي تديرها تعاونيات في اطار مجموعات ذات النفع الاقتصادي، فقد عرفت ارتفاعا في عددها منذ العقد الاخير ووصل الى 50 وحدة بطاقة استعابية تصل الى 100000 طن. اما وحدات تصبيرالزيتون فقد تم احداث واحدة بمقربة من مركز بوهودة انطلق العمل بها خلال الموسم الفلاحي الجاري وجرى تمويلها في اطار برنامج حساب تحدي الالفية فائدة تعاونية نسائية بقدرة انتاجية تصل الى 60 طن سنويا.
وهنا تجدر الاشارة الى ان الوحدات المتواجدة بالإقليم غير كافية لتحويل كل انتاج الزيتون بالاقليم وعليه هناك حاجة ماسة للاستثمار في تحويل منتوج الزيتون وعصرنته، وفي نفس الوقت فانه بات من الضرورة معالجة مشكلة المرج المسبب للتلوث بأودية وسدود حوض ورغة.
أسباب ضعف إنتاج الزيتون بإقليم تاونات
1- تدبدب الأمطار وسوء توزيعها عبر مراحل نمو الأشجار ( غياب الإمطار خلال الفترات الحرجة).
2- نقص في خدمة الأرض فمن المؤكد ان خدمة الأرض تساعد التربة على خزن مياه الإمطار والحد من جريانها سطحيا.
3- نقص في عملية الصيانة وخصوصا التقليم حيث يتم التحكم في توازن الشجرة.
4- ظاهرة التناوب في الإنتاج وهي ظاهرة طبيعية عند أشجار الزيتون ولكن يمكن التقليل من حدتها عبر القيام بأعمال الصيانة.
5- استعمال العصي في عملية الجني الشيء الذي يلحق إضرارا جسيمة بالشجرة عبر الجروح وإسقاط الأغصان الفتية التي ستثمر في السنة المقبلة.
6- كبر سن الأشجار مع قلة الصيانة وخصوصا تشذيب التشبيب وتشذيب التجديد.
7- قلة التنظيمات المهنية النشيطة التي تعمل في مجال تنمية قطاع الزيتون.
مؤهلات الإقليم في مجال إنتاج الزيتون
-
ظروف مناخية وطبيعية ملائمة للزيتون.
-
وجود رصيد معرفي يجب تثمينه وتنميته.
-
إمكانية توسيع المساحة وإدخال أصناف جديدة ذات إنتاجية وجودة عاليتين.
-
وجود أراضي منحدرة قابلة للتشجير وبالتالي حماية التربة من الانجراف.
-
إمكانية الاستثمار في مجال تحويل الزيتون.
-
دعم الدولة في اطار صندوق التنمية الفلاحية.
-
تزايد الطلب على زيت الزيتون ذات جودة عالية.
-
اتساع المدارات السقوية بالإقليم مما يمكن من إحداث ضيعات سقوية عصرية ومكثفة .
-
رغبة الدولة في إشراك الفاعلين في وضع وتتبع لمشاريع.
فرص الاستثمار
أوضح السيد محمد الرحوتي رئيس مصلحة بالمديرية الاقليمية لوزارة الفلاحة، أن فرص الاستثمار في قطاع الزيتون باقليم تاونات تظل جد مشجعة، اذ على الرغم من أهمية المشاريع التي عرفها الإقليم منذ فجر الاستقلال والرامية إلى تطوير قطاع الزيتون بالإقليم وانطلاقا من المؤهلات التي يوفرها الإقليم وعملا بالإستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع، فان قطاع الزيتون بإقليم تاونات لا زال في حاجة إلى دعم وتشجيع الاستثمار وذلك عبر المرتكزات التالية:
– توسيع المساحة المغروسة وذلك بتشجير الأراضي المنحدرة المعرضة إلى انجراف التربة ونقص الخصوبة والإنتاجية وكذلك غرس أشجار الزيتون بطريقة مكثفة بالمدارات السقوية التي تعرف اتساعا كبيرا بالإقليم وكذلك الاستفادة من تحفيزات الدولة عبر صندوق التنمية الفلاحية في هذا المجال .
– إحداث وحدات عصرية لتحويل الزيتون وتأهيلها في مجال تحسين الجودة والمحافظة على البيئة.
وعلى الرغم من تزايد عدد الوحدات العصرية بالإقليم خلال السنوات الأخيرة فان نسبة كبيرة من الإنتاج يتم تحويلها خارج الإقليم نظرا لعدم كفاية الطاقة الاستعابية للوحدات المتواجدة بالإقليم. لذا فان ثمة رهانات لإحداث مشتل لإنتاج الشتائل المعتمدة وذات إنتاجية عالية وقدرة على التأقلم مع الظروف المناخية الطبيعية للإقليم . إن تقريب هذه الشتائل من المزارعين وإدخال أصناف جديدة يشكل حافزا لتوسيع المساحة، ثم دعم التنافسية عبر تنظيم القطاع والتسويق الجماعية وتحسين الجودة وتثمين أحسن إنتاج.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.