تاونات:هذا هو تاريخها وموقعها الجغرافي…
تاونات:أحمد المتوكل -جريدة “تاونات نت”/منطقة تاونات تلٌّ ريفي جميل يقع في مقدمة جبال الريف، وهو شامخ على موقع جغرافي بعلو 800 م تقريبا عن سطح البحر، يُحَّد – هذا التل- شرقا بقبيلة ارغيوة وشَمالا بقبيلة امتيوة، وغربا بقبيلة مزراوة، وجنوبا بقبيلة أولاد عمران جهة عين عائشة إحدى قبائل الحياينة.
ومنطقة تاونات من أهم المناطق المشكلة لقبائل اجبالة بالشمال المغربي، وتقع وسط الجهة العليا لشمال المغرب، وفضاء إقليم تاونات قروي بامتياز، تغطي التضاريس الجبلية 40% من ترابه، وأعلى قمة جبلية به يصل ارتفاعها عن سطح البحر بعلو 1800 م.
يرى الواقف على تل تاونات الرائع مناظر خلابة وهو يجول بنظره في كل اتجاه، فتأسره خضرة الجبال المحيطة به من جهة عين مديونة وبني وليد وغابة يفْرَنْ، وجبل أسطار المكسو بأشجار الزيتون الدائمة الخضرة، وجبال كتامة، وتسحره زرقة المياه التي تكاد تحيط به من كل جانب وهي تجري في أودية ورغة وأسْرى وسد الساهلة، كما يرى قبيلة امتيوة التي يعلوها جبل تِفلْواسْتْ، ويرى كذلك مزراة وعين عائشة وعين مديونة وأولاد أزم وقبائل بني زروال.
دلالة الإسم:
كلمة “تاونات” أمازيغية في أصلها لا يجادل في ذلك أحد، قيل إنها تعني (اجبالة) أي سكان الجبال، وهي التسمية المرتبطة بالطبيعة الجغرافية للمنطقة، وقيل: إنها تعني (المكان العالي لمراقبة العدو)، ففي المغرب كثيرة هي المناطق التي أخذت اسم بما وُجد فيها من أشياء، وحسب رأي الأستاذ أحمد بونيف الباحث في الثقافة الأمازيغية، فإن أصل الكلمة الأمازيغي هو (تانوَّالت)، وربما حُرِّفت وأصبحت تنطق “تاونات”، و(تانوَّالت) تعني بالدارجة المحلية (النْوالة)، وهي كوخ (abri) يبنى من أغصان الأشجار وأوراقها، وهي مخبأ يتخذ في الغالب للحراسة والمراقبة، وقد يكون أطلق عليها هذا الاسم خلال المعارك القديمة.
وقيل إن معناها “العقبة”، وقيل إن أصلها:”نْطُو ونِيتْ” وتعني “اصعد وانزِل” وربما خُففت وحرفت حتى أصبحت تُنْطقُ هكذا، وقد يكون هذا هو اسمها الأصلي لأنها منطقة تقع على تل كما أشرتُ سابقا، فالذي يريد أن يصل إلى رأس هذا التل من كل جانب لا بد له من صعود إليه بمشقة، ومن يكن على هذا التل ويريد الذهاب إلى مكان آخر غيرِهِ لا بد له من نزول منه.
وتُسمى هذه المنطقة في كتب التاريخ القديمة بـ”مزيات، ومزاتة، ومزياتة”، يقول ابن خلدون رحمه الله:”مزاتة، ومزيات أو مزياتة تجَمُّعٌ قبلي ينحدر من بطون أَوْربة، توجد في حوض ورغة، وتحديدا على الضفة اليسرى لهذا الوادي”1، وقال أيضا:” وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوارة”2.
وذكرها صاحب التشوف إلى رجال التصوف عند ترجمة لأبي زيد عبد الرحمان بن هبة الله رحمه الله فبيَّن أنه: “من أهل ورغة من بلد مزياتة”3. وضريح هذا الولي الصالح يقع بالمنطقة التي تحمل اليوم اسم: تاونات.
وقد يكون سبب إطلاق هذه الأسماء “مزيات، و مزاتة، ومزياتة” عليها هو وجود أشجار الزيتون بها من قديم، ولاشتهار أهلها بإنتاجهم للزيت وبيعه كما تذكر بعض المصادر، والمتأمل في حقيقة هذا الأمر يجد أن شجر الزيتون وُجد بها من قديم، بخلاف المناطق المحيطة بها فلم يُغرس فيها إلا منذ أمد قريب.
و يلاحظ زائر مدينة تاونات وجود مرتفعات ومنحدرات من كل جهات المدينة تجعل من المدينة عقبة كبيرة.
وتاونات تخترقها طريق الوحدة التي أحدثت مباشرة بعد الحصول على الاستقلال لربط شمال المغرب بجنوبه، وهي ترتبط بالشرق عبر الطريق المارة بطهر السوق (مرنيسة) ثم أكنول، وتصل الغرب بالطريق عبر وزان، والجنوب عبر طريق فاس إذ هي الطريق التي تشكل الشريان الرئيسي للمدينة والإقليم ككل.
ومنذ السبعينات من القرن الماضي والمنطقة والمناطق المجاورة لها تعرف تطورا سكانيا وعمرانيا مستمرا، جعل السلطات المركزية سنة 1397ه الموافق لسنة 1977م تُحْدث بها إقليما أخذ اسم عمالة إقليم تاونات، واحتفظت المدينة بالاسم القديم ((تاونات)) الذي هو في الأصل اسم لأحد أحيائها القديمة، وأصبحت المدينة عاصمة للإقليم، وبدأت شيئا فشيئا تتلاشى الأسماء القديمة “مزيات ومزياتة ومزاتة” التي كانت تسمى بهامن قبلُ، حتى أن من وُلد بعد سنة 1977م لا يكاد يعرف ما المراد بكلمة “مزيات” إذا ذكرت أمامه.
وتاونات حاليا مدينة صغيرة تتكون من عدة أحياء حافظت أغلبها على الأسماء القديمة للدواوير والمداشر التي كانت تتكون منها مزيات مثل: تاونات، الدشيار، أسطار، العشايش، الدمنة، احجر امطاحن، احجر دريان، اخمالشة، الرميلة، القلعة، كما بنيت بها أحياء جديدة بسبب التوسع العمراني والديموغرافي، كحي الرميلة وحي الأمل وتجزئة الوحدة وغيرهما …
وإقليم تاونات يتكون من بوادٍ وقرى وقبائل كثيرة تشكل في مجموعها جماعاته القروية والحضرية، وأهمها: صنهاجة الشمس (منطقة عين مديونة)، وصنهاجة الظل (أولاد أزم وبوعادل)، وجزء من صنهاجة غدُّو، وارغيوة، وفناسة باب الحيط، ومرنيسة، وامتيوة، ومزراوة، وبني زروال، والجاية، وبني ورياكل، والسلاس، وفشتالة، واشراكة، واحجاوة وأولاد عيسى، وصدِّينة، والحياينة بقبائلها الثلاثة: أولاد عمران، وأولاد ارياب، وأولاد اعليان، وهوارة ومزيات أو مزياتة 4. وكل قبيلة من القبائل المذكورة تضم دواوير متعددة.
وكانت هذه القبائل قديما تسمى بـ”أحواز فاس” لأنها كانت منْضَمَّة له وتابعة له إداريا.
وساكنة قبائل تاونات كانت وما زالت مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدينة فاس -عاصمة المغرب الروحية- إما لطلب العلم، أو لقضاء الأغراض الإدارية، أو للتجارة بيعا لمنتوجاتهم أو اقتناء لما يحتاجونه منها، أو لصلة أرحامهم وعائلاتهم الذين هاجروا إلى فاس واستقروا بها.
يتعدى عدد سكان مدينة تاونات 35000 نسمة حسب إحصاء سنة 2014م، والإقليم يضم 49 جماعة قروية وحضرية، وخمس باشويات وبلديات وهي: تاونات، وطهر السوق، وغفساي، والقرية، وتيسة.
تضم مساحة الإقليم 5585 كلم مربع، يحده شمالا إقليم الحسيمة، وغربا وزان وسيدي قاسم، وشرقا تازة وصفرو، ومن الجنوب فاس ومولاي يعقوب؛وهي الآن ضمن جهة فاس مكناس بعدما كانت في السابق ضمن جهة تازة الحسيمة تاونات.
يعتمد أغلب سكان إقليم تاونات في اقتصادهم على الفلاحة والزراعة كمورد أساسي للعيش، كما أن بعضا منهم له مهن أخرى، وينطق أغلبهم بالدارجة الجبلية المحملة بكثير من ألفاظ اللغة العربية الفصحى، لأنهم ومنذ أن دخل الإسلام إلى المغرب تأثروا بلغة القرآن ونطقوا بها وتخلوا عن الأمازيغية.
ولهم عادات وتقاليد وأعراف تجمعهم مع باقي القبائل المجاورة، وفي بعض منها مع باقي الشعب المغربي كتراث شعبي وطني مشترك.
الهوامش:
1 معلمة المغرب 24 ص 285.
2 العبر و ديوان المبتدأ والخبر(4. 48).
3 التشوف إلى رجال التصوف ابن الزيات يوسف التادلي ص 331.
4 انظر اجبالة العالمة ص:31، وقبيلتا مزيات وامتيوة بوابة طريق الوحدة بين تاونات واكتامة: ص 23-24 لعبد الكريم احميدوش.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.