“تاونات نت” تفتح ملف السدود بإقليم تاونات:إنجاز سدود الموازنة بحوض ورغة يعود من جديد للواجهة والمجتمع المدني يحذر من تكرار مأساة بني كيسان وتفرانت مع سد الوحدة
إعداد:محمد العبادي:جريدة”تاونات نت”/ فتح مشروع انجاز سد باب وندر المقترح انجازه منذ بداية عقد تسعينيات القرن الماضي الباب على مصراعيه للقيل والقال، خاصة فيما يتعلق بساكنة مركز بني وليد على وجه الخصوص والجماعة على وجه العموم. معطيات رسمية أشارت الى أن الدراسة التقنية والجيوفزيائية لانجاز هذا المشروع الهيدرومائي جعلت سديمة السد ترتفع من علو 70 مترا المقترحة في الدراسات القديمة الى سديمة علوها 105 امتار في الدراسة الحديثة، وبالتالي فان سعة الحقينة ستنتقل الى 390 مليون م3 ، وهو ما يعني أن ثلثي مركز بني وليد ستغمره مياه بحيرة هذا السد. وعلى العكس من ذلك فان الاحتفاظ بالدراسة القديمة من شأنه أن يجعل مركز بني وليد بمنآى عن هذا الغمر. وبين هذا وذاك، فان ثمة أمور يجب أن تتضح قبل فوات الأوان، وحتى لا تتكرر مآسي انعكاسات انجاز سد الوحدة على عاليته وبالاخص مركزي جماعتي بني كيسان وتفرانت بدائرة غفساي.
إذ تعكف الجهات المكلفة بالماء والبيئة حاليا وتسابق الزمن، للتوجه نحو تدارك التأخر الحاصل في بناء السدود المتخلى عنها بحوض ورغة، بانهاء دراسة بناء ثلاثة سدود متوسطة وهي سد باب وندر على وادي ورغة بدائرة تاونات وسد سيدي عبو على واد اللبن بجماعة راس الواد بدائرة تيسة، ثم سد وادي اولاي بين جماعة الرتبة وسيدي الحاج امحمد بدائرة غفساي.
هذا التحرك، جاء لتدراك المخاطر المحدقة بسد الوحدة، والتي ظهرت بشكل مقلق، ويتعلق الامر بالتوحل الذي يقلص سعته سنويا بحجم 50 مليون متر مكعب. وهذا معناه أن التوحل يضيع امكانية سقي 10 آلاف هكتار سنويا وفق الدراسات المنجزة. و من جهة أخرى فان اختلال الموازنة بالنسبة لسد الوحدة الذي تراجعت مياه حقينته هذه السنة ( 2016 ) بشكل مقلق الى ما دون 46 بالمائة، أمام استحالة رفع مستوى ملء حقينته انطلاقا من سد اسفالو وسدي الساهلة وبوهودا، فان بناء مشروعي سد باب وندر وسد اولاي من شأنه ان يساعد مسؤولي المياه للتحكم في موازنة سد الوحدة الاستراتيجي في توليد الطاقة الكهرومائية وسقي سهل الغرب وتوفير مياه الشرب في السنوات الجافة برفع نسبة ملء حقينته انطلاقا من سدود العالية التي تعثر انجازها منذ انطلاق مشروع تهيئة حوض سبو؛ومواجهة الفياضانات في السنوات الرطبة بسبب تجاوز نسبة الملء 100 بالمائة بسد الوحدة كما حدث عام 1996 و2010 ، وذلك بانجاز سدود الموازنة بعاليته ( باب وندر، اولاي، أمزاز…).
مختلف آراء المجتمع المدني ببني وليد لا تخفي قلقها حيال تكرار سيناريو العزلة والتهجير والتفقير الذي تعرضت له ساكنة دواوير ومركز جماعة بني كيسان وتفرانت بعد انجاز سد الوحدة، لذا تطلب بانجاز هذا المشروع الحيوي في اطار تشاوري وليس تنزيله من فوق دون استشارة آرائهم وتطلعاتهم.
لتجاوز اكراهات العزلة وضياع الأراضي الفلاحية
يجب خلق صندوق تضامن لمستغلي مياه سد الوحدة بالسافلة
مع ساكنة عالية السدود بإقليم تاونات
فمياه بحيرة سد الوحدة الملامسة لمركز وداووير جماعة تافرانت، بقدر ما هي ثروة هائلة لا تقدر بثمن، بقدر ما هي عائق خلق إكراهات وعراقيل الاستقرار البشري والاستغلال الاقتصادي بتراب جماعة تفرانت بدائرة غفساي والجماعات المجاورة.
إذ، رغم هذه الثروة الضخمة من المياه السطحية ومع محدودية المياه الجوفية، فان النشاط الزراعي ظل خارج رهانات الدولة ووزارة الفلاحة ولم تخرج الى حيز الوجود دوائر سقوية صغرى بمحيط تفرانت. ومع تأخر انجاز مشروع تزويد دواوير ومراكز جماعات دائرة غفساي انطلاقا من محطة المعالجة التي اشرف صاحب الجلالة محمد السادس على تدشينها في نونبر 2010 باوردزاغ، فان تعثر هذا المشروع جعل معاناة دواوير جماعة تافرانت تحتدم خاصة مع الظروف المناخية المتسمة بشح الأمطار خلال هذا الموسم. فإذا كانت دواوير الجماعة تعتمد على مياه الآبار في الحصول على الماء الشروب، فان عددا منها نضب. وإذا كان مركز الجماعة يتوفر على شبكة توزيع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، فان ساكنته ومرافقه الاجتماعية والإدارية تعاني من الانقطاع المتكرر للماء الشروب قبل حلول فصل الصيف ومن نقص مزمن طيلة السنة في هذه المادة الحيوية.
ويزيد من عزلة وإفقار جماعة تافرانت من حيث تلبية حاجيات السكان من الماء الشروب وموارد العيش والمواصلات، سياسة الدولة الهيدروفلاحية المتمثلة في تعبئة أهم الموارد المائية للمنطقة (سد الوحدة)، وتحويلها لسقي أراضي سهل الغرب، دون إحداث صندوق لدعم وتنمية ساكنة تافرانت وغيرها من الجماعات المتضررة ( كيسان، تبودة، اوردزاغ).
فالمسؤول عن هذا الوضع ليس هي المجالس الجماعية بل هي الدولة، لذا بات على الحكومة المغربية التفكير في مخطط استثنائي للتنمية بمحيط سد الوحدة ، كما فكرت في تنمية طنجة من خلال مينائها المتوسطي على سبيل المثال لا الحصر، بل أن تنمية تافرانت أكثر ضرورة وإلحاحا، لرد الاعتبار للساكنة المحلية على افتقادها أراضيها وموارد عيشها وطرق المواصلات التي كانت تربطها قبل بناء سد الوحدة، وردا للاعتبار الذي طالها بعد 23 عاما من التهميش والحصار الذي فرض عليها، فمناظر تافرانت المحاطة بسد الوحدة والتي يجري تسويقها كمدار سياحي من قبل موقع الكتروني سياحي دولي بالأنجليزية. http://www.tripmondo.com/morocco/taza-al-hoceima-taounate/tafrant-ouergha/، تجعل السياح الأجانب الوافدين عليها يتفاجؤون لرداءة الطرق المعبدة التي توصل إليها انطلاقا من اقليم الشاون ويمتعضون لغياب بنيات الاستقبال السياحية فيما يندهشون لجمال الطبيعة الأخاذ بها.
حين حاصر سد الوحدة ساكنة كيسان وتفرانت
وابتلع ثرواتها وطرد عائلاتها وظلت على الهامش
جماعة كيسان التي أدت الثمن غاليا جراء انعكاسات سد الوحدة السلبية على عاليته، لم تتلقى من الدولة ولا من السافلة المستفيدة شيئا يذكر من التنمية المنشودة.
فبعدما كانت كيسان من أغنى الجماعات، أصبحت اليوم أفقرها، وبعدما انخرط سكانها الأشاوس في الجهاد الأصغر لطرد الاستعمار، هاهم اليوم لم ينالوا من الجهاد الأكبر غير التهميش والحصار، فبعد التهجير القسري لأسرها، إلى جرف الملحة وضواحي فاس ( بنسودة وازليليك)، بعدما غمرت مياه سد الوحدة أراضيها، لم تنل الساكنة المتبقية منها بسفوح الجبال شيئا من العناية ورد الاعتبار.
جماعة كيسان ليس كباقي الجماعات، بعد 1996 ( انجاز سد الوحدة) عادت عجلة التنمية بها عقودا الى الوراء، مشاهد العزلة وجحيم التهميش والمعاناة، حقائق ميدانية، تطرح علامات استفهام، لماذا تفكر الدولة في السافلة فقط دون العالية، لماذا توجه موارد العالية الى السافلة دون تعويض، دون صندوق تضامني تعوض فيه السافلة المستفيدة ساكنة العالية التي فقدت كل شيء وبخاصة الملاك الصغار للأراضي الذين يحصلون على تعويضات هزيلة لا تستطيع تلبية ولو حاجات عيش الكفاف التي كانوا عليها قبل محاصرتهم ببناء سد الوحدة.
كيف صرفت هبة الحكومة اليابانية في السدود التلية لحوض ورغة..؟
برلماني سابق فاز بصفقات بنائها، طالب عمالة تاونات ب 500 مليون
في دورة فبراير 2003 ناقش المجلس الإقليمي لتاونات على هامش جدول أعمال دورته الأولى نقطة همت البحث عن مخرج للدين الذي طالب فيه أحد النواب البرلمانيين في تلك الفترة والمتحدر من تطوان، عمالة إقليم تاونات بتسديد ما قيمته 500 مليون سنتيم بقيت في ذمتها لمقاولته، وهو المطلب الذي كانت وزارة الداخلية حثت من خلاله النائب البرلماني الأسبق العياشي المسعودي (شفاه الله) لإيجاد مخرج له مع المجلس الاقليمي والذي كان يتشكل في آخر عمره في دورة فبراير عام 2003 من السادة، علي البوخياري مفتش حزب الاستقلال وعبد السلام مخلفي رئيس جماعة خلالفة وأحمد مفدي النائب البرلماني لغفساي القرية والنائب العياشي المسعودي وبوزيد الحسوني (رحمة الله عليه)عضو المجلس البلدي لتاونات وآخرون.
مصادر مقربة من المجلس الاقليمي تحدثت عن أن إثارة هذا الملف الشائك بمثابة جواب شافي على الفيضانات التي غمرت سهل الغرب في شتاء 2009 / 2010 وخلفت خسائر اقتصادية وبشرية جسيمة، وصلت صداها الى قبة البرلمان وطرحت أسئلة وعلامات استفهام عن السبب وراء تلك الفيضانات لكنها ظلت معلقة. والجواب بحسب المصادر يرتبط في جزء كبير منه بهذا الملف الشائك “بناء السدود التلية” والذي لا زال يراوح مكانه ولم يجد بعد من يحرك دواليبه ويكشف أسراره ومصير أمواله وعن الصفقات التي فازت به مقاولة البرلماني السابق ذوو النفوذ العائلي حيث كان مقربا من احد المسؤولين بالاقليم في أواسط عقد تسعينيات القرن الماضي ومقاولة أخرى تعود لأحد ذوي النفوذ السياسي. مقاولة هذا الأخير حصلت على صفقة الخرسانة والاسمنت المسلح والحديد أما مقاولة صاحب النفوذ العائلي الذي دارت الأيام الى أن أصبح برلمانيا ما بين 1997 و2003 ، حيث ركز مطالبه البرلمانية في استعادة ديون مقاولته من عمالة اقليم تاونات حسبما يدعي وهو المطلب الذي طالما رفضه مسؤولي الاقليم، فانه فاز بصفقة حفر ونقل ودك الاتربة لبناء السدود التلية.
ولعل من الأسباب التي عللت رفض سلطات ومنتخبي إقليم تاونات تسليم هذا الدين لذلك المقاول حسبما أوردته مصادرنا تعود الى الغموض الذي اكتنف انجاز السدود التلية والى الاختلالات التي شابتها بعدم الامتثال لدفتر التحملات وانجاز أخرى على الاوراق وليس على ارض الواقع كما جاء في مخطط تهيئة حوض سبو ويتعلق الأمر بعدم انجاز السدود التلية المبرمجة لحماية سد الوحدة من التوحل وهي شتيوي وتريفة بجماعة بوعروس وخميس الزريزر ومجدامة بجماعة مولاي بوشتى وبومعيزة بجماعة بوشابل وساحل عمر بجماعة عين عائشة وسيدي مخفي بجماعة سيدي مخفي وسي موسى بجماعة عين عائشة وسد الخنق بالولجة وسد بوسفول بسيدي يحيى بني زروال ناهيك عن السدود الصغرى والمتوسط التي لم تنجز ومن ضمنها سد سيدي عبو بوادي اللبن وسد أولاي بغفساي وسد باب وندر بورغة…الخ.
و الغريب في هذا الملف الشائك الذي كلفت وزارة الداخلية النائب السابق العياشي المسعودي بالبحث عن مخرج له مع مسؤولي ومنتخبي الاقليم، لم يمر سوى القليل من الوقت حتى أصيب العياشي المسعودي في تلك الحادثة المروعة وأبعدته عن هذا الملف الذي قد يكون دخل رفوف النسيان دون معرفة حيثياته ومدى شرعية مطالبة عمالة الإقليم بتسديد مبلغ 500 مليون وما الذي أنجز وما لم ينجز من سدود تلية وصغرى ومتوسطة؟ أسئلة ظلت معلقة إلى أن أحياها مجددا الفيضانات التي شهدها سهل الغرب في فصل شتاء 2009 / 2010، والتي دفعت عبد العزيز الرباح القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس المجلس البلدي للقنيطرة الى طرح سؤال شفوي ومكتوب تحت قبة البرلمان حول أسباب كارثة الفيضانات التي اجتاحت سهل الغرب وقراه ومراكزه رغم انجاز سد الوحدة، والجواب يقول أحد أعضاء المجلس الاقليمي آنذاك، هو أن المسؤولين المشرفين على تهيئة حوض سبو “ورغة وايناون وبهت” فشلوا في إنجاح اوراش بناء السدود التلية التي عرفت تعثرات واختلاسات والغاء بناء معظمها وهو الحال نفسه بالنسبة للسدود الصغرى والمتوسطة التي توقفت بدورها، ولم يتحقق مشروع حماية سدي الوحدة وادريس الاول من التوحل وبالتالي ضياع مخزون حقينتها بفعل التوحل الذي كان من المفترض أن تلعبه السدود التلية والصغرى والمتوسطة في إطالة عمر سد الوحدة، وهناك تكمن الإجابة عن الاسئلة التي طرحت تحت قبة البرلمان في شتاء 2010 ، وهنا يسترجع احد أعضاء المجلس دائما، مقتطف من خطاب لجلالة الملك الراحل الحسن الثاني ” لايهمني سقي مليون هكتار بقدر ما يهمني حماية سهل الغرب من الفيضانات “.ولعل هدا الجواب الذي يجب أن يعيه المسؤولين والسياسيين في الغرب كما في اقليم تاونات والرباط، وهو أن الخطر الذي يهدد الغرب ومعه الاقتصاد الوطني يأتي من روافد سبو وعلى رأسها وادي ورغة الذي فشلت الدولة في تهيئته لهدا الغرض ولهدا الخطاب التاريخي.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.