قلعة أمركو بنواحي تاونات : معلمة تصارع الفناء بعدما أهملها التاريخ

منظر عام لقلعة أمركو

منظر عام لقلعة أمركو

وئام فراج:”عن جريدة”الأخبار” الورقية –عدد دجنبر2016/توجد بإقليم تاونات معلمة تعد أهم منشأة عسكرية مرابطية بالمغرب، تقع بالقرب من ضريح مولاي بوشتى الخمار، على مرتفع جبلي اشتقت منه اسمها.إنها قلعة أمركو التاريخية التي مازالت صامدة في وجه التغيرات المناخية وتعاقب الأزمان منذ نشأتها في العصر المرابطي إلى الآن.

ليس من السهل الوصول إلى قصبة أمركو نظرا لعلوها وبعدها، إلا أن الزائر الشغوف بالمآثر والطبيعة يتحدى مرتفعات الجبال للتمتع بمنظريطل على بحيرة سد الوحدة الممتد أمام القصبة على عشرات الكيلومترات. منظر يجعل السياح  المترددين على مدينة تاونات والباحثين عن هدوء الطبيعة يقصدون قلعة أمركو دون تردد.تتجلى جمالية القلعة بشكل أكبر عند التجول في معالمها، فموقعها ونظامها الدفاعي يسمحان لها بمراقبة المناطق الجبلية على الضفة اليمنى لهذا الواد.وهي تشكل حسب كتب التاريخ نموذجا فريدا بتصميمها وتنظيم مجالها وتقنيات بنائها. فقد بنيت أساسا بالحجر أو الدبش المقطع. ويتخذ تصميمها شكلا مستطيلا يغطي كل المساحة التي تعلو المرتفع الصخري الذي تقع عليه. ويمكن الولوج إلى داخل القصبة عبر أبواب بها مداخل مستقيمة، إذ يؤدي بابها الرئيسيإلى قاعة أولى مستطيلة الشكل في الشمال، ثم قاعة ثانية مربعة الشكل في الجزء الجنوبي- الشرقي.وتوجد وسط القصبة التي تمتد مساحتها 225 مترا طولا و62 مترا عرضا، بناية ثالثة على شكل محرز تقول كتب التاريخ إنها خصصت لسكن قائد الحامية. كما يحيط بهذا المحرز برجان إضافيان، وفي الداخل توجد آثار العديد من المطامير .ويتوسط القصبة شبه مسبح والذي كان في الأصل خزانا للمياه لشرب العسكر والبهائم، إضافة إلى وجود سجن لتأديب الجنود الذين كانوا موجودين بالقلعة والذين كان يقوم بعضهم بالمخالفات أو الأسرى. أما سورها الخارجي المبني بالحجارة فيشمل على اثني عشر برجا دائريا إضافة إلى أربعة أبواب من جهة الشمال الشرقي للقلعة وباب من الجهة الغربية،كما تحيط بالقلعة مناظر طبيعية خلابة توحي بالراحة والسكينة تمزج بين الحجارة والنباتات والمياه.

تهديد بالانهيار سارع في رد الاعتبار

قلب أمركو

قلب أمركو

دقت مجموعة من الجمعيات المهتمة بالشأن الثقافي والتراث ناقوس الخطر حول إمكانية انهيار قلعة أمركو التاريخية نظرا لتقادم بنايتها، بحيث أكدت جهات محلية أن وضعيتها تستدعي التعجيل بصيانتها وإعادة إحيائها من أجل إدماجها في النسيج الاجتماعي المحلي واستغلال فضائها الأثري وتوظيفه للنهوض بالسياحة الإقليمية، خاصة أن موقعها استراتيجي يجعل منها وجهة مفضلة لزوار مدينة تاونات ونواحيها. وكان أحد الباحثين في هذا المجال أكد على ضرورة توثيق تاريخ القلعة بشكل دقيق وجمع المعطيات اعتمادا على المصادر التاريخية والدراسات الفعلية التي اهتمت بها. وقد استجابت وزارة الثقافة لهذا المطلب لتقوم بإعادة تأهيلها بحيث انتهت أشغال الترميم سنة 2013 إذ جرى ترميم أبوابها وأسوارها وأبراجها بعدما طالها النسيان لعقود من الزمن على حد تعبير أحد سكان مدينة تاونات، الذي تساءل خلال حديثه لـ”آخر ساعة”، متى ستحظى باهتمام وفير يعرف بقيمتها التاريخية ويجعل الناس يقصدونها عن معرفة وليس من باب الصدفة فقط، خاصة وأنها ترتب ضمن التراث العالمي بظهير 10 دجنبر 1930 ما يجعلها ذات رمزية لا يمكن إنكارها.

قلعة المرابطين المأثورة..

جانب من قلعة أمركو

جانب من قلعة أمركو

رغم ضعف المعلومات في المصادر التاريخية حول قلعة أمركو، أقرت معظم الروايات القديمة أن القلعة لعبت دورا مهما في الصراعات المرابطيةالموحدية، فهي واحدة من مجموعة من القلع التي بناها المرابطون (1056-1147) لمواجهة صعود لقوى الموحدين.إذ تتحدث المصادر التاريخية عن دور مرحلي لهذه القصبة في منتصف القرن 12 م،خاصة مابين سنتي 1141-1142، حين كانت أمركو على رأس خط الدفاع لمواجهة الهجوم الموحدي. وقد ذكرت كذلك في عام 1145-1146 حين فر إليها المرابطون للاحتماء بعد سيطرة عبد المومن بن عليعلى مدينة فاس. بعد ذلك بزمن قليل، سقطت القصبة في أيدي الموحدين، و منذ ذلك الوقت، لم يعد لهذه المنشأة ذكر مفصل في المصادر التاريخية.

تأسيس:تضارب في التاريخ

خلال وصفه لقلعة أمركو قال عنها محمد حسن الوزان في كتابه وصف إفريقيا إنها مدينة على قمة جبل وهي مهجورة اليوم. وفيما أكدت معظم الروايات التاريخية أن تشييدها يعود للأصل المرابطي، رجح الوزان أن يعود تأسيس القلعة إلى عهد الرومان مستشهدا بأسوار قديمة بها تقرأ عليها بعض الكتابات اللاتينية. وذلك ما أكده أيضا بعض سكان المنطقة الذين قالوا إن هناك لوحة اختفت الآن كانت تبدو عليها كتابة باللاتينية. كما أن هندسة وشكل القلعة يأخذ الطابع الروماني ولا يختلف كثيرا عن مدينة وليلي نواحي مكناس. كما ذهب إلى هذا الطرح أستاذ بالمنطقة سعيد الغولي بن ادريس بن طاهر والذي كان أجداده من المعمرين بالقلعة، قائلا إن القلعة وجدت في عهد الرومان وتعرف عليها المرابطون واستعملوها لصالحهم. وأضاف الغولي في حديثه حول تاريخ قلعة أو قصبة أمركو أنها استعملت كذلك لأغراض لوجيستيكية في فترة الحماية، بحيث استعملها الفرنسيون ضد ثوار عبد الكريم الخطابي خاصة في معركة أنوال في 22 يونيو 1921. وأكد المتحدث ذاته بفخر وهو يتحدث عن منطقته أنها قلعة شامخة شاهدة على الجهاد وإعلاء راية الإسلام وتصنف ضمن التراث العالمي.

تسمية:أمركون أو السمان

آثار قلعة أمركو

آثار قلعة أمركو

عند البحث في أصل تسمية الجبل بـ”أمركو” نجد أنه اسم أمازيغي وهو جمع كلمة أمركة التي تعني الطائر الأبيض الذي به قليل من اللون الرمادي وهو من فصيلة الشحرور. يسمى هذا الطائر بالعربية السمان  ويعتبر من أجمل الطيور وأكثرها فائدة تتميز إناثه باللون الرمادي الفاتح، والذكور بلونٍ رمادي مع لون رقبة بني.ولابد أن المنطقة سميت باسم هذا الطائر نظرا لحلوله بها خاصة في فصل الشتاء عندما يكون موسم هجرته من أوروبا إلى القارة الإفريقية.

نافذة:

+ جرى ترميم أبواب القلعة وأسوارها وأبراجها بعدما طالها النسيان لعقود من الزمن

+ كان بالقلعة سجن لتأديب الجنود الذين كانوا بها في حال قام أحدهم بمخالفات

+ كانت بالقلعة لوحة اختفت تبدو عليها كتابة باللاتينية ما رجح أن تكون قد شيدت من طرف الرومان وليس المرابطين

+ تشكل أمركو حسب كتب التاريخ نموذجا فريدا بتصميمها وتنظيم مجالها وتقنيات بنائها.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7180

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى