صرخة ها العار في أذني الوزير بلمختار- ذ. عبد السلام الوديكي

بقلم عبد السلام الوديكي

بقلم ذ. عبد السلام الوديكي – تاونات

حينما أسندت مسؤولية وزارة التربية الوطنية في حكومة بن كيران الأولى الى السيد محمد الوفا و مباشرة بعد مباشرته مهامه خلف انطباعا جيدا بان قطاع التعليم المهتريء و المنخور بفعل تسلط السوس المتنوع عليه سيعرف تحسنا و ترميما يعيد له بريقه المفقود ، و فعلا كان للإجراءات و الخطوات القليلة التي اتخذها السيد الوزير مفعولا ايجابيا ، و بقدر ما استبشر المتضررون من الفساد في قطاع التعليم خيرا من هذه الإجراءات بقدر ما استيأس المفسدون و الفاسدون الذين لا يجيدون السباحة إلا في الماء العكر و لا يقتاتون إلا حيث توجد مزابل .

لكن انقلب مركب قطاع التعليم في ظل حكومة بن كيران الثانية التي كانت مستجيبة لإرادة اللوبيات و أصحاب النفوذ الذين لم يكن الوفا يرضيهم و لا هم مرتاحين لإجراءاته ، فكان الحل هو إزاحته و الإتيان برشيد بلمختار و هو قد بلغ من الكبر عتيا وزيرا لقطاع التعليم المفترض ان يكون في حاجة إلى شخصية مفعمة بالحيوية و النشاط و مرتبطة بهموم ابناء الشعب البسطاء و خلاقة لإجراءات كفيلة بإنقاذ مركب التعليم الغارق في بحر الفساد و التقهقر و سوء المردودية و تنامي ظواهر الاحتيال و الغش و الانتهازية و المحسوبية الشيء الذي جعل هذا القطاع أشبه بضيعة لا حارس لها كيف يكون حالها مع العمال فيها و بنات أوى المنتهزين للفرص السانحة.

و كانت أولى النتائج السيئة لتولي بلمختار مسؤولية وزارة التربية الوطنية هي امتحانات الباكلوريا و الثالثة إعدادي الجهوية لهذه السنة 2014 ، فخلافا للسنة الماضية التي اتخذ فيها الوفا إجراءات مشددة و كانت له إرادة في إعطاء مصداقية لشهادة الباكلوريا بجعل الامتحانات تمر في أجواء تتكافأ فيها الفرص و يقل فيها الغش ويقوم المسئولون بواجبهم دون تهاون او تقصير او تحايل فأحس الجميع ان هناك امتحانات بالفعل و الدليل على نجاعة تلك الإجراءات هي حالات الغش التي تم ضبطها و العقوبات التي اتخذت في حق الغشاشين ثم النتائج المتدنية التي سجلت بحيث لم تتجاوز نسبة النجاح 40% فضلا عن انحسار نسبة الناجحين بميزات مما يوحي ان نسبة كبيرة من الناجحين من قبل كانت تتم بفضل التحايل و تسهيل الغش ، أما هذه السنة فلم تكن هناك أجواء تشعر بوجود امتحان ، فلا تواجد امني على أماكن الامتحانات و لا حراسة و لو بالحد الأدنى من الضبط داخل هذه الأماكن الشيء الذي جعل الغش فاشيا و باستعمال كل الوسائل المكنة خاصة الالكترونية منها التي استعملت على نطاق واسع و بأريحية تامة حيث استغل الغشاشون حالات تسهيل الغش من طرف المكلفين بالحراسة الذين طرف كبير منهم كان يغض الطرف او يساعد على الغش لكي يتلقوا الإجابات من خارج أسوار قاعات الامتحان حيث كان يتواجد جيش من المجندين لإيصال الأجوبة اما صوتا او عبر الفايسبوك بواسطة الهواتف المحمولة و بشكل علني حيث شاهد ذلك المارة و الجالسون في المقاهي و المتجولون و كأننا في ملعب لكرة القدم حيث يتلقى المتفرجون نتائج مباريات باقي الملاعب .

وفضلا عن هذه الأجواء التي جعلت امتحان الباكلوريا لهذه السنة عبثيا و هزليا فقط ساهمت الإدارة في تفشي الغش و تسهيله من خلال اللجوء إلى انتقاء تلاميذ معينين و وضعهم في قاعات امتحان و اجلاسهم واحدا وراء الأخر حيث تم التعامل معهم بأفضلية و سهل لهم أمر تلقي الإجابات من خارج الأسوار باستعمال الهواتف خاصة الذكية منها دون تضييق ، و لم يقتصر هذا الأمر على امتحان الباكلوريا بل تعداه إلى امتحان الثالثة إعدادي جهوي حيث لعب المفسدون ادوارا في افساد التنافس الجاد بين التلاميذ و صنع نتائج على المقاص ، فلم تكن ثانوية الوحدة بتاونات هي الفريدة في اعتماد أسلوب انتقاء التلاميذ و تخصيصهم بقاعة معينة بل قلدتها في ذلك حتى إعدادية النهضة و تعدتها في كون بعض المشرفين على الامتحان كانوا يترددون على قاعة الامتحان المخصصة للمنتقين فيوضحون لهم ما استشكل عليهم فهمه دون غيرهم في باقي القاعات كما حدث في مادتي العربية و الاجتماعيات و بعضهم كان يمرر بنفسه الأجوبة لبعض التلاميذ و يأتي للتيقن من ان الإجابة قد وصلت وتم التغاضي عن البعض في استعمال وسائل الاتصال دون الآخرين و سمح للبعض بالخروج باستمرار بذريعة الذهاب الى المرحاض لكي يتواصل مع من يمده بالأجوبة كل هذا من اجل جعل هؤلاء التلاميذ المنتقين يحصلون على أعلى النقط ، و بالفعل قد حصل ما خططوا له باعتماد وسائل الغش .

كل هذا حدث و يحدث في قطاع التعليم و السيد بلمختار يوقع مع كل من فرنسا و ابريطانيا عقدة إحداث باكلوريا دولية بالفرنسية و الانجليزية ، وربما سنوقع اتفاقية الباكلوريا العبرية مستقبلا ، فهذه الاتفاقيات لن تعيد الاعتبار للباكلوريا المغربية مع استمرار أيادي الفساد تفعل ما تريد ، و كان عليه اولا ان يحرص ان تمر الامتحانات في أجواء تشعر بكون البلد يشهد اجتياز امتحان لا ان يكون ذلك بمثابة لعب القمار ، و كان عليه ان يشدد الإجراءات لكي يحارب الفساد في قطاع التعليم الذي كان رجل التعليم بالأمس يكاد يقام له تبجيلا ، اما الآن و للأسف أصبح رجل التعليم ينظر اليه انه ذلك الجشع الفاسد الذي لا يهمه الا الإثراء و لو بييع النقط للتلاميذ و ابتزازهم بذلك و تسهيل عملية الغش أثناء الامتحان و التهاون في اداء مهامه في قاعة الدرس بهدف جر التلاميذ الى ساعات الدعم ، اما الإدارة فحدث عن فسادها و لا حرج فهي لا تدير الأمور إلا وفق الزبونية و المحسوبية و الوجاهة فلا اثر للقيم التي تدرس للتلاميذ كمبدأ الشفافية و النزاهة و المساواة و غيرهم فذلك محله الورق فقط …

هذا هو واقع قطاع التعليم يا بلمختار و عليك ان تعيره اهتمامك و تبحث هل فعلا أولئك الذين يحصلون على أعلى النقط قد حصلوا عليها بالجد و الاجتهاد ام بالغش و التحايل و شراء نقط المراقبة المستمرة من الأساتذة و الاستفادة من تسهيل الغش أثناء الامتحان الذي لم يجد هذه السنة من يعيد له الاعتبار بل استخف به ايما استخفاف.

وهذا هو الحال الذي وصل اليه التعليم ببلادنا ، فبدل ان يكون ميدان تربية على القيم و المثل و مبادئ المساواة و الشفافية و النزاهة اصبح ميدان غش و تحايل و فساد و تنشئة أجيال من الغشاشين و المحتالين الذين قد يصل بعضهم الى مواقع المسؤوليات في المستقبل ، و بدل ان نربي التلاميذ على التنافس بالجد و الاجتهاد و الحصول على مراتب مشرفة تعكس الوجه الحقيقي لنظامنا التعليمي ، نزرع فيهم ملكة الغش و التحايل للحصول على اعلى النقط بالتواطىء بين الآباء و الإدارة و رجال التعليم الذين أعطيت لهم الفرصة السانحة من خلال المراقبة المستمرة ليبتزوا التلاميذ و يعلموهم الاتكال على شراء النقط .

ثم يختم الموسم الدراسي الذي مر في اجواء فاسدة بحفلة تكريم للتلاميذ الذين قيل من خلال خطب رنانة تبجيلية أنهم يشرفون آباءهم و المؤسسة حيث درسوا ، لكنه في الواقع حفل تكريم الغش و التحايل و تشجيع على الفساد فهو أشبه بدفع الرياضيين لاستعمال المنشطات بهدف الفوز ، انه حفل نصفق فيه للفساد و نعلي من شأن المفسدين و نحتفي بأساليب الغش التي أفلحت في الإعلاء من شأن البعض و تحبيط البعض الأخر ، هكذا انقلب التعليم من ميدان كان يقال فيه لرجل التعليم : قم للمعلم و فيه التبجيلا الى ساحة حيث يصح ان يقال قم للمعلم و فيه التبهديلا . فهنا يجب عليك يا سيادة الوزير ان تبرهن عن علو كعبك و تعيد للتعليم وجهه النقي الذي لطخه المفسدون و ترجع الثقة في منظومتنا التعليمية التي فقدت فيها الثقة من طرف اباء التلاميذ .

 

Abdel1966@outlook.com

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى