حكم قضائي ضد مستشفى ابن سينا بأدائه تعويضا قدره 1.800.000 درهم
حكم قضائي على المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا في شخص ممثله القانوني بأدائه لفائدة المدعي تعويضا قدره 1.800.000 درهم
المركز الاستشفائي مسؤول عن الأخطاء الطبية التي تحدث للمرضى بداخله…
عدم تبيان المركز الاستشفائي لأسباب تدهور الحالة الصحية للضحية عقب خضوعها للعلاج… يجعله مسؤولا عن الأضرار اللاحقة بها
المحكمة الإدارية بالرباط
حكم عدد 1425 بتاريخ 20 / 11 / 2006
عبد الله لعروسي ضد المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا
باسم جلالة الملك
بتاريخ 20/11/2006 أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
– مراد آيت ساقل: رئيسا،
– بثينة بنعمور: مقررا،
– هدى السبيبي: عضوا،
– بحضور عبد الله بونيت: مفوضا ملكيا،
– بمساعدة السيد سعيد الرامي: كاتب الضبط،
الحكم الآتي نصه:
بين : السيد عبد الله لعروصي نيابة عن ابنته مريم لعروصي، ونائبه الأستاذ محمد سعيد ابنوا الشيخ محامي بهيئة الرباط
من جهة
وبين:
المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط في شخص ممثله القانوني بالرباط، ينوب عنه الأستاذ محمد التوزلتي، محام بهيئة الرباط، الشركة الأطلسية للتأمين في شخص مديرها العام وأعضاء مجلسها الإداري بالدار البيضاء، ينوب عنها الأستاذان أحمد الشاوي و عبد الإله لعلو محاميان بهيئة الرباط الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول بمكاتبه بالرباط، السيد وزير المالية بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط، السيد الخازن العام بمكاتبه بالخزينة العامة للملكة بالرباط، السيد العون القضائي للملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط، السيد وزير الصحة العمومية، بمكاتبه بوزارة الصحة بالرباط. .
من جهة أخرى
[…]
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث قدمت الدعوى في إطار الإحالة الصادرة عن الغرفة الإدارية لدى المجلس الأعلى لملف النازلة على هذه المحكمة قصد البث فيه من جديد بعد ما تم نقضه كليا، الشيء الذي يستتبع مناقشة القضية من جديد بعدما رد النقض النزاع و الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور الحكم المنقوض و يتعين معه البحث من جديد في الناحية الموضوعية للدعوى.
وحيث عين قرار الإحالة النقطة التي وقع النقض من اجلها و المتعلقة بعدم احترام السيد الخبير للنقط المضمنة بالحكم التمهيدي القاضي بإجراء الخبرة الطبية على الضحية، خاصة المتعلقة منها بإطلاعه على ملفها الطبي المفتوح بمناسبة دخولها للمستشفى قصد معالجتها من الأكياس المائية المتواجدة بالرئة اليمنى بتاريخ 26/09/1994 و التي أدت إلى إصابتها يشلل كلي أقعدها الفراش بصفة كلية و بقيت في مصلحة الإنعاش أزيد من سنتين.
وحيث أمرت المحكمة بتاريخ 26/12/2006 بإرجاع الملف إلى السيد الخبير الدكتور عبد الكريم بزاد قصد تحرير تقرير إضافي يتضمن كافة النقط التي تم تحديدها بالحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 14/05/2006 بعد إطلاعه على الملف الطبي للضحية بحضور الدكتور العزوزي على أن الأعراض التي تشكو منها الضحية تعود أسبابها إلى غيبوبة أصيبت بها الطفلة أثناء العملية الجراحية بعد توقف دقات القلب، أدت إلى اضطراب في خلايا المخ و أنه بعد ثماني سنوات أصبحت أعضاؤها مشلولة، مشيرا إلى بلوغ نسبة العجز الجزئي الدائم 100% و نسبة الألم مهمة مع استعانتها الكاملة بالغير مدى الحياة لتدبير حاجياتها اليومية، مما يتأتى معه بعد استيفاء النقطة الواقع النقض لأجلها، مناقشة عناصر المسؤولية من خطأ، ضرر و علاقة سببية قبل الانتقال إلى تحديد التعويض.
1- في عناصر المسؤولية
حيث يهدف الطلب إلى الحكم على المركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط بأدائه لفائدة المدعي نيابة عن ابنته ما مجموعه 3360.000.00 درهم مقابل العجز الكلي اللاحق بها و كذا الأضرار و الإعاقة اللاحقة بها مع الفوائد القانونية من تاريخ النطق بالحكم و النفاذ المعجل.
وحيث أدلى المدعي تعضيدا لطلبه بشهادة الدخول إلى المستشفى بتاريخ 26/09/1994، صورة من شهادة الضعف، صورة فوتوغرافية للضحية قبل العملية و بعدها، صورة شهادة طبية و أخيرا ورقة الدخول للمستشفى.
وحيث و لئن دفع كل من المركز الاستشفائي و كذا الشركة الأطلسية للتامين بعدم ثبوت العلاقة السببية بين الضرر الحاصل للضحية و الخطأ الطبي المنسوب لكون الحادث الذي تشكو منه الضحية هو إنما ناجم عن عوامل لحقت بالطفلة قبل نقلها للمستشفى لتلقي العلاج، مما لا يمكن معه تحميله المسؤولية عن الضرر اللاحق بها، فإن عدم تبيان الإدارة لنوعية أو طبيعة هذا العامل و مدى تأثيره على تدهور الوضعية الصحية للضحية على ما آلت إليه و كذا عدم توضيح الإدارة في معرض جوابها ما إذا كانت الحالة الصحية للضحية التي تم إكتشافها عند التشخيص المبدئي عند دخولها للمستشفى كانت من شأنها أن تؤول إلى وضع الشلل الذي استقرت عليه أو قد يكون من تبعاتها و منه عدم انحراف سلوك الطاقم المعالج عن السلوك المألوف الذي يفرضه عليه الالتزام ببذل عناية و الذي يجعل عليه عبء إثبات و بيان الوسائل التي وظفها في سبيل علاج الضحية.
و حيث إن صورة النزاع تكتسي هنا صبغة الخطأ المرفقي، باعتبار كون امتناع الإدارة عن الإدلاء بالملف الطبي للضحية قصد إطلاع المحكمة عليه حال دون إمكان معرفته مصدر طبيعة الفعل الضار الذي أدى إلى إحداث ضرر للضحية من جهة، و كذا هوية مختلف المتدخلين في علاج الضحية من جهة أخرى، كما أن العلاقة التي تربط المريض الذي يخضع للعلاج بالمستشفى العام تحكمها قواعد القانون العام و تطبق لفائدته القواعد المنظمة لحالات قيام المسؤولية عن الأضرار التي تصيب الأطراف نتيجة نشاط مرفق الصحة مما يتعين معه مساءلة المركز الاستشفائي عن الأضرار اللاحقة بالضحية.
– في الضرر: حيث أكد السيد الخبير أن الضرر يتمثل في إصابة الطفلة بشلل كلي و تعرضها لنسبة الم مهمة مع استعانتها بالغير مدى الحياة.
و حيث إنه إذا كان الفقه و القضاء يسيران على أن التزام الطاقم المعالج ينحصر في بذل جهود صادقة و يقظة في علاج المريض متفقة مع المعطيات الحالية أو المستقر عليها في العلم و أنه يعتبر مخطئا كلما أخل بهذا الالتزام، فإن ما حدث للضحية لا يكمن في عدم تحقيق الغاية المتوخاة من العلاج و التي هي إزالة الأكياس المائية من رئتها اليمنى و إنما في حدوث مضاعفات أثرت على حياتها بصفة جذرية أثناء العملية،و ذلك في غياب توضيح الطاقم الطبي لحقيقة ما حدث للضحية أثناء خضوعها للعلاج، الشيء الذي يفسر لفائدة الضحية و يكون بالتالي الطلب المقدم بشأن التعويض عن الضرر مؤسسا و يتعين الاستجابة له.
2- في تحديد التعويض
حيث يجب على المحكمة، عند تقديرها للأضرار الواجب جبرها عبر التعويض الممنوح للضحية، مراعاة حجم الخطأ الصادر عن المسؤول وكذا طبيعته.
و حيث إن جسامة الخطأ ينظر إليها في هذا المقام من حيث انعكاساته على حياة الطفلة و مدى إمكانية إصلاحه عن طريق إجراء عمليات طبية و كذا نسبة العجز الجزئي الدائم الذي بلغته الأضرار اللاحقة بها.
وحيث لئن دأب الفقه (الفرنسي) إلى اعتبار التعويض المادي للضرر هو بمثابة تعويض عن التوابع المالية للإعاقة، و التي لئن أمهلت المحكمة نائب المدعي لأجل الإدلاء بقيمتها و استنكافه عن ذلك، فإنها و في إطار سلطتها التقديرية تحددها في المبلغ المحدد بمنطوق الحكم و ذلك استنادا إلى سن الضحية و ظروفها الاجتماعية و ما تحملته من آلام و ما تستوجبه حالتها الصحية من الاستعانة بشخص آخر و ما لحقها و أولياؤها من أضرار مادية و معنوية.
و حيث أن طالما المركز الاستشفائي مؤمن على مسؤوليته لدى الشركة الأطلسية للتامين و إعادة التأمين بواسطة البوليصة عدد175.100.5 بتاريخ 30/11/1990 و طالما أنها كانت حاضرة في الدعوى الحالية و ناقشت جميع عناصرها، فيتعين لذلك إحلالها محله في أداء المبلغ المحكوم به.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل ليس له ما يبرره.
وحيث لما كانت الفوائد القانونية وسيلة لإصلاح الضرر الذي تعرض له المتضرر و كان الضرر لا يجبر مرتين،فإن المحكمة قررت رفض الطالب من هذه الناحية.
…
المنطوق
و تطبيقا للقانون 90-41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية و قانون المسطرة المدنية، وكذا الفصلين 79-80 من قانون الالتزامات و العقود.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا و ابتدائيا و حضوريا:
في الشكل: بقبول الطلب
في الموضوع: بالحكم على المركز الاستشفائي الجامعي في شخص ممثله القانوني بأدائه لفائدة المدعي تعويضا قدره 1.800.000 درهم(مليون و ثمان مائة ألف درهم) مع رفض باقي الطلبات و إحلال شركة التامين الأطلسية محل مؤمنها في الأداء و تحميا المدعي عليه الصائر.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر و السنة أعلاه.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.