حكم قضائي لفائدة موظف ضد إدارة المقاومة وجيش التحرير

حكم قضائي إداري لفائدة موظف ضد  المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير

حكم قضائي إداري لفائدة موظف ضد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير

سحب قرار توظيف الطاعن بعد انصرام أجل الطعن بالإلغاء وصيرورته محصنا، يجعله مخالفا لضوابط سحب القرارات الإدارية، وفيه مساس بالحقوق المكتسبة التي ولدها للمعني بالأمر.

المحكمة الإدارية بالرباط

حكم عدد 1530

بتاريخ 30/12/2004

محمد الشريفي ضد الوزير الأول

باسم جلالة الملك

بتاريخ 17 ذي القعدة 1425 موافق 30/12/2004، أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة:
– محمد محجوبي : رئيسا.
– رضا التايدي : مقررا.
– حميد ولد البلاد : عضوا.
– بحضور السيد عبد الله بونيت : مفوضا ملكيا.
– وبمساعدة السيد عبد الحكيم الأحرش : كاتب الضبط.
الحكم الآتي نصه :
بين الطاعن : السيد محمد الشريفي ، نائبه الأستاذ أحمد السويني، المحامي بهيئة القنيطرة.
من جهة
وبين المطلوبين في الطعن :
1. السيد الوزير الأول بمكاتبه بالرباط.
2. المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بمكاتبه بالرباط.
3. السيد وزير المالية بمكاتبه بالرباط.
4. وزير الشؤون الإدارية بمكاتبه بالرباط.
5. الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة المالية بالرباط.
من جهة أخرى
(…)
وبعد المداولة طبقا للقانون ،
في الشكل
حيث قدم الطلب من ذي صفة ومصلحة وداخل الأجل القانوني ، كما جاء مستوفيا لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، فهو لذلك مقبول.
وفي الموضوع
حيث يهدف إلى الحكم بإلغاء القرار الصادر عن المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير رقم 15291 بتاريخ 6/8/2003 ، القاضي بتعذر توظيف الطاعن في درجة محلل ، السلم 10 ، والحكم بإعادته إلى عمله وتسوية وضعيته الإدارية والمادية ، وصرف راتبه الموازي لمنصبه منذ تاريخ توظيفه في 13/8/2001.
وحيث إنه بعد دراسة المحكمة لكافة معطيات القضية والإحاطة بملابساتها، تبين لها أن الطعن أسس على ثلاث وسائل :
1. عيب انعدام التعليل .
2. عيب عدم الاختصاص .
3. عيب مخالفة القانون.
وحيث إنه فيما يخص الوسيلة الأولى المستمدة من خرق مقتضيات القانون رقم 03-01 المتعلق بإلزام الإدارات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، فإنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه، يتضح أنه قد تضمن في صلبه الأسباب التي دفعت الإدارة إلى اتخاذه ، والمتمثلة في عدم إدلاء الطاعن بما يثبت أن دبلوم المعهد المغربي للدراسات العليا بوجدة الذي أرفقه بشهادة خبير في هندسة الإعلاميات المسلم من لدن المدرسة العليا لهندسة الإعلاميات بباريس ، يعتبر شهادة تحضيرية تثبت قضاء سنتين من الدراسة بنجاح ، الأمر الذي يكون معه القرار المذكور قد جاء معللا ومنسجما مع مقتضيات القانون السالف الذكر ، وبالتالي تكون الوسيلة المثارة بهذا الشأن عديمة الجدوى ويتعين عدم الالتفات إليها.
وحيث إنه بالنسبة للوسيلة الثانية المرتكز عليها في الطعن ، والتي أثار فيها الطاعن أن الجهة التي يحق لها إصدار القرار المطعون فيه الذي قضى بسحب قرار توظيفه هي السلطة التي لها حق ذلك التوظيف ، فإنه من الثابت من المذكرة الصادرة عن المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير رقم 28 بتاريخ 29/3/2002 بشأن تفويض الإمضاء إلى رؤساء الأقسام والنواب الإقليميين ، أن هذا الأخير فوض إلى رئيس قسم الشؤون الإدارية صلاحية الأجوبة على!المراسلات الإدارية ، وطالما أن القرار المطعون فيه صدر في إطار الجواب على الرسالة الموجهة من طرف الطاعن إلى الإدارة بشأن تسوية وضعيته الإدارية ، فإن توقيعه من طرف رئيس القسم المذكور يجعله صادرا عن جهة مختصة ، وتكون بالتالي هذه الوسيلة غير مبنية على أساس سليم ، ويتعين ردها أيضا.
وحيث إنه بالنسبة للوسيلة الأخيرة المستمدة من عيب مخالفة القانون ، فقد تمسك الطاعن بكون أن سحب قرار توظيفه بعد انصرام أجل الطعن بالإلغاء، يشكل مساسا بالحقوق المكتسبة التي ولدها له هذا الأخير ، والذي أصبح محصنا ضد أي مسطرة للتراجع عنه بمضي الأجل المذكور.
وحيث أجابت الإدارة المطلوبة في الطعن ملاحظة بأن الحق المكتسب المحتج به من طرف الطاعن لا أساس له من الصحة، على اعتبار أن ترشيحه لمنصب محلل السلم 10 لم يعد بعد نهائيا ، ما دام أن مصالح المراقبة المركزية للالتزام بنفقات الدولة لم تؤشر على هذا الترشيح لعدم توفر المعني بالأمر على جميع الشروط القانونية للتوظيف في الإطار المذكور.
وحيث إنه من الثابت من أوراق الملف ، أن الطاعن تم توظيفه بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في درجة محلل ، السلم العاشر ابتداء من 13/8/2001 ، بمقتضى القرار الصادر عن المندوب السامي بتاريخ 10/9/2001 ، وذلك استنادا إلى دبلوم محلل المحصل عليه من طرفه ، وبناء على اجتيازه للاختبار الانتقائي الذي جرى يوم 23/7/2001 ، وبعد قضائه مدة من العمل بهذه الصفة صدر القرار المطعون فيه بتعذر توظيفه على أساس أنه لم يدل بما يثبت أن دبلوم المعهد المغربي للدراسات العليا بوجدة الذي أدلى به رفقة شهادة خبير في هندسة الإعلاميات المسلم له من لدن المدرسة العليا لهندسة الإعلاميات بباريس ، يعتبر شهادة تحضيرية تثبت قضاء سنتين من الدراسة بنجاح تطبيقا لمقتضيات قرار وزير الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري بتاريخ 25/5/1999 بتتميم القرار المؤرخ في 28/1/1984 بتحديد قائمة الشهادات التي يتأتى بها التوظيف في سلك المحللين ، وهو الأمر الذي يشكل سحبا لقرار توظيفه الأول ، وينبغي محاكمة مشروعيته من هذه الناحية.

وحيث إنه من المعلوم فقها وقضاء أن نظرية سحب القرارات الإدارية تستوجب لقيامها توافر مجموعة من الضوابط تتحدد أساسا في أن يكون القرار المسحوب غير مشروع ، وتم ذلك السحب داخل أجل الطعن بالإلغاء ، بحيث إذا انقضى ذلك الأجل اكتسب حصانة تقيه من مساس به، وذلك على اعتبار أن لجوء الإدارة إلى سحب مقرراتها السابقة يهدد بشكل مباشر استقرار المراكز القانونية للمخاطبين بها ويضعف من مصداقية العمل الإداري ، فضلا عن مساسه بالحقوق المكتسبة التي رتبها للمعنيين بالأمر ، والتي تعد صيانتها من المبادئ العامة التي لا يسمح للسلطات الإدارية بالتراجع عن مقررات خولت للمستفيد منها وضعية إدارية معينة في ظروف خاصة ، ما عدا في بعض الحالات الخاصة التي يصبح فيها السحب ممكنا ولو تم خارج أجل الطعن ، كما لو كان القرار المسحوب مشوب بعدم المشروعية على درجة من الجسامة تنحدر به إلى حد الانعدام أو كان صدوره نتيجة تدليس أو غش من طرف من صدر لفائدته .
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال ، فإنه القرار المطعون فيه المتخذ بتاريخ 6/8/2003، والقاضي بالتراجع عن قرار توظيف الطاعن ، جاء بعد انصرام ما يناهز سنتين على اتخاذ هذا الأخير في 10/9/2001 ، أي خارج أجل ستين يوما التي يجوز خلالها سحب القرارات الإدارية ، وبعد أن شرع الطاعن في ممارسة عمله بصفة فعلية في الإطار الذي وظف فيه ، مما يكون معه قد ولد لديه حقا مكتسبا بإرادة الإدارة ورضاها المعبر عنها في قرار توظيفه ، وبالتالي لم يعد هناك أي مجال لسحب هذا الأخير بغض النظر عن المناقشة بشأن عدم قانونية ذلك التوظيف ، ما عدا في حالة ثبوت أن الطاعن قد استعمل مناورة تدليسية كانت سببا في وقوع الإدارة في غلط حملها على قبول توظيفه ، وهو الأمر الذي ليس هناك ما يفيده في الملف ، بل إن ممثل الإدارة المطلوبة في الطعن السيد لحسن حميدي صرح خلال جلسة البحث المنعقدة بتاريخ 6/5/2004 ، أن توظيف الطاعن تم بناء على دبلوم خبير في هندسة الإعلاميات المسلم له من طرف المدرسة العليا لهندسة الإعلاميات بباريس ، واستنادا إلى الشهادة التي حصل عليها من المعهد المغربي للدراسات العليا بوجدة، والتي اعتبرت الإدارة بأنها تفيد قضاء سنتين تحضيريتين ، ولأن الطاعن تابع دراسته بالمدرسة الفرنسية على أساس الشهادة المذكورة ، ثم إن توظيف هذا الأخير كان على إثر الاختبار الانتقائي الذي نظمته الإدارة بتاريخ 23/7/2001 كما هو ثابت من قرار التوظيف ، وبالتالي كان من المفترض في اللجنة المشرفة على الاختبار أن تتأكد من توفر الطاعن على المؤهلات المتطلبة لولوج الإطار الذي تم تعيينه فيه قبل إعطاء موافقتها ، سيما وأن هذا الأخير يبقى من الصعب عليه معرفة ما إذا كانت الشهادة التي حصل عليها من المعهد المذكور لا تثبت قضاء سنتين تحضريتين، بدليل أن الإدارة نفسها وقعت في خطأ عندما أقرت توظيف الطاعن رغم الصلاحيات المخولة لها في هذا الشأن من أجل التأكد من القيمة القانونية لتلك الشهادة ، وبالتالي عليها أن تتحمل توابع وعواقب عدم احتياطها وضبطها لحيثيات ذلك التوظيف.
وحيث إنه بالنسبة للدفع المثار من طرف الإدارة المطلوبة في الطعن المتعلق بكون أن ترشيح الطاعن لمنصب محلل لا يمكن أن يولد له حقا مكتسبا طالما أن المراقب المالي رفض التأشير عليه، فإن الحق المذكور ترتب لفائدة الطاعن بمجرد صدور قرار التعيين من طرف الآمر بالصرف، ولا يتوقف نفاذه على تأشيرة المراقب المالي، كما استقر على ذلك قضاء الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عبر قرارات متواترة، منها القرار رقم 997 الصادر بتاريخ 10/10/2002 في الملف الإداري عدد 955-4-1-2002، والذي جاء فيه على أن تأشيرة المراقب المالي ليس لها أثر على الحق المكتسب الذي يصبح مصونا بصدور القرار الإداري لصالح المعني بالأمر، وهو نفس الاتجاه الذي سبق أن أكدته في قرارها الصادر بتاريخ 21/10/1999 في الملف عدد 93/115/98، وقرارها رقم 803 المؤرخ في 18/5/2002 ، الأمر الذي يتعين معه استبعاد الدفع المذكور.
وحيث إنه تبعا لذلك، يكون القرار المطعون فيه قد جاء مخالفا لضوابط سحب القرارات الإدارية، وفيه مساس بحق مكتسب للطاعن، مما يجعل الوسيلة المرتكز عليها في هذا الصدد مؤسسة قانونا، ويتعين اعتمادها، والحكم بالتالي بإلغاء القرار المذكور.
وحيث إنه بالنسبة للطلب المتعلق بصرف راتب الطاعن منذ تاريخ توظيفه في 13/8/2001، فإن ذلك لا يخرج عن كونه جزء من تسوية وضعيته الإدارية والمادية كأثر قانوني مترتب عن إلغاء القرار المطعون فيه.
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات المواد 3 و 4 و 5 و 7 و 8 من القانون 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية ، وقانون المسطرة المدنية .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا :
في الشكل: بقبول الطلب.
وفي الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر عن المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير رقم 15291 بتاريخ 6/8/2003، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى