دولة الشياطين في الهواء الطلق – ذ. عبد النبي الشراط
أثارتني مؤخرا فتوى شيطانية صادرة عن (فقهاء دولة الشياطين) مفادها أن الأولوية في القتال و (الجهاد) إنما تكون ضد من أسمتهم قيادة هذه الدولة الوهمية ب: المنافقين والمرتدين، وليس ضد إسرائيل أو اليهود، وبغض النظر عن ما يجري الآن في منطقة غزة الفلسطينية من حرب وتدمير وتشريد وتنكيل بالشيوخ والأطفال والنساء فإن هذه الفتوى /الجريمة/ تعتبر سابقة خطيرة في (فقه الكلب) (بتعبير الدكتور عماد حسن صاحب نظرية آذان الأنعام في الخلق والتطور) فأستسمحه مسبقا لاقتباس هذا التعبير، الذي استخدمه في كتابه الجديد: أمي كاملة عقل ودين.
قبل هذه الفتوى التي صدرت في رمضان المعظم من قبل أقوام رعاع وقطاع طرق، ومع بداية الشهر الكريم كانت هذه الجماعة المدمرة أعلنت بلا حياء عن تأسيس دولتها وقالت إنها دولة الخلافة! وأنا أتأفف عن ذكر الإسم المعلن لهذه الدولة المزعومة وأستبدله باسم: دولة الشياطين في الهواء الطلق.
قبل سنوات أعلنت هذه الجماعة حربها المشؤومة ضد الدولة الوطنية في سورية، ودخلت هذه الجماعة وجماعات إرهابية أخرى الأراضي السورية تحت إسم: الجهاد ضد حكومة بشار الأسد.
داخل الأراضي سورية الصامدة، تعددت الجماعات والمنظمات القتالية.. وكل هذه الجماعات تدعي انتسابها للإسلام مع الأسف الشديد. لكن من كانوا ومازالوا يحاربون في سورية؟
لا شك أنهم كانوا يقتلون أناس يؤمنون بنفس الدين الذي تنتسب إليه هذه الجماعات زورا وبهتانا، قتلوا آلاف المسلمين والمسيحيين تحت يافطة ـ الجهاد ـ وقتالهم هناك لم يكن قتالا لوجه الله كما يدعون، بل دخلوا سورية مدعمين عسكريا ولوجيستكيا من قبل دول محسوبة أيضا على الاسلام.. حيث أغدقت عليهم بعض دول الخليج ملايير الدولارات من أجل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وبالتالي بث الرعب ونشر الفوضى في منطقة استراتيجية وهي دائما في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
بعد فترة طويلة من القتال في سورية، اختلفت هذه الجماعة مع جماعات أخرى فتحول القتال من قبل هذه الجماعات المجرمة الذي كان موجها ضد حكومة وطنية ودولة مستقلة ذات سيادة إلى القتال فيما بين هذه الجماعات التي تدعي كلها الجهاد باسم الإسلام.
وفي غفلة من الزمن استطاعت الجماعة التي أعلنت دولتها الوهمية بداية رمضان هذا العام (2014) تسللت إلى أرض العراق لتختار من هناك إعلان (دولة الخلافة).
بعد هذا الإعلان قدر لي أن أستمع إلى خطاب زعيم هذه الجماعة الذي قيل أنه من وجهه من داخل مسجد في مدينة الموصل العراقية حيث نصب نفسه (خليفة للمسلمين) عبر خطبة جمعة بليدة، كرر فيها بالحرف خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما تولى خلافة المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد اجتماع السقيفة.
المثير في هذا الموضوع أن الكثير من الأغبياء في مختلف العالم الإسلامي أعلنوا مبايعتهم لهذا الخليفة الوهمي ومن ضمنهم مغاربة مع الأسف الشديد. هؤلاء المغاربة الذين هم أصلا محسوبين على دولة قائمة الذات منذ مئات القرون ويقودها أمير المؤمنين وسليل بيت النبوة، حيث ما كان عليهم أن يستبدلوا ولاءهم لرئيس دولتهم الشرعي فيبايعوا (شمكار) مرتزق ينفذ أوامر أسياده الخليجيين والأمريكان والصهاينة.
أنا أتحسر على هذا ـ الخليفة المزعوم ـ الذي لاشك سيِرمى به في البحر ذات يوم، حينما تحترق كل أوراقه وتنتهي صلاحيته المحددة سلفا زمنيا من قبل أولياء أمره الحقيقيين.
تستمد هذه الجماعة بقيادة ـ خليفتها ـ وجودها على الأرض عبر سفك الدماء وتخريب العمران، ولقد رأيناهم في سوريا كيف يتلذذون بأكل أكباد المسلمين ـ وليس الكفارـ وكيف يستمتعون بقطع الرؤوس واستعراضها أمام شاشات التلفزيونات وشبكة الأنترنت، ولم يكن أصحاب هذه الرؤوس المقطوعة إلا مسلمين مؤمنين وليس كفارا أو مشركين أومرتدين.
لعل هذه الجماعات تحسب نفسها أنها الآن في مأمن، معتقدة أن الذين أوكلوا إليها هذه المهمة سيستمرون في دعمها.. بينما العكس هو الذي سيحصل.
سيأتي الدور على أفرادها..واحدا واحدا.. لكن بعد ماذا؟
بلا شك، سيحين وقت قطف رؤوس قادتها بعد أن تنتهي المهمة الموكلة إليهم من قبل أسيادهم..
ولا يحسبن هؤلاء أنفسهم فعلا أسسوا دولة..
لقد أسسوا فعلا ـ دولة ـ لكنها دولة الشياطين والقتلة والمجرمين.
وأحسب أن المسئولية تقع الآن على قادة الدول الإسلامية التي لم تتورط في دعم هذه العصابة الإجرامية الأفاقة التي تتلذذ بقطع الرؤوس وأكل الأكباد.
(*) كاتب صحفي.
من مواليد بني زروال/إقليم تاونات
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.