خبايا عملية انتاج أجود أنواع القنب الهندي بنواحي تاونات

بوجمعة الكرمون-تاونات:”تاونات نت”/ -من السهل أن تغوص في “عالم” الحشيش، وتبحث في تفاصيل عملية إنتاج “الطبيسلة”، بالنظر إلى حساسية الموضوع من جهة، وما يمكن أن ينتج عنه من مضايقات من جهة ثانية، على اعتبار أن عنصر الثقة منعدم بين جل الفاعلين في سلسلة إنتاج هذا النوع من المخدرات، ويبقى شعار “ما شاف ما رى” موجهاً أساسياَ لـ”البزناسة” في منطقة الشمال.

ولأن في التفاصيل يوجد المعنى، ننقل لكم أسرار وخبايا “الطبيسلة”، ومراحل إنتاجها؛ والمعطيات المثيرة، التي كشفها متخصصون في عملية تحويل “الكيف” إلى مادة معجونة.

 “الطبيسلة”..  الحشيش الممتاز !

يرتبط مفهوم “الطبيسلة” بالأداة الرئيسية في عملية إنتاج الحشيش، وهو “الطبسيل” تلك الآنية القصديرية، أو المعدنية الكبيرة، يستخدمها المزارعون لاستخراج الحشيش أثناء عملية التحويل، حيث يشترط فيه أن يكون مقعرا، وقادرا على احتواء “الغبرة”، التي تستخلص من الكيف المجفف.

وتعني “الطبيسلة” في المعنى المتداول بين أهل “الحرفة”، ذاك النوع الجيد من الحشيش، الذي يستخلص من عملية التحويل الأولى، بعد تثبيت الثوب الرقيق فوق الآنية القصديرية.

وقال “جواد.ر.”، شاب من منطقة ضواحي جبال تاونات، سبق له الاشتغال في استخراج مخدر الحشيش، خلال حديثه معنا : إن “الطبيسلة تعني السوبير أو النوع الممتاز في الحشيش”.

 وأضاف:” الحشيش درجات تبدأ ب”السوبير”، وتنتهي إلى “الديشي”، وهو النوع الرخيص، الذي يصل سعره إلى 2 دراهم للغرام.

المرحلة الأولى.. تجفيف المحصول

مراحل طويلة تتطلبها عملية تحويل مادة “الكيف” إلى مخدر الحشيش، وتبدأ بحصد محصول السنة، ووضعه فوق سطوح المنازل لتجفيفه، قبل أن يخزن في البيوت، في انتظار شهر نونبر، حيث تبدأ عملية استخلاص الحشيش من المادة الخام “الكيف المجفف”.

وتحدث “م.ب”، أحد العارفين بخبايا عملية إنتاج الحشيش في منطقة كتامة، وأوضح كيف ينضبط المزارع لطقوس خاصة، يفرضها المكان والزمان؛ مكان العمل وزمان التحويل، على اعتبار أنه “في شهر نونبر تظهر في الأسواق الأنية المعدنية، ويظهر معها الثوب الرقيق، وهي أدوات رئيسية في عملية التحويل.

وأضاف المتحدث نفسه، في تصريح صحافي لنا، أن “المزارعين في منطقة الشمال يشتغلون كثيرا، خلال فصل الصيف، وذلك لحماية المحصول، قبل حصده، وتجفيفه فوق السطوح”.

وأكد المصدر نفسه أن من المزارعين من يعمد إلى تجفيفه خارج البيت، تجنبا لمضايقات محتملة من طرف رجال الدرك، خصوصا بالنسبة إلى المناطق، والقرى الحديثة العهد بزراعة “الكيف.

المرحلة الثانية.. تجهيز أدوات العمل

خلال نهاية موسم الصيف، وبالضبط مع بداية فصل الخريف، تظهر في بعض الأسواق بمنطقة الشمال، خصوصاً كتامة(نواحي الحسيمة)، وتاونات، ووزان، والعرائش وشفشاون.. أدوات خاصة تستعمل في عملية صناعة الحشيش، وهي عبارة عن أنية قصديرية كبيرة، وأنواع من الثوب الرقيق، يطلبها المزارعون لبدأ عملية التحويل.

وقال “ع.ك”، شاب سبق له أن اشتغل في إنتاج “الحشيشة”: إن “النوع الجيد يفرض وضع 8 قطع من الثوب الرقيق فوق الأنية القصديرية، ثم توضع “العشبة” وفوقها قطعة من البلاستيك “ميكا” تحزم الآنية من أطرافها، وذلك تجنبا لتطاير “الغبرة” خارج الآنية المعدنية أو القصديرية.

ويضيف المتحدث نفسه أن العامل يشرع في الضرب فوق “الميكا”، لمدة قد تتجاوز 10 دقائق، وكأن الأمر يتعلق بالضرب على “الباطري”، الذي يستعمله الموسيقيون، قبل أن يزيل الغطاء الفوقي “الميكا”، ويضع بقايا “العشبة” في ركن البيت، ثم يضع كمية أخرى من “العشبة” في المكان نفسه، ويشرع مرة أخرى في الضرب، حيث تتكرر العملية مرات، ومرات.. طبعا حسب كمية المحصول، الذي تمكن المزارع من جمعها.

وفي ختام العملية، تأتي مرحلة جمع “الغبرة”، ووضعها في “سلوفان” لتتحول إلى مادة معجونة، يعتبرها أصحاب الحرفة “السوبير”، أو النوع الجيد، المستخلص عبر 8 أثواب موضوعة بطريقة أفقية.

الإنتاج وإعادة الإنتاج..

بمجرد ما ينتهي المزارع من عملية التحويل الأولى، والتي يراهن عليها كثيرا لربح مبالغ مالية كبيرة، على اعتبار أن “السوبير” يعادل سعره 10 دراهم للغرام الواحد، أي ما يناهز 10 آلاف درهم للكيلوغرام، ينتقل إلى مرحلة تحويل ثانية، لكن بعد مرور مدة من الزمن، وغالبا ما تتراوح المدة بين شهر وشهر ونصف، حيث يتم الانتقال من “السوبير” إلى “المتوسطة”، وهو نوع من الحشيش يستخرج من 4 أو 6 أثواب فقط، وغالبا ما يصل سعر الغرام الواحد إلى 5 أو 6 دراهم، وهكذا يتم الانتقال إلى عملية تحويل ثالثة، والغريب في الأمر، يؤكد واحد من المتحدثين للموقع، أن كل الأنواع تستخرج من “العشبة” المجففة ذاتها.

عشبة “خردالا”..

السؤال، الذي يقلق المزارعين في مناطق زراعة “الكيف”، يرتبط بنوع النبتة، التي تمكن من تحصيل أكبر كمية من الحشيش، حيث يرى عدد كبير أن نبتة “خردالا” تأتي في المرتبة الأولى، على اعتبار أن قنطار واحد من “كيف” خردالا يسمح باستخلاص ما يزيد عن كيلوغرام من الحشيش، ويوفر هامش ربح، يتجاوز 10 آلاف درهم، في حين توفر باقي الأنواع التقليدية ربحا لا يتعدى 7 آلاف إلى 8 آلاف درهم، الشيء الذي يدفع المزارعين إلى الإقبال على “الخردالا.

تقنين الكيف

صادق مجلس الحكومة مؤخرا على مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي (الكيف) في المغرب.

وكشف مشروع القانون، الذي أعدته وزارة الداخلية، أن العديد من الدول لجأت إلى “تغيير مقاربتها بشأن نبتة القنب الهندي من خلال تبني قوانين تروم تقنين زراعتها وتحويلها وتصنيعها وتوزيعها واستيرادها وتصديرها، وتنظيم مجالات استعمالاتها المختلفة”.

وأشارت وزارة الداخلية، في المشروع الذي اطلعت عليهما جريدة “صدى تاونات” و”تاونات نت”، إلى أن المغرب كان سباقا لوضع إطار قانوني ينظم استعمال المخدرات لأغراض طبية من خلال الظهير الصادر في 2 دجنبر 1922، غير أن ظهير 24 أبريل 1954 وضع حدا لزراعة القنب الهندي في كافة الأنشطة المشروعة.

ولفت المشروع ذاته الانتباه إلى اعتماد اللجنة الوطنية للمخدرات المنعقدة في 11 فبراير 2020 توصيات منظمة الصحة العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص شديدة الخطورة والتي ليست لها قيمة علاجية كبيرة.

أوضحت وزارة الداخلية أن دراسات وطنية خلصت إلى أن المغرب “يمكن له أن يستثمر الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانيات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي”.

مجلات الإستعمال

وخلافا لما يعتقد البعض، فإن مشروع القانون أكد أنه لا يمكن تسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته التي وقع تحويلها وتصنيعها، واستيرادها، إلا لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، أي إن المشروع لا يتعلق بالاستعمال الترفيهي للقنب الهندي الذي سيظل ممنوعا.

ويتعلق المشروع حصريا بالاستعمال الطبي؛ إذ إن المزايا العلاجية للقنب الهندي تنكشف أكثر فأكثر من طرف الهيئات العلمية المختصة.

وهو يعتبر فعالا بشكل خاص في علاج الأمراض التالية: الأمراض العصية “التوليدية” مثل الباركنسون والزهايمر… والأمراض الناجمة عن الالتهابات المرتبطة بالمناعة الذاتية وداء التهاب الأمعاء (الكرون).

 كما يعتبر فعالا في علاج بعض الأمراض السرطانية والصرع وعدد من أمراض الجهاز العصبي المركزي

وبالإضافة إلى الاستعمال في مستحضرات التجميل، يستعمل القنب الهندي المشروع في الاستعمال الصناعي؛ إذ يتم استعماله في البناء من خلال ما يعرف بخرسانة القنب الهندي والطلاء الذي يستعمل فيه القنب الهندي إلى جانب الجير لتحقيق العزل الصوتي والحراري.

كما يستخدم في صناعات النسيج، وصناعة الورق، وصناعات السيارات التي توظفه في صنع لوحات القيادة وتقوية الأبواب وأجزاء أخرى من السيارات.
ويستخدم القنب الهندي أيضا في صنع بعض الأغذية الحيوانية، واستخلاص بعد المكونات الغذائية للاستهلاك البشري مثل بعض الفيتامينات والمعادن والأحماض

مقترحات قوانين…

الحديث عن تقنين “القنب الهندي” (الكيف) في المغرب طرح عدة مرات في سنوات سابقة، حيث قدم حزب “الاستقلال ” (معارضة) مقترح قانون مماثل في 2013، يدعو رفع التجريم عن زارعة القنب الهندي ولكنه رفض من قبل الحكومة.

كما قدم حزب “الأصالة والمعاصرة” (معارضة) مقترح قانون أيضا في مجلس النواب في 2014، لكن لم يتم التجاوب معه من قبل الحكومة.

رأي خبير مختص…

الخبير الدولي الدكتور محمد احماموشي (على يمين الصورة)

من ناحيته، قال الخبير الدولي الدكتور محمد احماموشي (مغربي من تاونات مقيم بكندا) ، في حديثه ل”صدى تاونات” و”تاونات نت” “إن اتجاه المغرب يجد سنده في إخراج زراعة القنب الهندي من طور غير مشروع غير شفاف، إلى طور مشروع أكثر شفافية، يسمح باستغلال جوانبه المضيئة التي تتعلق بالاستغلال المشروع في مختلف المجالات خاصة منها الصناعية و الطبية والصيدلية”.

وأوضح احماموشي اول مدير للمعهد الوطني للنباتات العطرية والطبية بتاونات “بأن الخطوة التي كانت خطوة متوقعة تهدف أيضا إلى عزل الاستعمالات غير المشروعة التي قادت الى استغلال فاحش، وأكثر شراسة وفتكا بحقوق الناس “.

وأضاف احماموشي في حديثه:”أنه من مؤشرات هذا التوجه تصويت المغرب، قبل نهاية السنة الماضية، بالإيجاب على إعادة تصنيف لجنة المخدرات بالأمم المتحدة من فئة “الأكثر خطورة” إلى الفئة “الأقل خطورة”، وفتح باب استعمالها الطبي، وقبلها فتح نقاش عمومي سواء في قناة 2م أو في البرلمان من طرف أحزاب بحضور خبراء ومختصين”.

ويرى احماموشي “أن الترخيص للمزارعين يؤدي إلى ضرورة انخراطهم في تعاونيات، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير المختصة المرخص لها مع تحدي العقوبات التي سيضعها القانون للمخالفين سيكون له المزيد من الفوائد”.

رأي المواطنين حول تقنين الكيف

تعود نقاشات نبتة الكيف “الحشيشة” بالمغرب إلى أزيد من قرن من الزمان، حيث سيشهد هذا البلد بعد عام واحد، ذكرى مرور 100 سنة على إصدار ظهير 1919 في عهد الحماية الفرنسية، الذي نصّ على إمكانية زراعة القنب الهندي شرط إعلام السلطات بذلك وفق كمية معيّنة، قبل أن تأتي قوانين أخرى تجرّم هذه الزراعة إلى حد اللحظة.

وأكدت مجموعة من التصريحات ل”صدى تاونات”و “تاونات نت” أن تقنين الحشيش في المغرب فكرة إيجابية، حيث يمكن استعماله لخلق اقتصاد بديل قائم على تحويله لأغراض طبية وصناعية وليس استهلاكه التقليدي كمخدر، إذ طالبوا بتقنين هذه الزراعة نحو استعمالات مشروعة لتحسين ظروف المزارعين لأن غالبية الفلاحين يزرعون الكيف لجني قوت يومهم بما أن الأراضي لا تنبت شيئًا غيره، ولو وجد الكثير منهم بديلًا عن الحشيش، لقاموا به بدل العيش في خوف دائم وحث المواطنين على تقنين نبتة الكيف لكي لا تستمر سمعة بلدنا في التضرر، بما أن المغرب يأتي ثانيًا على رأس زارعي الحشيش بعد أفغانستان، في حين تقوم السلطات الأمنية باعتقال المستهلكين الذين يدخنون هذا المخدر.

ومن جهة أخرى أفادت بعض التصريحات أن تقنين الحشيش في المغرب فكرة سلبية لأن التدخين بصفة عام مضر بالصحة ويأثر على القدرة الإدراكية للشخص، التي تتضمّن تنظيم وتحليل المعلومات المهمة التي تتطلّب تفعيلاً للذاكرة والانتباه، وقد يؤدي كذلك إلى ضعف التركيز، ومشاكل في التعلم، وفقدان الذاكرة.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى