الإعلامي إدريس الوالي في ورشة بالرباط:يعيش الإعلام الجهوي في المغرب هشاشة ما بعدها هشاشة
الرباط- متابعة خاصة:”تاونات نت”/-قال الإعلامي إدريس الوالي أن “احترام أخلاقيات المهنة من طرف المقاولات الإعلامية بغض النظر عن الرقعة الجغرافية التي تصدر منها، وبغض النظر عن كونها مرئية أو مسموعة أو مكتوبة أو إلكترونية، أو لها امتداد محلي أو جهوي أو وطني أو حتى دولي،هو واجب وضرورة”.
وأكد الوالي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الجهوية في ورشة عمل حول موضوع “أخلاقيات مهنة الصحافة بين التنظيم الذاتي والنموذج الاقتصادي” التي نظمها “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب” مؤخرا بأحد الفنادق المصنفة بمدينة الرباط “أن هذا الاحترام من شأنه أن يلعب دورا في صنع مصداقية المؤسسة الإعلامية بشكل خاص وبالصحافة بشكل عام، وأن يساهم في تأثيرها وعكس ذلك، فلا تتصوروا حجم الإساءة
التي يمكن أن تحدثها في حق المواطنين، والجماعات والمجتمع بل ينتهي هذا الخرق بتشويه سمعة الصحافة“.
وسجل أنه “ليس بالمنطقي بتاتا ولا من المعقول تبرير خرق مهنة الصحافة بعلة الظروف المادية الصعبة التي تعرفها بعض المقاولات الإعلامية أو بعلة عدم الإلمام بالقوانين”.
وأضاف في هذا الشأن أن “الصحافي الذي يحترم نفسه ويلتزم بأخلاقيات مهنة الصحافة لا يمكن له إلا أن يقوي شخصيته وتزداد مصداقيته في المجتمع وتأثيره بل هذا يشكل قيمة مضافة للصحيفة التي يعمل فيها الصحافي…”.
وبخصوص الصحافة المحلية قال إدريس الوالي أن “عنصر القرب في الصحافة المحلية أو الجهوية من أهم العناصر التي تقف وراء نجاح هذه الصحافة، ويقصد بعنصر القرب لكون الجريدة المحلية هي الأكثر التصاقا باهتمامات وتطلعات المواطنين محليا، مقارنة مع الصحف التي تصدر من المركز والتي دأبنا على تسميتها بالصحافة الوطنية، حيث أن الصحافة الجهوية بهذا المعنى تقدم للقارئ أخبارا ومعلومات عملية تهم محيطه وتواكب مستجدات منطقته، وتقدم له أحداث وملفات تهم الشأن المحلي منها السيئة والجميلة، ما يقوي ارتباط القارئ بها أكثر من الصحف ذات البعد الوطني…”
وأضاف أن هذا العنصر-إلى جانب عناصر أخرى طبعا – مرتبطة بالمهنية والهيكلة والموارد البشرية وعوامل أخرى وراء نجاح تجربة الصحافة الجهوية في عدد من دول الغرب، مسجلا مثلا أن الصحافة اليومية أو الأسبوعية الجهوية بفرنسا أو إسبانيا تعرف انتعاشا مهما وتحقق رواجا كبيرا إلى درجة أن قراءها يقدرون يوميا بالملايين وعكس هذه الوضعية، يعيش الإعلام الجهوي في المغرب هشاشة ما بعدها هشاشة بل أزمة بنيوية كبيرة بسبب عدة إكراهات ومشاكل…”.
وفي هذا الصدد قال الوالي للحاضرين وللمتتبعين عبر الفيسبوك /الصفحة الرسمية الخاصة ب” المنتدى المغربي للصحافيين الشباب “تعالوا نتأمل في هذه الأرقام التي سأقدمها لكم :وصل عدد الصحف الجهوية الصادرة سنة 1998 إلى حوالي 150 منبرا جهويا.وفي سنة 2005 أفادت وزارة الاتصال دائما أن الصحف الجهوية بلغ إلى 74 منبرا جهويا،وفي سنة 2019 إنخفض إلى أقل من 20 منبرا مكتوبا ؛ أما المقاولات الإعلامية الجهوية المدعمة الآن أي الحاصلة على رقم اللجنة الثنائية فعددها لا يتجاوز 12منبرا جهويا مكتوبا بينما المقاولات الإعلامية الجهوية الإلكترونية المدعمة لا يتجاوز عددها منبرين أو ثلاثة…”
وبناء على هذه الإحصائيات يظهر لنا واقع الصحف الجهوية ببلادنا ونكتشف أن عدد الصحف الجهوية المستفيدة من الدعم العمومي هي قليلة جدا خاصة علما أننا نتغنى بالجهوية…”
وفسر الوالي هذه الوضعية قائلا :”بطبيعة الحال يعود ضعف استفادة جزء عريض من هذه الجرائد إلى ضعف الدعم العمومي للصحافة الجهوية بالمقارنة للصحافة الوطنية مشيرا أن الصحف الجهوية المدعمة ببلادنا كانت تحصل على 20 مليون سنتيم سنويا قبل سنة 2014 قبل أن تخفض إلى أقل من النصف من جهة ومن جهة أخرى عدم قدرتها على الاستجابة للشروط المنصوص عليها في برنامج الدعم العمومي للصحافة والتي تنص على أن تكون الصحيفة الجهوية عبارة عن مقاولة إعلامية، تشغل 3 صحافيين على الأقل وتضمن التغطية الإجتماعية (CNSS) لذلك ظلت الإستفادة، حسب الشروط الواردة في برنامج الدعم العمومي موجهة أساسا في جزء كبير منها إلى المقاولات الإعلامية الوطنية، ولم يعمل هذا الدعم العمومي بالنسبة لجزء مهم من الصحف الجهوية أو المحلية على تحسين أدائها ومن رقعة انتشارها، ولا تطويرها للأسف الشديد“.
وحسب دراسة ميدانية أنجزت حول منصة الصحافة بالمغرب من إعداد الصحافيين يونس مجاهد ومحمد سعيد فإن 62,1%من الصحافيين يعملون في الرباط وأن 32,2 % يعملون بالدار البيضاء، و 4,7 % فقط من الصحافيين يعملون خارج هذا المحور.
وبالرغم من أن هذه الدراسة لم تقدم معطيات حول وضعية الصحافيين في جهات المملكة، إلا أنها تقدم مؤشرات هامة حول الوضع الاجتماعي العام للصحافيين وحول مستوياتهم التعليمية، حيث تسجل أن نسبة قليلة من الصحف هي التي تعتمد على المتخرجين من المعهد العالي للإعلام والاتصال، وتضيف بأن 4 صحافيين فقط من أجل 10 هم من تلقوا تكوينا له علاقة بالإعلام و4,1 %منهم لا يتوفر على أي مستوى تعليمي، في حين أن 6%منهم لم يستكملوا إلا الدراسة الثانوية و 39,1 % من الصحافيين هم من خريجي كليات الآداب والعلوم الإنسانية والحقوق…
وهذه معطيات كافية لنعرف واقع الإعلام ببلادنا بصفة عامة والإعلام الجهوي بصفة خاصة…
من جهة أخرى إستعرض إدريس الوالي “بعض الإكراهات والمشاكل التي إعترضت مسيرة جريدة “صدى تاونات” التي تأسست في 15مارس1994 (27سنة من الصدور المنتظم وبدون إنقطاع) على رأسها مشكل الطباعة ومشكل التوزيع وعقلية وعراقيل بعض المسؤولين المحليين والمنتخبين ومشكل الإشهار والموارد البشرية وضعف الدعم العمومي ومشكل التكوين فضلا عن المشكل العويص وهو إشكالية قراءة الصحف…
وفي الختام وجه إدريس الوالي “تحية إجلال وإكبار وتقدير لكل المنابر الجهوية المكتوبة القليلة التي ما زالت تكافح من أجل البقاء رغم كل الإكراهات والعوامل والمثبطات وما أكثرها… بعضها له علاقة بالهيكلة، والبعض الآخر له علاقة بالتنظيم، وجزء من الصعوبات ارتبطت بالتأهيل وبرامج الدعم وجانب منها له ارتباط ببنيات الطبع والتوزيع والقراءة…”.
ودعا الوالي الصحافيين الشباب المغاربة سواء المشتغلين في الصحافة الوطنية أو الجهوية إلى “التحلي بالقواعد القانونية والأخلاقية والتشبت والإلتزام بميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة“.
وتجدر الإشارة أن هذه الورشة المهمة التي نظمها “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب” الذي يرأسه الصحافي سامي المودني، في إطار مشروع ) الترافع من أجل حرية الإعلام ( جرى تنظيمها في احترام التدابير الاحترازية للوقاية من مخاطر العدوى بفيروس كورونا المستجد كوفيد- 19؛حيث شارك فيها كل عبد الكبير إخشيشن، رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وعبد الغني بردي، مسؤول التواصل والعلاقات العامة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومحمد العوني، رئيس منظمة حريات الرأي والتعبير وسعيد خمري، أستاذ جامعي للعلوم السياسية والتواصل السياسي وفاعل حقوقي ويونس مسكين، صحافي ومدير نشر سابق ليومية “أخبار اليوم” وطبعا ادريس الوالي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الجهوية.