إبن تاونات الدكتور امحمد الزرولي يصدر مؤلفه السادس بعنوان:”الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للمغرب في القرن 21″

ادريس الوالي-الرباط:”تاونات نت”/-أصدر إبن تاونات الدكتور امحمد الزرولي،وهو حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية وعضو اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية، كتابه السادس حول اشكالية ذات راهنية كبرى وتوجد في صلب اهتماماته العلمية منذ عدة سنوات، تحت عنوان:”الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للمغرب في القرن الواحد والعشرين:أية مفاهيم جديدة؟ لأي مسار مستقبلي للتنمية؟”.

الكتاب باللغة الفرنسية صادر عن مطبعة ” المعارف الجديدة “بمدينة الرباط ؛ ويضم 432 صفحة.

وتكتسي الاشكالية التي تطرق اليها المؤلف –حسب بلاغ توصلنا به من الدكتور الزرولي حول هذا الكتاب القيم- حصافة علمية وقيمة استراتيجية وعملية لا جدال فيهما، خاصة في سياق النداءات الملكية لإعادة النظر وتجديد النموذج التنموي وتعيين لجنة لهذا الغرض، وعلى ضوء الأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تداعيات الجائحة العالمية كورونا 19، مع ما ترتب عن ذلك من إعادة الاعتبار للدولة الاستراتيجية والمتدخلة والضابطة، وكقوة عمومية مدافعة عن الصالح العام، ومع اعادة النظر في النظريات الأرثودوكسية لليبيرالية الجديدة المتعلقة بالاقتصاد الكليللسوق والتبادل الحر وتقزيم دور الدولة وكذا في المقومات الأساسية لتوافق واشنطن بشأن تحرير الاقتصاد والمبادلات الخارجية والضبط الميزانياتي واعادة النظر في القوانين والمساطر.

وقد هزت هذه الأزمة الانكماشية العالمية مسارات النمو والنماذج الوطنية للتنمية وحطمت المعتقدات الراسخة بشأن التوازنات الماكرواقتصادية والمالية والموازناتية ومستويات العجوزات والمديونية المسموح بها، مرغمة الدول على التدخل بشكل كبير من خلال اجراءات استعجالية قصيرة المدى ومخططات للإنعاش الإقتصادي على المدى المتوسط لدعم الاستثمارات واعادة الهيكلة واعادة توطين المشاريع الصناعية، وكذا الاختراعات التكنولوجية بنفس الوطنية الاقتصادية والتأميمات، بالإضافة الى تقديم المساعدات لتسريع الانتقالات الأيكولوجية والمناخية والرقمية واعادة الاهتمام بالمجالات الترابية ومحاربة الفوارق الجهوية والاجتماعية وعجوزات التنمية البشرية المستدامة، وذلك بشراكة مع الجهات.

وقد اعتمدت المقاربة التي انتهجها المؤلف في تحليله لإشكالية الجهوية المتقدمة وتجديد النموذج التنموي للمغرب كدولة أمة أحادية، لاممركزة وفي طريق جهوية متقدمة، على مسلمة التلازم والارتباط العضوي ما بين البناء الجهوي والبناء الوطني والدولتي بالمغرب، مع اعتبار أن الاقتصاد العام لنموذج الجهوية المتقدمة مرتبط عضويا ومتداخل مع الاقتصاد العام للنموذج الوطني، بمواطن قوته وضعفهوبمؤهلاته وطموحاته بحيث أن طبيعة وحجم ووزن الجهوية المتقدمة مستقبلا في ميدان الاستثمار والتنمية سيكون لها وقع عميق على طبيعة المسار المستقبلي لنموذج التنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمندمجة ذلك، أنه على البناء الجهوي لمغرب القرن الواحد والعشرين وأكثر من أي وقت مضى، أن يساهم بشكل أكبر في بناء الوطن الأحادي والأوحد في تنوع جهاته ومجالاته الترابية وتعدد روافده الاثنية والثقافية، وفي تقوية وتحديث الدولة الأمة في مشروعيتها الديمقراطية وفعاليتها الاقتصاديةونجاعتها الإجتماعية وكذا في قدراتها على التجنيد والاندماج والادماج.

ومن هذا المنظور،فان الأطروحة المركزية لهذا الكتاب تشكل ترافع من اجل مسار جديد لنموذجالتنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمستقلة والمندمجة، مع مركزية عضويةللجهوية المتقدمة الارادية، واعتبارها كركيزة للإدماجوالإلتقائية  وكمحرك للدفع بمختلف الديناميات السوسيو اقتصادية والمجتمعية والترابية للتنمية. وعلى هذا الأساس، فان التوجه العام للمسار المستقبلي للتنميةسيتأثر بشكل عميق بحجم ووزن وطبيعة الأعمال الاستراتيجية وبالمشاريع الجهوية المهيكلة وبعمق الإصلاحات الهيكلية وبأهمية المجهود العام للإستثمار والتنمية الذي ستضطلع به الدولة وتفرعاتها والجهات والجماعات الترابية الأخرى، وكذا بمستوى التجنيد الجماعي للنخب المستنيرة ولكافة أطراف التنمية في الجهات.

وبناء على ادراج تنوير تاريخي لمسارات النموذج التنموي الذي يوجد في مفترق الطرق(1)، وعلى تحليل التنمية الوطنية والجهوية المتفاوتة والمتقاطبة وذات السرعات المتعددة(2)، قام المؤلف كذلك بدراسة التحديات الهيكلية المستقبلية للتنمية بهدف توضيح المعالم المستقبليةمن أجل تخطيط استراتيجي وحكامة ديمقراطية في أفق 2050 متمحورة على صدارة الجهة وأفضلية المجال الجهوي(3)، وبالترافع من أجلمسار جديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية بالمغرب، مع مركزية عضويةللجهوية المتقدمة الإرادية، على أساس مقاربة منهجية ومفاهيم جديدة وسيناريوهات مستقبلية اختيارية(4).

وعلى ضوء مستنتجات تحاليل المسارات السابقة للتنمية بالمغرب، واعتبارا للتحديات الداخلية والخارجية المقبلة  وللرهانات المشروعةوكذا للتجارب المقارنة عالميا لدول نجحت في دخول نادي الدول الصاعدة ومنها من أصبحت دولا متقدمة، يعتبر المؤلف أن الاعتماد الناجح للقطيعات الهيكلية والادراج الايجابيلنقطالتحول المحوري للمسار الجديد للنموذج  التنموي وللجهوية المتقدمة الارادية، يبقيان رهينين بثلاث مسلمات، الأولى وهي الوعي الجماعي باستحالة مواصلة المسار الحالي الذي تعوزه الاستدامة و يشكو من الفعالية المتوسطة ومن بطء في التقائية التنمية، الثانية وهي استحالة اعتماد نموذج جديد للتنمية، مع وضع النموذج الحالي بأكمله جانبا، والذي يتوفر رغم ظهور علامات ومؤشرات على تقهقره وتراجعه، على ايجابيات ثابتة، وقدرات جماعية لامادية ونقط قوة يمكن البناء عليها، وذلك بتقوية الدعامات الصلبة الموجودة وبإدراج دعامات جديدة حاملة لجيل جديد من الاصلاحات، والثالثة وهي احداث تحول في مفاهيم التنمية والتحكم في عقد التحول وأسس اعادة البناء.

وفي هذا السياق، فان الترافع المركزي( الأطروحة المركزية) الذي يدافع عنه المؤلف يرتكز على ثلاث دعامات-ركائز متكاملة للتحليل:

أولا: اعتماد منظور متجدد للتنمية مرتكز على معرفة جماعية ذكية للمكتسبات الواضحة التي يجب تقويتها، وعلى التبعيات التاريخية للمسارات التي يجب تدعيمها وعلى نقط الضعف التي وجب معالجتها من منظور شمولي كفيل بتجاوزها ،

ثانيا:مباشرة القطيعات الهيكلية المرتبطة بالرهانات المستقبلية والتحولات الاستراتيجية للمسار الجديد للتنمية وللجهوية المتقدمة الإرادية (أ)باعتماد مقاربة جديدة ورهانات مستقبلية للمسار الجديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية المندمجة،(ب)واحداث  تحول في مفاهيم التنمية، (ج)واعداد سيناريوهات مستقبلية اختيارية وبلورة  مضمونها على سبيل الاستعراض المقارن من أجل اختيار السيناريو الأفضل الحامل للطموحات الوطنية.

وثالثا:احداث التحول الهيكلي والصعود الاختياري والمساواة في الحظوظ مع تفضيل الخيار الارادي للجهوية المتقدمة، من أجل تنمية شاملة ومستقلة، معتمدة على طموحات مشروعة وثقة قوية  وأمل حقيقي في مستقبل أفضل ، بناء على المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي والتعاقد الاقتصادي والاجتماعي المتجدد، من أجل بناء مغرب مزدهر تحت الريادة الملكية.

ومن شأن اعتماد مقاربة جديدة للتنمية أن يمكن من اعادة التفكير وتجديد أسس النموذج والبناء الجماعي لمساراته الجديدة اعتبارا للتحديات الهيكلية المرتبطة بالتطور الديمغرافي على المدى البعيد وللرهانات والطموحات المشروعة للأمة المتعلقة بتقوية الانتقال الديمقراطي وتسريع التحول الهيكلي وتكثيف التشعب الاقتصادي والتنافسية التكنولوجية والتجديد المؤسساتي والسياسي وتقوية التأهيل الاجتماعي والجهوي والإنجاز الملموس للمساواة في حظوظ وفرص الولوج للتنمية وكذا اقرار التماسك الاجتماعي والترابي  والتآزر الجهوي.

فالوعي الجماعي بضرورات مسار جديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية المندمجة، مع مركزية عضوية للجهوية المتقدمة الارادية- كمكون من الإصلاحات الهيكلية من الجيل الرابع- في صلب بلورة وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات التنموية الجدييدة، يعني أن خيار الجهوية المتقدمة الذي يتعين  اعتماده يجب أن يكون خيارا اراديا  ومتطابقا مع الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011 ولخطاب أكتوبر بمناسبة افتتاح الدورة الاولى للبرلمان الخاصين بتجديد النموذج التنموي، حتى يتسنى لهذا الخيار أن يعطي أكله  وآثاره الهيكلية على التنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمندمجة، وعلى تحديث تنظيم وسير الدولة  وعلى الحكامة الديمقراطية الوطنية والترابية،  وكذا على تقوية التماسك الاجتماعي  والاندماج الجهوي…

فهذه المقاربة الجديدة للتنمية التي تجعل من الجهوية المتقدمة الارادية محركا للتحولات الهيكلية لبلادنا  وورشا كبيرا في صلب الرهانات الحالية والتحديات الداخلية والخارجية المستقبلية للتنمية الوطنية والجهوية الشاملة والمستقلة والمندمجة، تحتم اقرار تحول في مفاهيم الاستراتيجيات والسياسات التنموية المقبلة وبلورة سيناريوهات مستقبلية اختيارية بحيث يتعين على المفاهيم الجديدة (أ)أن تكون حاملة للتطلعات الاستراتيجية للمسار الجديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية المندمجة، (ب)وأن تعبر بشكل أفضل على جدلية  وتداخل أهداف التنمية في عالم معقد ومشتت بالتفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والجهوية وبالانكسارات الرقمية والايكولوجية والجغرافية، (ج)وأن تكون قادرة على ترجمة مرامي التنمية على مستوى تقوية الاختيارات الديمقراطية السيادية، واستقلالية القرار الوطني واقرار التنمية البشرية المستدامة وحقوق الانسان بكل أجيالها، والإلتقائية الجهوية السريعة، والتحول الهيكلي المتسارع والتنمية الشاملة والمستقلة وكذا الصعود الارادي الاختياري المرتكز على الوطنية الاقتصادية المتجذرة في الجهات والمجالات، بناء على اندماج موفق في سلاسل القيم الشاملة وديناميات العولمة. وعلاوة على مبادئ الفعالية والنجاعة والتنافسية والانتاجية، يتعين على المفاهيم الجديدة للتنمية أن تأخذ بعين الاعتبار الاندماج والتماسك والاستدامةوكذا المساواة المنصفة في الحظوظ  والفرص، بالاعتماد على جهات رابحة في اطار جهوية متقدمة ارادية متطابقة ومتناسقة مع المشروع المجتمعي الحداثي والتعاقد الاقتصادي والاجتماعي المتجدد، من أجل بناء مغرب مزدهر بطموحات مشروعة  وثقة قوية وأمل حقيقي في مستقبل أفضل.

وبناء على ثلاثة مفاهيم للتنمية، قام المؤلف بتحاليل ومقاربات  تعتمد على تقاطعات ما بين ثلاث اختيارات ليبيرالية متباينة للتنمية السوسيو-اقتصادية وما بين  ثلاث اختيارات للجهوية المتقدمة ، مكنت من بناء ثلاثة سيناريوهات مستقبلية اختيارية للمسار المستقبلي للنموذج التنموي وللجهوية المتقدمة في أفق 2050.

ومن بين السيناريوهات الثلاثة (غير مرغوب فيه، غير مستدام، مستحب)، اختار المؤلف الترافع على السيناريو المستحب المبني على مفهوم الليبيرالية المضبوطة وذات الوجه البشري، كقاعدة لمباشرة واعتماد الجهوية المتقدمة الارادية ولمسار جديد لنموذج التنمية الوطنية والجهوية المندمجة.

ويحمل هذا السيناريو في طياته طموحات مشروعة لتحقيق التنمية الشاملة والمستقلة والمندمجة والدامجة،وكذا التحول الهيكلي المتسارع  والحكامة الديمقراطية الوطنية والترابية الحديثة والتنمية البشرية المستدامة والإلتقائية الجهوية السريعة، التي من شأنها أن تبوئ المغرب مكانة متميزة في سلاسل القيم العالمية وفي نادي الدول الصاعدة، مع اعتماد شراكة ما بين القارات الثلاث افريقيا وأوروبا وأمريكا مع جعل الصحراء المغربية كجسر مباشر ومنصة متقدمة، باندماجها النهائي للوطن أو بتمتيعها بحكم ذاتي جهوي وحدوي تحت السيادة المغربية التي تم الاعتراف بها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية في 10 دجنبر 2020.

وقد شكل هذا التوجه الارادي والطموح موضوع الركيزة الثالثة للأطروحة المركزية لتجديد النموذج التنموي المغربي، والتي خصصها المؤلف، أولا لمتطلبات تسريع التحول الهيكلي والاندماج الاقتصادي والادماج الاجتماعي وتحسين المحتوى التكنولوجي وتنافسية الاقتصاد المغربي، وثانيا للدفاع عن الخيار الارادي للجهوية المتقدمة كمحرك لاستغلال المؤهلات الذاتية وضمان المساواة في الحظوظ، متطابق مع المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي لمغرب مزدهر وكشريك أساسي وعامل توازن واستقرار واستتباب السلم والأمن في المنطقة الأورومتوسطية وافريقيا والعالم العربي، وثالثا وأخيراالى الاقتصاد السياسي للصعود من أجل الدفاع عن تنمية وطنية مستقلة وداخلية وعن الصعود الارادي الاختياري وعن الاندماج الموفق في سلاسل القية الشاملة وفي ديناميات العولمة.

وتجدر الإشارة أن الدكتور امحمد الزرولي من مواليد مدينة تاونات، حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية سنة 1996  حول موضوع ” بناء الجهة الاقتصادية بالمغرب”، بكلية الحقوق الرباط – أكدال، جامعة محمد الخامس ودبلوم الدراسات العليا في اقتصاد التنمية سنة 1989 حول موضوع “مقاربة جهوية القرار الاقتصادي بالمغرب”، بكلية الحقوق الرباط– أكدال، جامعة محمد الخامس وعلى الإجازة في العلوم الاقتصادية سنة 1979 بكلية الحقوق ضهر المهراز بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله.

الدكتور الزرولي  قام بتأليف العديد من الكتب باللغة الفرنسية على رأسها:

-الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للمغرب في القرن الواحد والعشرين: أية مفاهيم جديدة؟ لأي مسار مستقبلي للتنمية ؟ الرباط – يناير2021.

-السلطات الجهوية، الدول الوطنية والاتحاد ألمغاربي: أي استقلالية جهوية لأي وحدة وطنية ولأي اندماج مغاربي في سياق الانتقالات الديمقراطية ؟ الرباط – يناير2012.

-العالم العربي:الحكامة الديمقراطية والتنمية الاجتماعية المستدامة. منشورات عكـاظ 2003 الرباط.

-بناء الجهة الاقتصادية بالمغرب: مقاربة مستقبلية – الرباط -منشورات عكـاظ 1996.

-الجهة الاقتصادية بالمغرب: أي مستقبل؟ الرباط – منشورات عكـاظ 1990.

-من أجل استراتيجية مبنية على التشغيل وتلبيـة الحاجيات الأساسية للسكـان بالمغرب( بتعاون)،الرباط- دار النشر كسوس 1991.

الكاتب الدكتور امحمد الزرولي متزوج وأب لثلاثة (3) أطفال.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7248

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى