5 سنوات على انتخاب أعضاء المجالس المنتخبة بإقليم تاونات…ماذا تحقق ؟؟
أوسامة الأورابي –الورتزاغ:”تاونات نت”/-أصبحت الجماعات الترابية تحتل مكانة متقدمة في خارطة التنظيم الترابي للمملكة، في ظل ما أصبح يخوله لها الدستور والقانون العام من اختصاصات واسعة، نتيجة التطورات التي رافقت مسلسل الانفتاح الديمقراطي الذي أعلنه المغرب سنة 2011 كمرحلة انتقالية، بالموازاة مع دخول ورش الجهوية المتقدمة حيز التنفيذ سنة 2014، والذي راهنت الدولة على جعله مدخلاً أساسياً لديمقراطية محلية واثقة في كفاءتها و في قدرتها على تسخير مواردها الطبيعية وتوظيف رأسمالها البشري في إشرافها على تدبير ناجع للحكامة المحلية تظهر نتائجه جليا للمواطنين بشكل ملموس، مكرسة بذلك تنمية محلية مستدامة ومندمجة في محيطها الإقليمي و الجهوي و الوطني، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وبيئياً…
وتشكل الجماعات الترابية أحد مستويات التنظيم الترابي للمملكة حيث تخضع للقانون العام وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري. ويعتمد تدبيرها لشؤونها على مبدأ التدبير العقلاني الحر الذي يتيح لها سلطة التداول الديمقراطي وتنفيذ مداولاتها ومقرراتها التي تهدف إلى الاستجابة لمتطلبات ساكنتها وتطلعات مجالها الترابي. كما يعتمد على مبدأي التضامن والتعاون بينها وبين الجماعات الترابية الأخرى داخل وخارج المملكة، أو مع فاعلين أجنبيين بهدف تحقيق أهداف مشتركة عبر إبرام اتفاقيات توأمة، أو من خلال الحصول على تمويلات في نفس الإطار بعد موافقة السلطات العمومية.
وتمارس الجماعات الترابية مهامها من خلال إعداد برنامج عمل الجماعة الذي يعد بمثابة الإطار المرجعي الذي يسمح لها ببرمجة مشاريعها بمقتضى اختصاصاتها الذاتية التي خولها لها القانون في مجال التدبير العقلاني الحر، بانسجام مع توجهات برنامج التنمية الجهوية، و وفق منهجية تشاركية مع المجتمع المدني، وبتنسيق مع عامل الإقليم بصفته مكلفاً بتنسيق المصالح اللا ممركزة للمصالح الإدارية المركزية. كما تمارس مهامها في إطار اختصاصات مشتركة بينها وبين الدولة في مجالات تنمية الإقتصاد المحلي، وإنعاش الشغل، والمحافظة على خصوصية التراث الثقافي المحلي وتنميته، وتشجيع الاستثمارات الخاصة ولا سيما انجاز البنيات التحتية والتجهيزات، والمساهمة في إقامة مناطق للأنشطة الاقتصادية لتحسين ظروف عمل المقاولات. وكذا في إطار اختصاصات منقولة من الدولة إلى الجماعة عن طريق التعاقد، و التي تتحدد اعتماداً على مبدأ التفريع في مجالات حماية وترميم المآثر التاريخية والتراث الثقافي، والحفاظ على المواقع الطبيعية.
غير أن وضعية المجالس المنتخبة التي أفرزتها صناديق الاقتراع يوم الرابع من شتنبر 2015، على الأقل في إقليم تاونات المعروف بهشاشته وتضاريسه الوعرة… المتسمة بضعف التأطير السياسي، ومحدودية التكوين المعرفي. يجعل منها عائقاً أساسياً أمام إحداث التغيير المنشود و مواكبة آليات و مستلزمات البناء التنموي لدمج الإقليم المصنف من بين الأقاليم الأشد فقرا بالمملكة، في سلم التنمية، والنمو، والتقدم الذي يعرفه المغرب عموماً، على الرغم من ترسانة الصلاحيات الجديدة التي أوكلها المشرع الدستوري للجماعات الترابية لمساعدتها على النهوض بوضعيتها في إطار سياسة اللا تمركز الإداري.
إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي لضمان تدبير ناجع للحكامة المحلية، بل هناك من رؤساء مجالس الجماعات الترابية من لا يزال يتوجس و يتحفظ على تأسيس مؤسسات الحوار والتشاركية ولجنة تكافؤ الفرص بجماعته، خشية أن يخلق لنفسه أجهزة تقترح عليه أو تلاحظه من الداخل … مما يعد سلوكاً مخالفاً لروح الوثيقة الدستورية والقانون التنظيمي الإطار للجماعات الترابية.
فما مدى مساهمة منتخبين بهذا المستوى التعليمي والثقافي الهزيل في تحقيق تدبير جيد للحكامة المحلية ؟ خاصة في خضم الصلاحيات الجديدة التي أصبحت الجماعات الترابية مطالبة بتفعيلها، حيث يفترض في المستشارين الجماعيين توفرهم على مستوى يؤهلهم للتأقلم مع المفهوم الجديد للسلطة، والاستيعاب المحكم للاختصاصات المسندة إليهم، من أجل تمكين الساكنة المحلية من أسباب العيش الحر الكريم .