هذا رأي أستاذ جامعي من تاونات حول ملف ما يسمى ب”الجنس مقابل النقط”

د. بوزيد عزوزي° -فاس:”تاونات نت”/- مع الأسف الشديد انزلقت المؤسسة التعليمية والأكاديمية إلى الحضيض الأخلاقي والبيداغوجي موازاة مع تبخر المستويات الدراسية بشكل لم نكن نتصوره في أيام دراستنا خلال الستينات والسبعينات والثمانينات وهوت إلى أعماق سحيقة حتى نكاد نتسائل : “كيف سيدبر الشأن العام” في القريب العاجل وكيف ستصبح العلاقات الأسرية والإجتماعية بصفة عامة في مجتمعنا العربي-الإسلامي التي تنبئ بتفسخ أخلاقي لم يسبق له مثيل .

يحز في قلبي وجود ، منذ مدة غير قصيرة بل طويلة تعود إلى الثمانينات ، وجود فساد من نوع شبه مماثل في جامعاتنا وهو “بيع وشراء الشواهد والتلاعب بالمستويات والأطروحات” ، وهذا يكون خطرا كبيرا على وطننا

مع الأسف انفتحت مجتمعاتنا على “المادة” بدأ بالمال وكل ما هو مرتبط بالحياة المادية بكل مكوناتها التي أصبحت تشتري الضمائر وقفلت الباب أمام القيم والمباديء ، والناس ضانون بل مقتنعون أن تلك الطريق هي البديل الوحيد أمامهم متجاهلين أن مجتمعا ، مهما كانت أصوله وجذوره ، غابت فيه القيم هو مجتمع في طريقه إلى الإندثار والزوال بعد تفسخ القيم والأخلاق

في عدد من “الدول العربية يوجد تيار تخريبي” يتقوى تدريجيا إذ يدفع في هذا الإتجاه من أجل خنق ما تبقى من الماضي المجيد لأمتنا العربية-الإسلامية ، كما حصل في تونس والجزائر ومصر ولبنان طيلة عقود ، والناس غاءبون عن الأهداف الخسيسة لهذا التيار الذي يؤلل كل إمكانياته الإعلامية والأكاديمية والإدارية عن طريق المال لاستعمال ضعاف العقول ومتدني المستويات التعليمية ، للإجهاز على أخلاقنا وأسرنا وأبناءنا وكل الأجيال الصاعد ة .

تجدر الإشارة إلى أن المسؤولية في هذا الملف المخزي والمفسد لقيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا العريقة تقع كذلك على الطلاب والطالبات الذين أصبحوا يتعاملون مع أساتذتهم على أساس الحصول على النقطة المرجوة مهما كانت الوسيلة ، وقد سبق وأن سمعت خلال الثمانينات والتسعينات وحتى 2016 في صفوف الأساتدة في عدد من الجامعات أنهم كانوا عرضة للإغراء وإذا لم تنجح عملية الإغراء ينتقل فشل الإغراء هذا إلى الإبتزاز والتشهير والتهديد والتجريح

أظن وأعتقد أن وسائل التواصل الإجتماعي من الأنترنيت والواتساب والإنستغرام وغيرها كانت السبب الرئيسي في تفشي هاته الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا ، موازاة مع غياب التأطير البيداغوجي الدراسي والأكاديمي والإعلامي الرسمي والشبه رسمي والخاص ناهيك عن دور الأسرة الذي أصبح لاغيا بالمطلق لأن دورها أصبح مهمشا بحكم تأثير دور منصات التواصل الإجتماعي

من باب الطرح لهذا الموضوع الذى يهم مجتمعنا أرى واجبا علي كمواطن أن أشير إلى وجوب توسيع “دائرة الطرح الإشكالي” بإدماج وجوب الإصلاح الشامل المندمج للتصدي لكل وجميع أنواع وأشكال الفساد الذي ينخر جسمنا في كافة وكامل بلادنا ، ولن يتأتى هذا إلا بالتلقين والتعليم انطلاقا من أقسام الروض والتعليم إلى الجامعة ووجوب تدخل الإعلام الرسمي والشبه الرسمي والخاص لأنه هناك منصات التواصل الإجتماعي همها الوحيد هو الفساد والإفساد .

 إذا لم يتفطن مسؤولو الدوائر المؤثرة بروح مسؤولية عالية بنظرة ثاقبة للمستقبل ويتخذو القرار الحازم والحاسم للحفاظ على مقومات أمتنا ومواجهة هاته المعضلة الخطيرة وإقبار مشروع تحطيم أمتنا وثقافتنا وحضارتنا ، فشعر الأعشى يقفز إلى الأمام :

ودع هريرة إن الركب مرتحل 

                    وهل تطيق وداعا أيها الرجل 

° الدكتور بوزيد عزوزي – من مواليد مدينة تاونات/ أستاذ جامعي وخبير إقتصادي وصاحب عدة مؤلفات.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7607

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى