حكوزة…طقوس للاحتفال برأس السنة الأمازيغية بمنطقة بني وليد
بني وليد:خاص ب”تاونات نت”/منذ القدم اعتمد الإنسان تفسيرات متعددة لبعض الظواهر الثقافية و الطبيعية ، تراوحت بين التفسير اللاهوتي و الميتافيزيقي و أخيرا التفسير العلمي ، لكن رغم ظهور التفسير العلمي إلا أن المجتمعات لم تتخلى عن هذه المظاهر الثقافية ، فكل مجتمع هو مجتمع له طقوس و عادات خاصة به ، و في هذا السياق يحتفل المغاربة بٍرأس السنة الأمازيغي ( الفلاحي ) ، هذا الاحتفال ذي الجذور التاريخية الضاربة في عمق تاريخ الشمال الإفريقي ، احتفال يتم تخليده بمظاهر و طقوس متعددة و مختلفة باختلاف ثقافة المغرب ، في هذا المقال نحاول نفض الغبار عن هذا اليوم الذي شكل يوما أساسيا للاحتفال في قبيلة بني وليد ، و الاعتزاز بالخصوصية الثقافية التي تميز المنطقة .
هذا المقال يتطرق إلى الاحتفال براس السنة الأمازيغي ، في منطقة بني وليد و يوضح كيف يتم الاستعداد له و الطقوس المرافقة له .
حكوزة كما يسميها سكان قبيلة بني وليد ، أول ليلة يناير من كل سنة و هو ما يعرف ب ” ياناير ” و هي عبارة أمازيغية مركبة من كلمتين ،وهما “يان ” و يعني الأول و “أيور ” و يعني الشهر ، بمعنى العبارة تعني الشهر الأول ، و يطلق البعض على هذه المناسبة ” تاكورت أوسكاس” وتعني باب السنة ، “وإض أسكاس “وتعني رأس السنة لذلك يعتبر يناير الشهر الأول في اللغة الامازيغية أي أول الشهور في التقويم الامازيغي، إنها عدة مسميات لمسمى واحد ، إنها بداية السنة الفلاحية التي تفصلها عن السنة الميلادية اثنا عشر يوما ، ليكن الأول من يناير الفلاحي هو اليوم الثالث عشر من السنة الميلادية ، و يجري الاحتفال بهذه المناسبة بطرق مختلفة .
خرافة بطلها شخصية حكوزة ، التي لا يعرف إذا كانت تنتمي إلى عالم الجن أو الإنس ، أو هي كائن يجمع بين الصنفين ، لكنها تتخذ صفة “الغولة ” أرهبت كل الأجيال السابقة و كانت دائمة الحضور عند الأطفال .
في بني وليد ، يتم للاستعداد للاحتفال بتجوال الصبية في الدوار بغية جمع العطايا و الهدايا ، العينية و النقدية ، فيقصدون كل المنازل على التوالي و يقفون بشكل جماعي على باب الدار و هم يرددون أهازيج و نداءات خاصة يحثون أهل الدار أن يجدوا بهدية ( التين ، السكر ، الزبيب ….) و من بين تلك الشعارات نجد على سبيل المثال لا الحصر :
بيالوا بيالوا ألولاد و الديب عباه الواد (عباه بمعنى أخذه)
و الطالعة للغرفة تعطينا بالقفة (الغرفة بيت طني يوجد في الطابق الأول )
و الطالعة للدموس تعطينا بالكموس
تجمع كل الهدايا ، و في المساء يقصدون المسجد ، لتناول الطعام جماعة ، في المقابل تقوم النساء في تلك الليلة بإنشاء “الميدونة “، و هي عبارة عن طبق يضم التين و الزبيب و الفول ..، هذه العملية ترمز إلى ارتباط الإنسان بالأرض و من خلالها يشكر الله على خيره ، و تكون وجبة العشاء في هذه الليلة من نوع خاص يطلق عليها اسم ” تيشة “.
هناك تقليد شائع في قبيلة بني وليد ليلية حكوزة ، حيث يوجه الآباء و الإخوة تحذير للأطفال مفاده ،أنه سيتعرض للخطف من طرف حكوزة ، في الليل و أثناء استغراقه في النوم ، يأتي أحد الأبوين أو أي شخص بالغ في الأسرة و دون ن يفطن الطفل الصغير ، يضع أحد علامة على جسده بواسطة القليل من مسحوق الفحم ،في الصباح يحذرونه من حكوزة بدعوى أنها ستخطفه ، و إذا أردت الحماية ما عليك سوى أن تمنحهم جزءا من القلادة أو الخبز ، لأن التقليد السائد هو أن الأمهات تهيئن للأطفال الصغار قلادة تتكون من اللوز و الجوز و الزبيب و الخبز التي تتكون من نفس المنتجات .
هذه الطقوس تختلف عن بعض المناطق ، مثلا قبيلة بني زروال ، كان الآباء يحذرون أطفالهم من كثرة الأكل ، فالطفل الذي يأكل كثيرا ، يقال له أن حكوزة ستأتي بالليل و تشق بطنه ، و هي تحذير من الفترة الآتية باعتبارها فترة عصيبة ، خصوصا و أن المنطقة كانت تعتمد على ما تنتجه الأرض من حبوب .
يفهم من هذا أن المجتمع يعمل على توجيه الفرد نحو سلوك اجتماعي معين ، و هي عملية ما بين الترميز للثقافة بشخصية الغولة ، و الترميز للأنانية و حب الذات بالسرقة من طرف الغولة ، و يتبين من هذا أن الآباء يحاولون تربية أطفالهم على التعاون و التضامن .
محسن كفحالي /بني وليد (تاونات)
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.