” تاونات نت” تنفرد بنشر أسرارا عن مسار وحياة سيدي بوزيد بتاونات

ضريح سيدي بوزيد بتاونات

ضريح سيدي بوزيد بتاونات

تاونات :خاص ب”تاونات نت”/ نسبه وولادته: هو أبو زيد عبد الرحمان بن هبة الله المزياتي نسبة إلى قبيلة مزيات التي تتكون من المداشر او الدواوير التي أصبحت الآن أحياء لدخولها في تجمع المدينة وهي حي تاونات القديمة وحي الدشيار- وحي احجارالمطاحين- وحي احجردريان- وحي الدمنة-وحي القلعة –وحي أسطار-  وحي الرميلة والعشائش- واخمالشة- – واحجرمعبد…

       ولد سيدي أبو زيد في بداية القرن السادس أو نهاية القرن الخامس تقديرا على ما أثبته القاضي أبو الحجاج يوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادلي  المعروف بابن الزيات في كتابه التشوف إلى رجال التصوف وإخبار أبي العباس السبتي  حيث يقول ( مات بعد عام سبعة وستمائة  وقد زاد  على مائة سنة ) في قرية تاونات.

نشأته وتعليمه:

        نشأ الشيخ سيدي أبو زيد عبد الرحمن بن هبة الله في مدشره الذي ولد فيه بقبيلة مزيات ولما بلغ سن التعليم ادخله أبوه كتاب القران على عادة سكان أهل القرى ولا يمكن ان يتصور في العقل خلال تلك الحقبة وما بعدها من اي أسرة تدخل أبنائها الكتاب أو ما كان يسمى المسيد خصوصا في منطقة الشمال المغربي وقبائلها ومزيات منها.  يقول عبد الله كنون رحمة الله ( وفي الناحية الأدبية يمكن ان نشير الى الظاهرة العجيبة التي تتمثل في استغراب جميع قبائل الشمال المغربي ما عدا الريف بحيث تنوسيت فيها البربرية تماما ويقال أن الفضل في ذلك يرجع للادارسة الذين أووا إليها بعد خروجهم من فاس ..) .

       ويقول العالم المؤرخ ابن خلدون في مقدمة تاريخه ( اعلم ان تعليم الولدان للقران شعار من شعائر الدين أخد به أهل الملة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القران وبعض متون الأحاديث وصار القران أصل التعليم الذي ينبي عليه ما يحصل بعده من الملكات وسبب ذلك ان التعليم في الصغر اشد رسوخا وهو أصل لما بعده لان السابق الأول للقلوب كالأسس للملكات وعلى حسب الأساس وأساليبه يكون حال ما ينبني  عليه واختلفت طرقهم في تعليم القران للولدان باختلافهم باعتبار ما ينشا من ذلك التعليم في الملكات.فاما اهل المغرب فمذهبهم في الولدان الاقتصار على تعليم القران فقط واخدهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله واختلاف حملة القران فيه لا يخلطون ذلك بسواه في الشيء من مجالس تعليمهم . لا من الحديث ولا ن فقه. ولا من شعر ولا من كلام العرب. الا ان يحذق فيه أو ينقطع دونه فيكون انقطاعه في الغالب انقطاعا عن العلم بالجملة.

     وهذا مذهب أهل المصار بالغرب ومن تبعهم من قرى البربر أمم المغرب في ولدانهم إلى أن تجاوزوا خد البلوغ إلى الشبيبة وكدا في الكبير إذا راجع مدارسة القران بعد طائفة من عمره فهم لذلك أقوم على رسم القران وحفظه من سواهم . ولذا قيل عن المغاربة (  نزل القران الكريم على رسول الله (ص) فعمل به العرب وقراه المصريون وكتبه الأتراك وفسره الفرس وحفظه المغاربة ) كما قيل أيضا ( أن علم القراءات هو الميدان الوحيد الذي سيطر عليه المغاربة سيطرة تامة) . هذا من جهة ومن جهة أخرى أن الصوفي لا بد له من فقه والفقه علم يتطلب التعلم قال الشيخ سيدي احمد زروق في كتابه قواعد التصوف – القاعدة الرابعة ( صدق التوجه مشروط بكونه من حيث يرضاه الحق تعالى وبما يرضاه. ولا يصح مشروط بدون شرطه  ” ولا يرضى لعباده الكفر ” فلزم تحقيق الإيمان  ” وان تشكروا يرضه لكم “فلزم العمل بالإسلام فلا تصوف إلا بنفقة إذ لا تعرف أحكام الله الظاهرة إلا منه ولا فقه إلا بتصوف إذ عمل إلا بصدق وتوجه ولا هما إلا بإيمان إذ لا يصح واحد منهما دونه فلزم الجميع لتلازمها في الحكم كتلازم الأرواح للأجساد ولا وجود لها إلا فيها كما إلا بها فافهم.

 ومنه قول مالك رحمة الله ( من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن تفقه ولم بتصوف فقد تفسق ومن جمع بينهما فقد تحقق).

قلت تزندق الأول لأنه قال بالجبر الموجب لنفي الحكمة والاحكام.

وتفسق الثاني لخلو عمله من التوجه الحاجب منهما عن معصية الله ومن الاخلاص المشترك في العمل الله.

وتحقق الثالث لقيامه بالحقيقة في عين التمسك بالحق فاعرف ذلك .

قال احمد شوقي

ترك النفوس بلا علم ولا ادب                             ترك المريض بلا طب ولا اس

وقال غيره

ان الذي بدون علمه يعبد                                  لا يحسن العمل لكن يفسد

وقال أخر

وكل من بغير علم يعمل                                  أعماله مردودة لا تقبل

    فيقول القاضي ابو الحجاج يوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التبادلي المعروف بابن الزيات في أبي زيد عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن هبة الله المزياتي ( وكان عبدا صالحا ) والصالح لا يكون إلا عالما قال بعض العلماء:

 وجاهل لفرض عين لم يجز               إطلاق صالح عليه فاحترز

لأنه بتركه التعلما                          لم ين فاسقا يقول العلما

  ولهذا كان من الطبيعي ان يمر الشيخ سيدي أبو زيد عبد الرحمن المزياتي بالكتاب وبمرحلة التعليم كي يكون ذلك سببا للصلاح وتصفية البواطن قال احد الشعراء.

علم به تصفية البواطن                    من كدرات النفس في المواطن

وذلك واجب على المكلف                تحصيله يكون بالمعرف

شيوخه:  

ان الشيخ القاضي ابا الحجاج ابن الزيات لم يذكر في ترجمة الشيخ سيدي ابي زيد عبد الرحمن المزياتي شيوخه الذين اخد عنهم العلم والتصوف فربما لم يلتق به وانما تحدث عنه بواسطة شخصين محمد بن عبد الله الوراق وابي محمد عبد الله بن يخلف الصاريوي ولم يعرف بهما لانني لم اجد من تناولهما بالتعريف والترجمة من المؤرخين الذين اهتموا بتراجم العلماء والصلحاء والاولياء .

فالشيخ ضروري للمتصوف في اخد الطريق علما وسلوكا فقها وتصوفا خصوصا اذا علمنا ان عصره كان يوجد فيه شيوخ كثيرون منهم.

–          سيدي ابو العباس السبتي ولد سنة 524ه/1129م وتوفي سنة 601ه/1204م.

–          سيدي عياض بن موسى اليحصبي القاضي المتوفى سنة 544ه/1149م.

–          سيدي ابو علي الحسن بن ابراهيم بن زكون المتوفي سنة 553ه/1158م.

–          مولاي عبد السلام بن ميش ولد سنة 559ه/1163م او سنة 563ه/1167م.

–          سيدي يوسف بن عمران المزدغي المتوفي سنة 655ه/1257م.

–          سيدي ابو الحسن الشاذلي المتوفى سنة 656ه/1258م.

–          سيدي ابو محمد عبد المالك بن محمد الوراق المتوفى سنة 555ه/1160م

–          مولاي عبد القادر الجلالي المتوفى سنة 561ه/1165م.

–          سيدي ابو عثمان السلالجي المتوفى سنة 564ه او سنة 594ه/1197م.

–          سيدي علي بن غالب الامام دفين القصر الكبير المتوفى سنة 568ه/1197م او 573ه/1177م.

–          سيدي ابو يعزى الهزميري  المتوفى سنة 572ه/1176م.

–          سيدي أبو مدين الغوت المتوفى سنة 594 ه/1197م.

–          سيدي أبو بكر بن خلف بن صافي المواق المتوفي سنة 599ه/1202م.

–          سيدي ابو محمد صالح الهسكوري المتوفى سنة 653ه/1255م او655ه/1257م او 633ه/1235م.

      فهؤلاء الشيوخ منهم من كان قريبا منه وربما من إقليمه ولا نعرف هل كان الاتصال بين الشيخ سيدي أبي زيد       عبد الرحمن المزياتي وبين احد من هؤلاء الشيوخ ولا أظن الشيخ سيدي ابا زيد وصل إلى هذه الدرجة من الورع والزهد وتحقق بعض الكرامات لديه ولم يتخذ شيخا ولم يصاحب احد من هؤلاء أو غيرهم خصوصا وان مثله من الصلحاء والعباد يدركون ما للشيخ من مكانة كبيرة ودور عظيم عند المتصوفة في التربية قال الشيخ سيدي احمد زروق في كتابه قواعد التصوف. أخد العلم والعمل عن المشايخ إثم من أخده دونهم ” بل هؤلاء آيات ببنات في صدور الذين أوتوا العلم ”  . ” واتبع سبيل من أناب إلي “.

فلزمت المشيخة سيما والصحابة اخذوا عنه علية الصلاة والسلام وقد أخد هو عن جبريل واتبع إشارته في إن يكون عبدا نبيا واخذ التابعون عن الصحابة.

فكان لكل أتباع يختصون به كابن سيرين وابن المسيب والأعرج لأبي هريرة وطاوس ووهب ومجاهد لابن عباس غير ذلك.

فأما العلم والعمل فاحده جلي فيما ذكروا كما ذكروا.

وأما الإفادة بالهمة والحال فقد أشار إليها انس بقوله ” ما نفضنا التراب عن أيدينا من دفنه عليه الصلاة والسلام حتى انكرنا قلوبنا “.

فأبان أن رؤية شخصه الكريم كانت نافعة لهم في قلوبهم اذ من تحقق بجاله لم يخل حاضروه منها ( فلذلك أمر بصحبة الصالحين ونهى عن صحبة الفاسقين ) . قال في أصول الطريق له وأصول المعاملة خمس

1 – طلب العلم للقيام بالأمر.

2- وصبة المشايخ والإخوان للتبصر.

3- وترك الرخص والتأويلات للتحفظ.

4- وضبط الأوقات بالأوراد للحضور.

5- واتهام النفس في كل شيء للخروج من الهوى والسلامة من العطب والغلط.

تلامذته ومريدوه:

إن الأخبار عن الشيخ سيدي أبي زيد عبد الرحمان المزياتي شحيحة جدا حول شخصيته وأنشطته واثر تربيته في مريديه ولم يذكر الشيخ أبو الحجاج ابن الزيات من المريدين سوى ابنه يحيى الذي عاش مع أبيه ياخد عنه ويلاحظ سلوكه وكراماته فينقل ذلك إلى رفقائه وأصحابه في مدشره ومجتمعه ومن بينهم محمد بن عبد الله الوراق وأبي محمد عبد الله بن يخلف الصاريوي الذي زاره بصبية مريضة من اجل الرقيا.

فأفادنا هذا ان باب دار الشيخ أبي زيد عبد الرحمان المزياتي كانت مفتوحة لكل وارد ويعتبر مريدا قد ياخد عنه مباشرة أو بطريق غير مباشر.

حالته وكرامته:

    وقد وصف العلامة أبو الحجاج يوسف بن يحيى التادلي المعروف بابن الزيات سيدي أبا زيد عبد الرحمان المزياتي بقوله ” وكان عبدا صالحا وهذه شهادة منه يثبتها عند الحديث عنه في كتابه التشوف وان لم يوجد ما يدل على ملاقته لأبي زيد المزياتي أو مصاحبته فقد يكون قد لقي من عاش مع ابي زيد عبد الرحمان المزياتي يراه ثقة صدوقا ومن بينهم من يروي عنه كرامات الشيخ سيدي أبي زيد عبد الرحمان المزياتي مثل محمد عبد الله الوراق وأبي محمد عبد الله بن يخلف الصاريوي حيث يقول العلامة ابن الزيات حدثني محمد بن عبد الله الوراق يقول العلامة ابن الزيات حدثني محمد بن عبد الله الوراق قال .حدثني يحيى بن الشيخ أبي زيد بن هبة الله قال ” جاءنا أقوام على وجه الاختبار لأبي فدخلوا بالليل في فدانه واخذوا منه زرعا وسنابل وجعلوا يسيرون ليلتهم فلما صلى أبي الصبح خرج إلى أرضه فرأى أولئك الأقوام يدورون في الفدان ولا يخرجون منه وطنوا بسيرهم طول الليل أنهم قطعوا أرضا كثيرة ولم يشعروا أنهم باقون في ذلك الفدان بعينه فأبصروا الشيخ فقالوا له نتوب إلى الله وحدثوه بأمرهم فقال لهم لو أعلمتموني لأعطيتكم قوتكم من الزرع اذهبوا فانتم في حل فخرجوا من الفدان وانصرفوا “

    كان رحمة الله يخدم أرضه بنفسه لا يجاوره إلا من يعينه على خدمة من يأتيه من أهل الخير كما يقول ابن الزيات.

وفاته:

توفي الشيخ ابو زيد عبد الرحمن المزياتي بعد عام سبعة وستمائة – وقد زاد على مائة سنة – بقرية تاونات(أو ما يعرف بحي تاونات القيمة) التي أصبحت الآن إسما لعمالة إقليم تاونات؛ ودفن بها. للإشارة يوجد الضريح غرب بناية عمالة الإقليم ولا يبعد عنها إلا أمتار معدودة.

ويقوم الشرفاء البوزيديون موسما لهذا الولي الصالح في مناسبة المولد النبوي من كل سنة ويقومون اثناء هذا الموسم بأعمال اجتماعية هامة منها:

–          ختان الأطفال وتقديم مساعدات لأسرهم.

–           مسابقات في حفظ القران وتقديم الجوائز للفائزين .

–          إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.

–          موسم الشموع ينطلق من الضريح ويمر عبر الشوارع الرئيسية لمدينة تاونات.

فرحم الله هذا الشيخ الولي الصالح رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته أمين والحمد لله رب العالمين.

الأستاد عبد الكريم احميدوش /عضو المجلس العلمي بتاونات  

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7186

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى