الرحموني..تاوناتي اختار تخصصا صعبا في أشهر معاهد البحث بأمريكا

حميد الأبيض –فاس-عن جريدة “الصباح”:”تاونات نت”/- لم يولد الشاب أنور الرحموني، بملعقة ذهب في فمه، ولا وجد طريق النجاح سالكا مفروشا بورود التحفيز ونياشين الإمكانيات.

 الرحموني كافح وتحدى ظروفا اجتماعية وذاتية وطبيعية.. وتسلق سلم النجاح تدريجيا، مثبتا ذاته نموذجا لشباب يخلق من اللاشيء أشياء كثيرة، اعتمادا على الذات ودون حاجة أو احتياج لمن “يدفع بهم” للأمام أيا كانت الوسيلة والأداة وهوية الدافع.
أنور الآن واحد من أشهر وجوه البحث العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية، بعدما تسلق سلم النجاح وتخصص في تكنولوجيا النانو.

 ارتاب باختياره هذا التخصص الأصعب، لكنه لم يستسلم أو يتهاون. إيمانه بألا شيء مستحيل ما دامت الإرادة والطموح موجودين، حفزاه على ركوب قارب التحدي أوصله إلى حيث لم يتوقع أحد لشاب ترعرع في حضن الحرمان.
لم يمل ولم يكل في طلب العلم وتجديد الطموح، ولا يئس بما اعترضه من عثرات ومشاكل مختلفة ومتنوعة. كل عثرة في حياته وطريقه، كانت له محفزا على الإقلاع من جديد.

لم يرض بالأمر الواقع ولا جلس مكتوف اليدين يندب حظ ميلاده في بقعة من “المغرب غير النافع”، لم يترك لأحلامه فرصة التبخر التدريجي، بل دأب على إحيائها دوما وباستمرار.
بقرية بني وليد بتاونات ولد وسط أسرة قروية صلب جبل درينكل الشامخ قدرتها على الصمود وتحمل كل الصعاب. هناك ترعرع وشب. الأفق هناك بعيد جدا، لكن الحلم ممكن، وقد حلم وحلمه تحقق بعدما تخلص من كل بذور اليأس وخطابه المتغلغل.

 من هناك ومن حيث التهميش عنوان للأرض والإنسان، كانت انطلاقته نحو النجاح الباهر في حاضره.
في أواخر ثمانينات القرن الماضي، ولج أنور المدرسة المركزية ببني وليد أقدم مدارس تاونات بنيت قبل أكثر من 5 عقود من ذلك. ومنها نال الشهادة الابتدائية، ليعرج لمسافة قصيرة على إعدادية مولاي رشيد، وينتقل إلى ثانوية خالد بن الوليد المحدثة. لم يغترب كأبناء المنطقة الذين هاجروا إلى مدن ومناطق أخرى، طلبا للعلم، وعاش قريبا لأسرته محفزا ومدعما منها.
في بداية القرن الحالي نال الباكلوريا بتفوق. وفتحت كلية العلوم والتقنيات بجامعة فاس، أبوابها في وجهه. ومنها حصل على دبلوم الدراسات الجامعية العامة تخصص فيزياء كيمياء، قبل أن يحصل على “الميتريز” في المواصلات، دون أن يتوقف طموحه في استكمال دراسته لنيل أرقى الشهادات، التي قد تخول له وظيفة تضمن لقمة عيش كريم.
كلية العلوم والتقنيات في جامعة الحسن الأول بسطات، كانت وجهته اللاحقة. ومنها حصل على الماستر في تخصص الإلكترو ضوئيات والبصريات، قبل التحاقه بالوظيفة العمومية أستاذا للتعليم الثانوي.

في منطقة نائية بإقليم بولمان، عين. لكن ظروف العمل لم تسعفه للبقاء في هذه الوظيفة، التي استقال منها بعد سنتين فقط من ولوجها.
هذا “الفشل” لم يصبه باليأس، بل كان له محفزا على استكمال دراسته وإتمام أبحاثه استهلها في المعهد الوطني للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، قبل التحاقه بالمؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والإبداع والبحث العلمي، التي أشرف فيها على تطوير أنظمة بصرية في مجال النانو تكنولوجيا، قبل عودته لفاس وتخصصه في الفيزياء البصرية.
حصل أنور الرحموني على الدكتوراه في 2015، وكان له فضل في بناء أنظمة بصرية وتطبيقات في المجال السمعي، بل عمل على تصنيع الجسيمات الصغيرة والكتابة على مستوى النانو، بل لم يتوقف طموحه عند تحقيق حلمه في إتمام دراسته وبحثه في أصعب التخصصات وأحدثها، إلى أن هاجر إلى الولايات المتحدة وتخصص في الفيزياء بمعهد للبحث العلمي.
وبذلك دخل الشهرة والنجاح من بابيهما العالميين، دون أن ينسى قرية جميلة إسمها بني وليد بتاونات ..يجره الحنين إليها في كل عطلة، وحبها موغل في فؤاده مهما ابتعد عنها، وقد تعلم فيها وتربى بين أحضانها وفي جمعياتها المحلية لورغة والأوراش الاجتماعية، ليصبح بذلك نموذجا لشباب تزيده الظروف الاجتماعية، صلابة وقدرة على التحمل والصبر والجلد لتحقيق الذات والنجاح.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7279

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى