(إبن تاونات) المريزق:العدالة الاجتماعية ليست شعارا ولابد من ضمان الكرامة للمواطنين

هشام ناصر –عن موقع “أنفاس بريس”:تاونات نت”//-استضافت مؤخرا الإذاعة الوطنية ضمن برنامج ” حديث الظهيرة” الذي تعده الصحافية نجمة العلمي، (إبن إقليم تاونات) الأستاذ الجامعي المصطفى المريزق، رئيس مغرب المستقبل ورئيس الجامعة الشعبية المغربية للحديث حول موضوع ” الرأسمال البشري ورهان العدالة الاجتماعية ” بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية والذي كان قد تقرر في 10 يونيو 2008 حينما اعتمدت منظمة العمل الدولية بالإجماع الإعلان بشأن العدالة الاجتماعية .

 هذا الإعلان  كان بحسب – المصطفى المريزق – بمثابة تعبير عن رؤية معاصرة، حداثية لمهمة منظمة العمل الدولية، كنتيجة لمشاورات ثلاثية بين ممثلي الحكومات ومنظمات العمال من 182 دولة عضو، مشيرا بأن الإعلان وضع أسسا جديدة للجهود الرامية الى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيقها من خلال برنامج العمل اللائق وركائزه الأربعة وهي: التوظيف، الحماية الاجتماعية، الحوار الاجتماعي، الديمقراطية التشاركية، الحقوق و المبادئ الأساسية في العمل، مؤكدا بأن العدالة الاجتماعية هي حق من حقوق الإنسان، وتقوم على المساواة وعدم التمييز في الحقوق بين جميع المواطنات والمواطنين، وأن تعزيز العدالة الاجتماعية لا يعني مجرد الزيادة في الدخل وخلق فرص العمل، بل يشمل حقوق العمال والكرامة وحرية التعبير وحقوق الإنسان، فضلا عن الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وذكر المريزق بالمناسبة بخطاب الملك محمد السادس بتاريخ 19 فبراير 2018 بمناسبة انعقاد المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، حيث خطاب الملك الجميع – يضيف المريزق – بخطاب يحمل نظرة استشرافية ومستقبلية، حينما اعتبر أن النموذج التنموي المغربي انتهت صلاحيته، رغم المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت، وناشد الجميع الى ان يتطلعوا الى رؤية مندمجة لنموذج سياسي واقتصادي واجتماعي جديد يرتكز على الحكامة المركزية والترابية بكل أبعادها.

 واعتبر الخطاب – يقول المريزق – أن التغيرات المجتمعية التي يشهدها المغرب عبر الوضع الحالي للشباب والنساء وخاصة في مناطق الحاشية السفلى التي لازالت تشتكي من غياب حقوقها الأساسية ( الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في السكن، الحق في الشغل ) مشيرا بأن الخطاب شكل رجة في الفضاء العام، خاصة عندما ركز على ضرورة إصلاح الإدارة العمومية ، حيث لا يستقيم الحديث عن الدولة الاجتماعية في غياب إصلاح الإدارة العمومية من أجل تحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي، وكذا إصلاح المرافق العمومية لخدمة المواطن وتحفيز الاستثمار، بمعنى أن العدالة الاجتماعية هي تصور وفلسفة ولا ينبغي أن تكون مجرد شعارات – يضيف المتحدث – مشددا على ضرورة توفر مقومات مالية للتغطية الاجتماعية والتزامات مرتبطة ارتباطا مفصليا بمفهوم الدولة الاجتماعية على ضوء التجارب الفضلى والتاريخية التي اشتغلت على هذا الأساس من منظور الكرامة أولا، والمساواة ثانيا، وعدم التمييز من أجل مجتمع متضامن يتكفل بإزالة الفوارق الطبقية والتوزيع العادل للثروة وضمان تكافؤ الفرص.
ضيف الإذاعة الوطنية أشار أيضا الى أن المغرب مر بمرحلة صعبة في إطار سياسة التقويم الهيكلي بداية الثمانينيات من القرن الماضي، مضيفا بأن الملك محمد السادس وجه منذ اعتلائه العرش ما يقرب من 103 من الخطب الموجهة أساسا للنهوض بمغرب جديد قائم على دولة الحق والقانون، وتتضمن رسائل موجهة لكل الفاعلين سواء كانوا سياسيين أو اقتصاديين وكذلك النقابات والمجتمع المدني، كما تطرقت للتعليم وخاصة التعليم العالي بمراكزه الخاصة بالبحث والمختبرات، مشيرا بأن هدف الدولة الاجتماعية هو تقليص الإقصاء الاجتماعي والحد من التفاوتات الاجتماعية والحد من الفقر والهشاشة والاستبعاد الاجتماعي، والمساواة، وتكريس بيئة اجتماعية تضمن الاستقرار، وتضمن الأمن، وتضمن لكل الشركاء الاجتماعيين العمل انطلاقا من دستور المملكة وانطلاقا من كل المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب باعتباره شريكا لكل التجارب الفضلى والتوجهات الحقوقية التي تضمن الكرامة للإنسان المغربي. هذه الدولة الاجتماعية يجب أن تكون لها – بحسب المتحدث – معايير للتقييم باستمرار، فلا يمكن الحديث عن أية مشاريع كيفما كان نوعها في غياب مؤشرات وآثار في الواقع يتلمسها المواطن البسيط وكذا الطبقة الوسطى، وكذلك الطبقة التي هي على رأسها التسيير والتدبير.
وشدد المريزق على أهمية ضمان الالتقائية بين السياسات العمومية، مشيرا الى أنه من دون موارد مالية واستثمارات يصعب ضمان تحقيق الدولة الاجتماعية، وأضاف أن منتدى مغرب المستقبل كان سباقا منذ 2015 الى طرح الحوار داخل المجتمع حول الدولة الاجتماعية، كما نشر مذكرة آنذاك حول رهان مناهضة التفاوتات الاجتماعية عام 2018، وهي مذكرة تناولت الأسس التي يمكن أن تقوم على قاعدتها الدولة الاجتماعية وأن يكون أي نموذج تنموي يتم إقراره في بلادنا محققا للرفاه الاجتماعي للمواطنين، ويرفع التحديات الإيكولوجية والبيئية والتنمية المستدامة الشاملة، وإعمال حقوق الإنسان في كل أبعادها وبدون تجزئ، ثم النهوض بحقوق المرأة. واعتبر المريزق هذه المداخل أساسية من أجل تغيير اجتماعي حقيقي يضمن التنمية ويضمن الهوية والعدالة الثقافية، كما ينبغي أن تصنع هذه العدالة الاجتماعية الرفاه وليس الفقر، وتحسين ظروف المعيش اليومي للمواطنين.
وختم المريزق حديثه بالتذكير بالذكرى العشرينية للإنصاف والمصالحة، موضحا بأن الإنصاف والمصالحة بالمغرب ارتبط بمسار حقوق الإنسان وبمسار العدالة الانتقالية، انطلاقا من تقرير الخمسينية ومن استراتيجية التنمية، متسائلا عن مدى الاشتغال اليوم على الرأسمال البشري والذي يقاس بجميع المعارف والمؤهلات والمهارات والخصائص الفردية التي تسهل خلق الرفاهية الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، مشيرا بأن عدم ارتباط الاستثمار الاقتصادي بالرأسمال البشري يعني أنه سيكون استثمارا معطوبا، داعيا الى صناعة سياسات حكومية جديدة قائمة على النمو الاقتصادي و كرامة الإنسان من أجل محاربة البطالة والرفع من الدخل.

وأبرز المتحدث أن ما نشهده من تجاذبات ومن منافسات واحتجاجات اليوم في المجتمع المغربي وفي مختلف المناطق يؤكد بأن الرسالة الملكية الشهيرة لعام 2018 لازالت لها راهنية حقيقية ويجب اليوم الانكباب عليها من أجل ضمان روح الابتكار والتعاطي مع كل هذه القضايا بجدية وموضوعية من أجل مواجهة إشكالية الفوارق الاجتماعية والمجالية وعلاقتها بالإكراهات المطروحة على تدبير المنظومات الضريبية، مؤكدا بأنه من دون عدالة ضريبية لا يمكن ضمان الحماية الاجتماعية، الى جانب مسألة تعميم الولوج للخدمات والمرافق الاجتماعية لكل المناطق المغربية بما فيها مناطق الحاشية السفلى ومناطق مغاربة الجبل والواحات والسهول وهوامش المدن الكبرى والمتوسطة، باعتبار أن الولوج لهذه الخدمات يعد – بحسب المريزق – ركنا أساسيا من أركان العدالة الاجتماعية .

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7269

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى