هذه هي سيرة الشيخ العلامة الأديب محمد بن علي الفشتالي أبو عبد الله
كتاب النسمات في تراجم علماء وصلحاء إقليم تاونات
تاونات:خاص بجريدة “تاونات نت”/نسب الشيخ العلامة الأديب محمد بن علي الفشتالي أبو عبد الله وولادته :
هو ابو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن وقيل ابن ابراهيم بدل عبد الرحمن الفشتالي نسبة الى قبيلة فشتالة.
ولد ابو عبد الله محمد بن علي الفشتالي سنة 956ه/1549م. وهي السنة التي ولد فيها الشيخ العلامة الوزير سيدي ابو فارس عبد العزيز بن محمد الفشتالي ولعل ولادته كانت في قبيلته ابي فارس عبد العزيز الفشتالي.
نشاته وتعليمه :
لعل النشاة التي نشا عليها ابو عبد الله محمد بن علي الفشتالي هي تلك النشاة التي نشا عليها الشيخ ابو فارس عبد العزيز لما يلحظ من تلقيهم العلوم وتحصيلهم لفنونها وحتى المهام التي زاولوها تكاد تكون موحدة بينهما وان لم يجمعهما المدشر الذي ولد كل واحد منهما فيهفقد جمعتهما القبيلة فشتالة وجامع القرويين والاساتذة الذين درسوا عليهم واخذوا عنهم خصوصا واننا نقرا ما يقوله الشيخ ابو فارس عبد العزيز الفشتالي عن ابي عبد الله محمد بن علي الفشتالي ويصفه باوصاف لا يقولها احد في اخر الا بعد صحبة وعشرة طويلة يقول ابو فارس عند الحديث عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يقيمه السلطان احمد المنصور الذهبي وانشاد الشعراء في هذا الحفل البهيج باشعارهم بالترتيب في الشاعر الاديب محمد بن علي الفشتالي وتلاه الفقيه الكاتب شعلة ذكاء ومحرز خصل السبق في مضمار الانشاد النابه الترية العزيز المكانة المغدق السجية المسترسل الطبع العذب الفكاهة الحلو الناذرة المبرز في اشتات الفضائل الاخ الكريم والولي الحميم ابو عبد الله محمد بن علي الفشتالي.
شيوخه :
قال الاديب محمد بن تاويت في معرض حديثه عن نثر الوزير القاضي الاديب الشاعر ابو عبد الله محمد الفشتالي وينم عن مشاركة له في عدة فنون وهذا ما يوحي الى ان محمد الفشتالي قد درس على عدد كبير من العلماء والادباء والفقهاء ونذكر منهم على سبيل المثال :
– الفقيه العلامة شيخ الاسلام ابو العباس احمد بن علي بن عبد الله الرحمن بن عبد الله المنجور المكناسي النجار الفاسي المولد والدار المتوفي سنة 995ه/1586م.
– الفقيه العلامة حامل لواء المذهب المالكي ومرجع النوازل قاضي الجماعة ابو مالك عبد الواحد الحميدي المتوفي سنة 1003ه/1594م.
– الفقيه العالم المفتي خطيب جامع القرويين ابو زكرياء يحيى الثاني بن محمد السراج حفيد يحيى الاكبر المتوفي سنة 1007ه/1598م.
المهام التي زاولها :
ان الشيم التي تخلق بها الاديب محمد بن علي الفشتالي بالاضافة الى ما اتصف به من النباهة والنزاهة والذكاء مما كان سبب اختيار السلطان احمد المنصور له وحظي عنده زمن خلافته بالمكانة العالية حيث تولى في عهده مهام متعددة منها :
كاتب في ديوان انشاء السلطان واثناء هذه المهمة حدث له امر مع السلطان احمد المنصور يحكيه عند ابن بلدته وابن قبيلته ابو فارس عبد العزيز الفشتالي في مناهل الصفا اذكر بعض ما يحضرني ليكون عنوانا على ما وراءه مرض لصاحبي ووليي الكاتب أبي عبد الله محمد بن علي الفشتالي صبي صغير مرضا اشرف به على الاياس واتفق ان جاءه يوما بالديوان الكريم النذير من منزله بإشراف الولد على الفوت فأرهقته الشفقة التي تجد الوالد وأزعجته إلى منزله قلقا ثم عرض بروز مولانا أمير المؤمنين ايده الله للديوان الكريم فاستدعاني وأملى علي من المهمات ما تتعين في كتبه المشاركة والمعاضدة قصدا للانجاز والمبادرة وسألني عن صاحبي بما كان ظهيرا وردءا لي عن الإنشاءات التي اختصتني وإياه العناية الأمامية بالنهوض بأعبائها والأمانة على أسرارها وكنت جهلت السبب الذي أزعجه وخفي عني وجه العذر فاستشاط مولانا امير المؤمنين أيده الله غضبا لغدوه من قبل ان يحين الرواح وبعث عنه أيده الله مستحثا له فلم اشك ان وصل ان يصب عليه من العتاب والملامة سوط عذاب وأهمني ذلك شفقا على صاحبي من موقف الخجل والارتباك فوصل وأعرب عن حاله وأبان وجه عذره فما كان الا ان رق ايده الله للحال واستحال من حينه الغضب الى الرحمة وجعل يسائل أيده الله عن حال الصبي ومرضه سؤال مشفق وبالغ في ذلك إلى أن قال له أيده الله ان أمراض الصبيان قلما ينجح في علاجها الا طب العجائز ولا كعجائز دارنا فابعث من بسائلهن و من الامثلة على مهمة الكتابة في الديوان هي تلك الرسائل التي كان يكتبها عن السلطان الى ملك الاتراك ووزيره وجيش الجزائر وما الى ذلك.
تقلده منصب الوزير يقول الشيخ عبد الله كنون ابو عبد الله بن علي بن ابراهيم الفشتالي احد وزراء المنصور.
تقلده منصب سفير بتوركيا قال ابو العباس احمد بن محمد بن ابي العافية ابن القاضي المكناسي ورحل الى القسطنطينية استعمله مخدومه مولانا ابو العباس السلطان الاعظم والهمام الافخم المجاهد احمد المنصور الشريف الحسني في السفارة بعثه سفيرا لملك الاتراك.
اثاره :
لقد حظي محمد بن علي الفشتالي بعناية فائقة واهتمام بالغ لدى رفقائه واصدقائه المقربين اليه فمدحوه واشادوا بشاعريته وبراعته في الظم والنثر فقال الاديب الخفاجي الذي خصه بترجمة وافية في كتابه ريحانة الالبا فكنت اذا جاذبته اهداب الاداب واجلت في ناديه قداح الخطاب كاني جاث بين الفرزدق او جرير لانه بصير بعورات الكلام خبير وقال الاديب الوزير بلديه وابن قبيلته الفقيه الكاتب المجيد والاديبب الذي يبدئ فن المحاسن ويعيد صاحب القلم الذي يصيب من الاغراض كلاها ومفاصلها وتعترف له بقوة امضاء من الصوارم مناصلها.
وقال ابن القاضي وزير القلم الاعلى الكاتب الاديب البليغ . فهؤلاء من معاصريه وغيرهم الذين شهدوا له بالبراعة في قرض الشعر والمهارة الفائقة في الكتابة النثرية لم تكن منطقة من فراغ بل من خلال ما ترك من اثار في النوعين قال ابن القاضي وله نظم رائق ونثر فائق ومن هذه الاثار من الكتابات والتأليف :
– نظم وفيات ابن قنفذ قال العالم المؤرخ محمد بن الطيب القادري ومن بدائع نظمه قصيدته البديعة التاريخية التي نظم فيها ما تضمنه تاليف ابن قنفذ من وفيات الاعيان من زمان النبوة المحمدية الى تمام المائة الثمانية وزاد عليها الى تمام الف سنة وذليلها ابو عبد الله المكلاتي واشار لوفاة صاحب الترجمة فيها بقوله :
شكا الدهر فقد ناظم وبكى له بكاء محمب بان عن مترجل
وهي قصيدة لامية في مخطوطة بالخزانة الوطنية بالرباط تحت رقم 487د وقال الشيخ عبد الله كنون من ماثره الادبية اللامية التي نظم فيها ما تضمنه تاليف ابن قنفذ في وفيات الاعيان من زمن البعثة الى تمام المائة الثامنة وزاد عليه الى تمام الف سنة رامزا الى التواريخ بنقط الحروف الابجدية على ما شاع عند ادباء العصور المتاخرة وقد ذيل على هذه القصيدة الاديب المكلاتي واشار الى وفاة المترجم بقوله :
شكا الدهر فقد نازم وبكى له بكاء محب بان عن مترجل
وقالت نجاة المريني في هذه اللامية ومن مؤلفاته ايضا منظومة من البحر و وفيات ابن القاضي ولقط الفرائد وتقع في مائة واربعة وتسعين بيتا وفيها استوعب وفيات الاعيان من ظهور الاسلام الى تمام المائة العاشرة للجهرة وهي مخطوطة في نسختين :
احداهما بقسم الوثائق والمخطوطات بالرباط.
والثانية بالخزانة الحسنية بالرباط.
– عدة قصاعد شعرية متنوعة ومتفرقة وقد بذلت الاستاذة نجاة المريني مجهودا تشكر عليه في جمع اشعار الاديب محمد الفشتالي المتفرقة وضبطها وتحقيقها حيث تقول في معلمة المغرب وقد عملت على جمع اشعاره المتفرقة وضبطها وتحقيقها من مصادر العصر وغيره في كتابي الشعر المغربي في عصر المنصور السعدي وصنعت له ديوانا شعريا جعلته ضمن ملحق الكتاب ويضم هذا الديوان عشر قصائد وسبع مقطوعات في سبع وثلاثمائة بيت توزعت بين المقطوعات التالية :
ü اربع قصائد في المدح السلطاني.
ü ثلاث مولديات .
ü قصيدتان في الوصف .
ü اربع مقطوعات سجالية.
ü ثلاث مقطوعات في الغزل.
ü ومقطوعة في التهنئة .
وهذه نماذج من اشعاره:
– قصيدة في احدى مولدياته التي قالها بمناسبة الاحتفال للميلاد الكريم والتنويه بموسمه العظيم الذي كان يقيمه السلطان وينشد فيه الشعراء مديحهم بحضرته بالترتيب حسب ما جاء في مناهل الصفا حيث يقدم الوزير ابو فارس عبد العزيز الفشتالي من بلدته وابن قبيلته لقصيدته هاته بقوله وتلاه الفقيه الكاتب شعلة ذكاء ومحرز خصل السبق في مضمار الانشاد والنابة النزيه العزيز المكانة المغدق السجية المسترسل الطبع العذب الفكاهة الحلو الناذرة المبرز في اشتات الفضائل الاخ الكريم والولي الحميم ابو عبد الله محمد بن علي الفشتالي فانشد له :
اسرار وجدك من جفونك تعلم ولسان دمع عن هواك مترجتــــم
تخفي الغرام وفي الشهود عدالة لا يقبلون رشى على ان يكتمــــوا
دمع وسقم والسهاد وصفرة كل على الصبابة يرســـــــــــــــم
لم يرد من الف السلامة ان ما ء العين من نضج الفؤاد منعــــــــدم
اطبقت احشائي على نار الجوى فمنازل الصبر بها تتهـــــــــــــــدم
وتادبت فمن هويت جوارحي فالعين تنثر واللسان ينظــــــــــــــم
ان لم يفض دمعي على اخدوده في صحن فــــــهو فــــــيه مبهــــــــــم
نار البعاد على خفاء مكانها احرق من نار العـــــــذاب والــــم
برق باقصى المشرقين وماؤه من مقلتي بــــــالمغربين بــــه دم
يا ساكني سلعا فقد سلع الحشى من رقش موصول التفرق ارقــــــم
وسكنتم بالمنحنى من اضلعي وجرت دموعي بالعتيق علـــــــــيكم
وروت حديث ابي الزناد جوانحي نوم المضاجع عن قتادة يحــــــــرم
اهل المنن بيت الملوك العظام معشـــــــــــر النصــــــــــــــــر
بنى الحسن نجل الرسول التهامي منبـــــــــــــــع الفخــــــــــــــر
ملك الزمان لاحمد بن الامام مــــــــلك العــصــــــــــــــــــــر
لا زال يجري ضرع المنن والنحاج بيـــــــــــد السلــــــــــــــــــوان
ما قائل قولا يفيض السماح مــــــن يـــــــد السلطـــــــــــــان
اما نثره الفائق فتقول الاساتذة نجاة المريني عنه فاغلب ما نتوفر عليه رسائله السياسية ضمن كتاب رسائل سعدية الذي اعتنى بجمعه وتبويبه عبد الله كنون وصدر سنة 1952 وتقع هذه الرسائل في ثمان عشرة رسالة كتبها عن السلطان المذكور بعضها الى سلطان الاتراك وبعضها الى جيش الجزائر وبعضها الى اهل توات واشياخهم وتمتاز هذه الرسائل بدقتها وضبط تواريخها واسلوبها الانيق المسجوع…
وهاتان رسالتين من بين رسائله :
رسالة الى احد وزراء الاتراك كتبها عن المنصور – كما يقول محمد بن تاويت – ورد فيها :
( المرتبة التي ما زالت عظمتها تنشر على صعاد العز الموصول واعلام جلالها تخفق على هضاب الرعي المتلقى بالقبول وحسن الاختيار الخاقاني في استخلاصها متمحض التمكين والخلوص ومدود اسماء اكبارها لا تقصره النقول والنصوص والمكانة الراسخة القدم في درج المعالي الجامعة في استنتاج الفضائل بين المقدم والتالي الحائزة من المثابة العثمانية في حلبات الاضراب والاكفاء قصب السباق الفائزة من جلائل ايثارها وادناها بنفائس الاعلاق والمنزلة التي لها من خلوص الاعتلاق بتلك الايالة الخاقانية ما اشرف شموسها واقمارها واناطت بعرى قاعدتها العثمانية من حبائل محبتها واسباب وصلتها ما فسح اطناب معاليها واجل مقدارها واعملت عزائمها فيما اجال لديها قداح مرضاتها وادارها منزلة الوزير الاعظم الكبير الجليل الخطير الاقرب الوجيه المشاور الاشهر الاشمخ ابي فلان باشا يسر له من اسباب البر ما شاء سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اما بعد حمد الله الذي جعل هذا الامر الكريم منازا لاقامة اود الدين ظاهرا واختار لمحبته من سبقت له السعادة من عباده المؤمنين وجعل لهم منه مساعدا وظهيرا واتحف منه اكناف البسيطة واقطار المعمور بسياج لا يزال وهاجا وامطر من السماء معاليه لاوليائه غيث فضل لا ينفك ثجاجا وحكم باتلاف وشائج الارواح مع تنائي مقار الاشباح وانتقى لمحبة بيت نبيه (ص) من زاد في السعادة على غيره واربى وقال جل اسمه اثر اظهار خطر الموعود به : ” قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى ” وانفس المذخور المتخذ عند الرحمان عهدا ” ان الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا “. والصلاة والسلام على عروس الحضرة القدسية الذي اعيى وصف كماله المنازع ولو سحبانية والاساليب ولو قسية سر الكون ونتيجة قياسه وخلاصة الوجود على تباين انواعه وتفاصيل اجناسه سيدنا ومولانا محمد الذي انصدع فجر دعوته الغراء عن ليل الكفر والشقاق وجاء وادى اية البينات فطم على القرى في الاقطار والافاق وعلى اله الذين حافظوا على سنته محافظة الكريم على عرضه والبخيل على عرضه ودافعوا حوزتها بكل ماضي الغرار من الالسنة الزرق والبواتر الحرار حتى اذعن العصي واخلد الابي وانتظم القريب والقصي وعن صحابته الذين شدوا في نصرة دين الله حيازيم العزائم ولم يكتفوا بكرائم الاموال حتى بذلوا النفوس الكرائم فانا كتبناه اليكم كتب الله لكم من المسرات المستمرة اوفرها نصيبا وجعل لكم في الكمال سهما لا يزال مصيبا من الحضرة المراكشية حاطها الله حيث عزائمنا الجهادية مشحوذة المدى وهممنا العلوية فيما يرضي الله ويسخط عدو دينه بعيدة المدى وجياد المذاكي لارهابه مرتبطة وجمل الاحوال في انتظام شمل الاسلام منة الله متناسبة مرتبطة وملة التوحيد بهذه الاقطار لا تزال تعض التثليث منها بانياب مسمومة وتنثر اشلاءه وقد كانت بمدد الامهال منظومة فاتلفت والشكر لله ملة الاسلام اي ائتلاف ولم يجر الوهم في خللها خيط تنافر ولا اختلاف وصنع الله لهذا الامر العلي الذي ما زالت ادوار السعود متحركة بامانيه ولا برحت اناء الجديدين مجدة في تحصيل بشائره وتهانيه وزاده اللع عزا وظهورا وابقاه في عين الوجود نورا مفعم الحياض انيق الرياض ولله المنة.
هذا ومصدر هذا المدرج الكريم اليكم تقرير ود تلوح من لدنكم دلائله وتروق من تلقائكم بكره واصائله وما يعرض لكم بهذه الانحاء فمقابل مرادكم فيهان شاء الله بالتسهيل ومتلقى بوجه من الترحيب جميل ادام الله تعالى كرامتكم وتولى بمنه كلاءكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
رسالة كتبها على لسان السلطان مخاطبا جيش الجزائر على ولائه وطاعته جاء فيها اما بعد حمد الله الذي جعل الملة الاسلامية نورا في البسيطة وهاجا وامطر من سحائب الائتلاف على نصرتها ماء لا يزال بمنة الله ثجاجا واصطفى لذلك من خلقه عصائب لا تنفك على الحق ظاهرة وفي اجتثاث اصول الكفر متناصرةمتظاهرة. الى ان يقول هذا وقد تادى لمخلنا العلي من مدرجكم المعتبر ما فض عن ليل نفسه ختامه وحسر عن وجه مقتضاه لثامه فلاح بتضاعيفه من ودادكم المحض لهذا الجناب والخلوص الذي لا يتطرق الى صفوه كدر ارتياب ما اسفر لكم عن وجه الاقبال وسيما واعقب لولائكم به عرفا عاطرا ونسيما.
اقوال العلماء فيه :
لقد احتل الاديب الشاعر ابو عبد الله بن علي الفشتالي الصدارة في الادب في عصره وذلك لمهارته في الصناعة وبراعته في الشعر وتفننه في ضروب النظم بالاضافة الى المكانة التي حظي بها عند السلطان احمد المنصور الذهبي كان وزيرا وكاتبا مما دعا الادباء يثنون عليه كثيرا ومن اقوالهم فيه :
– قول العالم عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الفاسي الفهري حيث قال فيه كان اديبا حافظا كاتبا بليغا كثير التمثل بالاشعار والحكم والادب وحسن الخط متقن الضبط ذا حظ صالح من قرض الشعر.
– قول العالم محمد بن الطيب القادري جاء فيه الفقيه الكاتب الاديب ابو عبد الله محمد بن علي الفشتالي صاحب الانظام الرائقة والاشارات الفائقة اعجوبة الدهر وفريدة عقد العصر ياتي في رسائله بالعجائب ويسحر في ترسله الالباب كتب للمنصور احمد الذهبي فابهج حضرته وانار طلعته.
– قول العالم ابي العباس احمد بن محمد بن ابي العافية ابن القاضي المكناسي جاء فيه محمد بن علي بن ابراهيم ابو عبد الله يعرف بالفشتالي ووزير القلم الاعلى الكاتب الاديب البليغ الشهير الذكر بالمغرب وهو علم في الفضيلة والسراوة ومكارم الاخلاق وكرم النفس واسع الايثار متين الحرمة عالي الهمة كاتب بليغ اديب شاعر حسن الخط يكتب خطوطا على انواع كلها على جميل الانطباع فصيح القلم ذكي الشيم موثر لاهل العلم والادب بر باهل الفضل والحسب نفقت بوجوده للفضائل افاق وله ولوع بالادب وصبابة باقتناء الكتب وله نظم رائق ونثر فائق.
– قول العالم الاديب عبد الله كنون قال فيه ابو عبد الله بن علي بن ابراهيم الفشتالي احد وزراء المنصور ومن صدور الادباء في عصره كان كاتبا مجودا ماهرا في الصناعة شاعرا بارعا متفننا في ضروب النظم قال صاحب الريحانة في حقه ” وزير مولاي احمد اديب فاس وريحانة فضائلها الاكياس تقدم فيها متقلدا قلادة انشائها فائقا برسائله على سائر ادبائها وله ماء شعر تشربه افواه الاسماع ورياض منثور تغرد جمائم بمطرب الاسجاع”.
– قول رفيقه في العشرة والمهنة وابن قبيلته وبلديه ابي فارس عبد العزيز الفشتالي حيث جاء فيه الكاتب البارع الاصيل الفقيه الكاتب المجيد والاديب الذي يبديء فن المحاسن ويعيد صاحب القلم الذي يصيب من الاغراض كلائها ومفاصلها وتعترف له بقوة امضاء من الصوارم مناصلها والفقر التي رفعت للبلاغة لواء وارتدت من المحاسن رداء وضرب بها المثل في العذوبة ولقلوب الادباء خلوية الفقيه الكاتب شعلة ذكاء ومحرز خصل السبق في مضمار الانشاء النابه الترية العزيز المكانة المغدق السجية المسترسل الطبع العذب الفكاهة الحلو النادرة المبرز في اشتات الفضائل الاخ الكريم والولي الحميم.
– وقول ما جاء ي معلمة المغرب : ومحمد بن علي الفشتالي من الشعراء الذين نالوا الحظوة في بلاط السلطان احمد المنصور السعدي فتبوا رئاسة القلم ليشارك المؤرخ الوزير المنصب مدة من الزمن.
وفاته :
لقد توفي الاديب الشاعر الكاتب ابو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن الفشتالي عام 1021ه/1612م. فرحمه الله رحمة واسعة حيث استفاد من نعمتي الصحة والفراغ الذي قال فيهما رسول الله (ص) نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ فكان رحمه الله ممن انشد فيهم العالم الاديب ابو القاسم الجزي.
لكــل بنب الدنيــــا مراد ومقصــــد وان مــرادي صحة وفــــــراغ
لابلغ فـــي علم الشــــــريعة مبلــغا يكون بــه لي للجنان بـــــــلاغ
وفي مثل هذا فليتنافس اولو النهى وحبي مــن الدنيا الغرور بــلاغ
فما الفوز الا فـــي النعيم موبــــــد به العيش رغد والشراب سـاغ
فنالمراده ومقصوده من النعمتين باكتساب نعمة العلم التي تنافس فيها فجمع بين العلوم الشرعية والادبية بشهادة اقرانه ومعاصريه من العلماء والادباء فحاز حظوة وفخرا في الدولة السعدية عهد الخليفة احمد المنصور وذلك بالمهام الجسيمة التي كان يشغلها ويقوم بها قال الامام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه :
مــا الفخر الا لاهــل العلم انــهم على الهدى لمن استهدى ادلاء
وقدر كل امريء ما كان يحسنه والجاهلون لاهل العلم اعــــداء
ففز بعلم تعش حيـا بـه ابــــــدا الناس موتى واهل العلم احيــاء
نعم انه فخر وحياة ادبية لصاحبه في حياته وبعد مماته ولكن موته يعتبر الله وجهه ورضي الله عنه العالم افضل من الصائم القائم المجاهد واذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها الا خلف منه.
فرحم الله الشيخ الاديب ابا عبد الرحمن الفشتالي رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته امين والحمد لله رب العالمين.
المؤلف: ذ. عبد الكريم احميدوش كاتب وعضو المجلس العلمي لتاونات
تاونات
تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.