المحكمة الإدارية بالرباط:إلغاء نتيجة عملية انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط لعدم إحترام التمثيلية النسائية في التشكيلة
المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 4295
بتاريخ : 01/10/2015
ملف رقم : 362/7107/15
باســم جـلالة الملك وطبقا للقانون
بتاريخ 01/10/2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
مصطفى سيمو……………………………….رئيسا
فتح الله الحمداني……………………………..مقررا
عبد الحق أخو الزين ………………………..عضوا
بحضور رشدي حرمان……………………….مفوضا ملكيا
وبمساعدة مليكة حاجي………………………..كاتبة الضبط
الحكم الآتي نصه :
بين الطاعن : ابراهيم الجماني وكيل لائحة الأصالة والمعاصرة
عنوانه: 42 زنقة بقيوة شارع محمـد السادس السويسي الرباط.
نائبه: الأستاذ صالح مرزوق المحامي بهيئة الرباط.
من جهة
وبين :
1- محمـد الصديقي عن العدالة التنمية رئيس المجلس الجماعي للرباط،
2- جهاد رباح بصفتها كاتبة الجلسة عن العدالة والتنمية.
3- الحسن العمراني عن حزب العدالة التنمية.
4- عبد الرحيم القرع عن حزب العدالة والتنمية
5- محمد بو الحسن عن حزب التجمع الوطني للأحرار.
6- الحسين الكرومي عن حزب الحركة الشعبية.
7- صباح بوشام عن حزب العدالة الشعبية.
8- صادق أمين عن حزب التجمع الوطني للأحرار
9- جلال قدوري عن حزب الحركة الشعبية
10- يونس شقرون عن حزب العدالة والتنمية
11- خالد مجاور عن حزب الاتحاد الدستوري
12- سعاد الزايدي بدون انتماء سياسي
عنوانهم: مقر المجلس الجماعي بالرباط.
نائبهم: الأستاذ سعد بنمبارك المحامي بهيئة الرباط
– والي جهة الرباط سلا زمور زعير.
– وزير الداخلية بمكاتبه بمقر وزارة الداخلية بالرباط
من جهة أخرى
الوقائـــع:
بناء على عريضة الطعن المسجلة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 23/09/2015 والتي عرض فيها الطاعن بواسطة نائبه أنه تقدم بترشيحه لرئاسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط باعتباره وكيلا للائحة حزب الأصالة والمعاصرة خلال الانتخابات التي جرت بتاريخ 16/09/2015، وأن المطعون ضده الأول بعد انتخابه رئيسا للمجلس الجماعي تقدم بترشيح لائحة نواب الرئيس التي يقترحها وهي اللائحة التي فازت بالأغلبية المطلقة وفقا لمضمن محضر العملية الانتخابية، إلا أن اللائحة المذكورة جاءت مخالفة للقانون اعتبارا لتضمنها لسبع مرشحين رجال في مقابل مرشحتين فقط، وهو ما يخالف نص المادة 17 في فقرتها السادسة من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات التي ألزمت أن تتضمن لوائح ترشيح نواب الرئيس عدد من المرشحات لا يقل عن ثلث عدد المرشحين ضمن نفس اللائحة، مما يجعل انتخاب اللائحة المذكورة ينطوي على خرق للقانون، لأجل ذلك التمس الحكم ببطلان الانتخابات المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وبناءً على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 29/09/2015 والقاضي بإجراء بحث في النازلة.
وبناءً على ما راج بجلسة البحث.
وبناءً على إدراج القضية بجلسة 01/10/2015 تخلف عنها أطراف الطعن رغم إعلامهم، فتقرر اعتبار القضية جاهزة والتمس المفوض الملكي إلغاء نتائج الانتخابات فتم وضع الملف في المداولة لآخر الجلسة.
وبعد الـمداولة طبقا للقانون
فـي الشكـل:
حيث قدم الطعن مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه التصريح بقبوله.
فـي الـموضوع:
حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء نتيجة انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط المجرى بتاريخ 19/06/2015 مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وحيث أسس الطاعن طعنه على عدم تضمن لائحة نواب رئيس المجلس الجماعي التي فازت في الاقتراع لعدد من النساء المترشحات يساوي على الأقل ثلث نواب الرئيس كما تقضي بذلك المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14.
وحيث تنص الفقرة السادسة من المادة 17 المذكورة أعلاه على أنه “يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس“.
وحيث يستفاد من هذا المقتضى القانوني أن المشرع نص بصيغة الوجوب المتمثلة في عبارة “يتعين” على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في تشكيلة المكتب المسير للجماعة بنسبة الثلث على الأقل، وهو مقتضى يبقى واجب التفعيل على اعتبار أنه يدخل في إطار التدابير القانونية التي تفرضها المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية المصادق عليها من طرف المغرب المتعلقة بمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من خلال عمل الدولة على التنزيل التشريعي المتدرج للمبدأ الدستوري المنصوص عليه في الفصل 19 من الدستور الذي يلزمها بالسعي نحو تحقيق المناصفة بين النساء والرجال، وهي غاية يتطلب تحقيقها ضمان مشاركة أوسع للمرأة في الحياة العامة عن طريق سن مجموعة من الإجراءات التي تستند إلى مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة بفرض حضورها في المجالس المنتخبة استنادا إلى مبدأ “الكوطا”، وذلك من أجل النهوض في مرحلة أولى بوضعها داخل المجتمع بما يساهم في تحقيق الشروط المجتمعية والسياسية التي تجعل المرأة قادرة على الوصول في مرحلة ثانية إلى مواقع المشاركة في الحياة السياسية بدون الحاجة إلى إجراءات التمييز الإيجابي المشار إليها، بمعنى أن هاته الأخيرة تبقى مجرد إجراءات مؤقتة ينقضي العمل بها عندما تتحقق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في شتى المجالات بحكم الواقع وليس بالاستناد إلى مثل هاته التدابير.
وحيث يلاحظ على نص المادة أعلاه أنها جاءت بعبارة “يتعين العمل على” وهي صيغة تختلف عن الصيغة التي وردت بشأن الإلزام بتخصيص عدد من المقاعد النسائية في كل جماعة خلال انتخابات أعضاء المجالس الجماعية بمقتضى المادة 128 مكرر من القانون التنظيمي 59.11، مما مفاده أن تنزيل مبدأ التمثيلية النسائية على مستوى لوائح ترشيح نواب رئيس المجلس الجماعي يبقى مقيدا بعدم تحقق ما يجعل ضمان هذه التمثيلية متعذرا، وهو ما يعني أن الإلزام الوارد بالمقتضى القانوني المذكور لا ينصب على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في لوائح الترشيح بشكل مطلق في جميع الأحوال، بل يتعلق فقط بضرورة مراعاة هاته التمثيلية كلما كان ذلك ممكنا.
وحيث لئن كانت صيغة المادة المذكورة قد فتحت المجال لعدم تطبيق مقتضياتها على إطلاقها في حال تعذر ذلك، فإن تفسير هاته المقتضيات في ضوء السياق الدستوري المتجلي في الفصل 19 من الدستور الرامي إلى السير في اتجاه توسيع مجال مشاركة المرأة في أفق ضمان المناصفة يوجب فهم حالة تعذر حضور المرأة في لوائح الترشيح على أنها حالة استثنائية لا يُتوسع في تطبيقها، الأمر الذي لا يستقيم معه تقدير هذا الظرف الاستثنائي من خلال معيار شخصي مرتبط مثلا برفض عضوات المجلس الجماعي الترشح ضمن لوائح نواب الرئيس استنادا إلى رغبتهن المجردة في عدم الترشح بدون تبريرها بمعطى موضوعي مقبول، لأن ضمان مشاركة المرأة في مكتب الجماعة ليس حقا شخصيا للمرأة المنتخبة فحسب، وإنما هو حق لكل المجتمع الذي يفترض أن يكون هذا المقتضى القانوني قد جاء معبرا عن تطور المشترك الثقافي بين أفراده وبلوغه المدى الذي ساد معه الاقتناع بضرورة الدفع بالمرأة نحو مراكز القرار، بما يساهم في تحقيق مبدأ المساواة بينها وبين الرجل باعتبار تنزيل هذا المبدأ من مداخل التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعم آثاره المجتمع كافة وليس المرأة المنتخبة وحدها. كما أن استحضار مبدأ انسجام النصوص القانونية وتكاملها يؤدي إلى تعزيز هذا الفهم، ذلك أن القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية جاء قاطعا في إلزامه بتخصيص عدد من المقاعد النسائية بما يضمن حضور المرأة بشكل مسبق في المجالس الجماعية، لذلك لا يبقى للنساء اللواتي اخترن الترشح لعضوية هاته المجالس المجال بعد ذلك للرفض المستند إلى مجرد الرغبة الشخصية في عدم الترشح في لوائح نواب الرئيس، لأن مثل هذا الرفض يعاكس أهداف المشرع ويفرغ جميع المقتضيات القانونية ذات الصلة من مضمونها، ولأن فوز المترشحات في الانتخابات المتعلقة بأعضاء مجلس الجماعة بعد قبولهن المشاركة فيها يستتبع ضرورة التزامهن بما يترتب عن هذه العضوية من واجبات يقتضيها المنصب الانتخابي الذي سعين إلى الترشح له، و يقتضي انضباطهن لما يفرضه القانون من ضرورة مشاركة النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في لوائح الترشيح لنواب الرئيس تحقيقا لأهداف المشرع ولحق المجتمع في ضمان الحضور الفعال للمرأة في تسيير المجلس الجماعي. غير أن تحقق حالة التعذر لسبب موضوعي خارج عن الرغبة المجردة للمنتخبات يجعل لوائح الترشيحات المقدمة بدون التوفر على نسبة الثلث من النساء صحيحة، كما في الحالة التي يكون فيها الحزب أو التحالف الحزبي الذي قدم اللائحة غير متوفر على عدد كاف من المنتخبات في المجلس الجماعي لهن نفس الانتماء لهذا الحزب أو لأحزاب التحالف.
وحيث إن الثابت من خلال ما راج بجلسة البحث المجرى في النازلة أن عدد نواب الرئيس بالمجلس الجماعي لمدينة الرباط هو عشرة أعضاء وأن لائحة النواب التي تقدم بها رئيس المجلس وفازت بالرتبة الأولى تضمنت ثمانية مرشحين ذكور ومرشحتين من النساء فقط، مما يجعلها مخالفة للقانون ما دام أن العدد المطلوب لبلوغ عتبة الثلث على الأقل في النازلة هو أربع مرشحات كحد أدنى، وهو ما كان بالإمكان تحقيقه ما دام أن من بين أعضاء المجلس الجماعي للرباط توجد 13 عشر عضوا من العنصر النسوي تنتمين للتحالف الحزبي المُمَثّل في لائحة نواب الرئيس الفائزة حسب الثابت من جلسة البحث، منهن ثمان نساء عن حزب العدالة والتنمية واثنتين عن حزب التجمع الوطني للأحرار وواحدة عن حزب الاتحاد الدستوري وواحدة عن حزب الحركة الشعبية وأخرى غير منتمية حزبيا، مما يتضح معه أنه كان من المتيسر تقديم عدد من المرشحات بما يحقق نسبة الثلث أو أكثر طالما أنه لم يثبت تعذر ترشيحهن استنادا إلى مبرر موضوعي مقبول.
وحيث إنه إعمالا لمقتضيات المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المحال إليه بنص المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في شأن شروط الطعن في أجهزة مكتب الجماعة، يتضح أن مخالفة عملية الانتخاب للإجراءات المقررة قانونا يوجب الحكم ببطلانها، وأنه بالرجوع للنازلة فإن عدم تضمن لائحة نواب الرئيس الفائزة في الاقتراع للتمثيلية النسائية المقررة في المادة 17 المشار إليه أعلاه يجعلها مخالفة للإجراءات القانونية المعمول بها في شأن ضوابط لوائح الترشيح، الأمر الذي يكون معه انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي محل الطعن واقعا تحت طائلة البطلان ويتعين الحكم بإلغائه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والقانون التنظيمي رقم 113.14 الـمتعلق بالجماعات والقانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا و حضوريا:
في الشكل: بقبول الطعن.
في الـموضوع: بإلغاء نتيجة عملية انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه ……………………………………
الرئيـس المقـرر كاتبة الضبط
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.