في ذكرى 8 مارس…المرأة ببني وليد بإقليم تاونات نموذج للتضحية والتحدي

المرأة التاوناتية

المرأة التاوناتية

تاونات:عاهد ازحيمي-جريدة”تاونات نت”/إن الحديث عن المرأة ببني وليد بإقليم تاونات هو في الحقيقة حديث عن المجتمع نفسه، وليس فقط النصف، لما تساهم به من أدوار طلائعية في الحياة القروية التي يغلب عليه بالخصوص الطابع الفلاحي. فالمرأة بالوسط القروي لا ينحصر دورها فقط في تربية الأطفال وأشغال البيت، وإنما تتعداه بكثير، لكونها تساهم إلى جانب زوجها وأبنائها في الأعمال الشاقة خارج البيت. وتشكل عنصرا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاوزه، بل إن غيابها يترك فراغا واضحا ونقصا في السير العادي للنشاط الفلاحي والزراعي.

فالمرأة ببني وليد كما هو الشأن بالنسبة لباقي القرى والقبائل المجاورة، تبدأ عملها منذ الصباح الباكر حتى الظلام، وهي منشغلة بين أشغال البيت وخارجه، فهي أول من يستيقظ، في الصباح، لتعد الفطور وتعمل على إعداد الخبز وطهيه بالفرن التقليدي “الفورنة”، الذي يعتمد على الحطب.

كما تقوم بإطعام الدواجن والأغنام والبقرة وحلبها، وتوقظ أبنائها وتعد لهم الفطور وتجهز حقائبهم وترسلهم إلى المدرسة، واحد تلوى الأخر، كما تعد لزوجها كل ما يحتاج إليه من أكل ولباس وأدوات فلاحية، قبل خروجه إلى حقله لممارسة أشغاله اليومية، ثم تبدأ في عملية تنظيف البيت وجمع الأغطية وغسل الأواني، وتجفيف كل ما يجب تجفيفه، وتسقي الماء من البئر أو العين.

وبانتهائها من أشغال البيت، تذهب في بعض الأحيان للبحث عن الحطب في الغابة أو من أحد الحقول وجمع “القتة”، وحزمها ثن تحملها على ظهرها، إلى البيت، لتعد الغذاء قبل رجوع أبنائها من المدرسة وعودة زوجها من العمل، هذا علاوة على جلبها للتبن من البيدر “الناذر” على ظهرها من حين لأخر، إلى جانب قيامها بسقي الأعراس “لعرص”، المجاورة للبيت.

وفي فصل الربيع تجد النساء يخرجن بعد الانتهاء من أشغال البيت، الداخلية، إلى الحقول لجمع العشب والنبتات “حتيش الربيع”، لتطعمه لأبقارها، وتقوم بحمل ما جمعته وتحملها على البهيمة، ويسمى “الحمل دربيع”.

هذا في ما يتعلق بالأيام العادية خلال السنة، أما في ما يخص بعض المواسم مثل الحرث، فالمرأة تجد نفسها ملزمة بإعداد الفطور والغذاء، ثم تلتحق بزوجها إلى الحقل لمساعدته فهي قد تضطر للزرع أو تنقية الأرض مما قد يعرقل مرور المحراث، “الزوجة”، من أحجار أو أغصان وغير ذلك التي تكون ملقاة وسط الحقل.

أما في موسم جمع الزيتون فالمرأة ببني وليد تتسلح بسلاح العزيمة وتتجلد صبرا لما تعيشه من أتعاب مضاعفة خلال هذا الموسم الذي يتصادف مع فصل الشتاء والبرد، فإلى جانب أشغال البيت من تنظيف وتجفيف وطهي الخبز وسقي الماء وإطعام الدواب والأغنام والدواجن، وهيا أشغال تضطر للقيام بها باكرا حتى تتمكن من اللحاق بزوجها إلى الحقل ومساعدته في جمع الزيتون، والتقاط الحبات التي صارت متناثرة هنا وهناك، وكذلك تساعده في جمع وتسريح “البيشان”، ونقلها من شجرة إلى أخرى، كما تضطر للبقاء مع زوجها في الحقل حتى ينتهي في المساء لتحمل معه “الغلة”، على البهيمة والرجوع إلى البيت.

المرأة التاوناتية نموذج التحدي والصبر

المرأة التاوناتية نموذج التحدي والصبر

ونفس المعاناة تعيشها المرأة خلال موسم الحصاد حيث تجدها في هذا الموسم تعمل على إعداد الفطور والغذاء وطهي الخبز فجرا حتى تخر صباحا مع زوجها وتصطحب معها الأغنام والأبقار، وتأخذ معها الغذاء، لأنها لن ترجع إلى البيت إلى بعد العصر فتقضي يوما كاملا وهي في الحقل تحصد الزرع بمنجلها. لتعود في المساء لتبدأ أشغال البيت وإعداد وجبة العشاء. وهذه الوضعية تستمر لأزيد من شهر في حر الصيف.

تقوم المرأة بكل هذه الأدوار إلى جانب أدوار أخرى وهي لا تشتكي أو تحتج لأنها واعية، أن ما تقوم به فرضته عليها ظروف الحياة وكلك الوسط الذي تعيش فيه، كما تعي كل الوعي بأنها تساعد زوجها من أجل توفير لقمة العيش وتربية الأبناء، فالمرأة الفلاحة ببني وليد تضحي بالكثير وتشتغل أكثر من طاقتها وتعاني من الفقر والحرمان والحاجة لكنها تعتبر ذلك ما كتب لها وذلك هو نصيبها في الحياة.

إن ما تتجلد به المرأة ببني وليد من صبر وما تقدمه من تضحيات في سبيل تحقيق الاستقرار العائلي، وتساهم في توفير لقمة العيش لأسرتها، ومساعدة زوجها في كل صغيرة وكبيرة طيلة السنة دون أن تكل أو تمل، أو تشتكي أو تحتج، يجعلها تستحق بصدق أن توصف بكونها نموذجا للتضحية والتحدي.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7251

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى