جريدة ” تاونات نت” تنشر سيرة وحياة العلامة إبن إقليم تاونات سليمان بن احمد الفشتالي

تراجم علماء إقليم تاونات

تراجم علماء إقليم تاونات

تاونات :جريدة”تاونات نت”/نسبه وولادته :هو ابو الربيع سليمان بن احمد بن محمد بن عبد الله بن احمد بن محمد الفشتالي  اصلا ثم الفاسي.

ولعل الاتيان ‘ بثم’ بعد ما ذكر المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر بن سودة الفشتالي اصلا وبعدها ذكر الفاسي دارا توحي بان ابا الربيع سليمان بن احمد الفشتالي ولد في قبيلة فشتالة ونشا بها واخذ تعليمه الاولي بمسيد قريته التي ولد بها غير ان المؤرخين الذين اهتموا بالتراجيم اكتفوا بذكر القبيلة دون الاشارة الى مدشر الشخصية المترجم لها.

وسنة ولادته غير معروفة ولم يذكرها احد ممن ارخ له الا ان تلميذه ابا الربيع سليمان الحوات قال في كلمة عنه في كتابه ثمرة انسي في التعريف بنفسي ( وناولني بعض مؤلفاته وافادني فوائد لا تحصى في فنون مختلفة وهو الان حي في سن الشيخوخة بارك الله فيه ) وختم كتابه هذا بالعبارة 🙁 وكتبه بتاريخ اواسط صفر خمس ومائتين والف). والشيخ في اللغة ( هو الذي استبانت فيه السن وظهر عليه الشيب وقيل هو من احدى وخمسين الى اخر عمره وقيل من الخمسين الى الثمانين) وغالبا ما تكون الشيخوخة فيمن قارب الثمانين او ناهزها وهو قد توفي سنة  1208هـ/1793م. وعلى هذا التقدير تكون ولادته في العقد الثاني من القرن الثاني عشر – والله اعلم -.

نشاته وتعليمه :

المعتاد  في المغاربة حواضر وقرى – منذ دخول القران الكريم والاسلام بلاد المغرب – انهم يهتمون بالقران الكريم وعلومه وباللغة العربية التي نزل بها وبمعلومها وقد بين ذلك الشيخ عبد الله كنون في الجزء الاول من كتابه النبوغ قال العالم صدوره في صورة عرض وتحليل : ( عالج السيد الله كنون في صدر كتابه هذا حادثين جليلين هنا من اهم حوادث الفتح الاسلامي في العالم وهما :

–         اسلام البربر هذه الامة العظيمة التي لولا دخولها في السلام لكانت بلاد شمالي افريقيا كلها اقطارا معادية للإسلام مناوئة للعروبة بخلاف ما هي عليه الان من الاعتصام بهما وتكوينهما جزءا لا ينفك من اجزاء العالم الاسلامي ولا يقل شانا فيه عن مصر والشام وجزيرة العرب والاناضول وفارس  وهم جرا بل حصنا منيعا تتكسر على جوانبه هجمات الامم التي لا تطيق وجود الاسلام في الارض .

–         استعراب البربر الذين اصبحوا بتأثير الدين الحنيف واللسان العربي الشريف كتلة واحدة هم والعرب يعادون من عاداهم ويوالون من والاهم ويكونون دائما يدا واحدة على من سواهم .

فكان الاباءوالامهات يرسلون اطفالهم عند سن التمييز والتمدرس الى الكتاب القرآني بمسجد مدشرهم لتعليم الكتابة والقراءة وحفظ القران الكريم والمتون المعتمدة في قراءة القران وفهمه ثم الانتقال الى المعاهد او المساجد المركزية التي يوجد فيها علماء وفقهاء تصدروا لتدريس هذه المتون.

والشيخ سليمان بن احمد الفشتالي صار على هذا المنهج ودربه منطلقا من مسيد مسجد قريته او كتاب حيه مكان مسقط راسه وولادته فشب في التربية والتعليم الاوليين ثم صار يتعاطى العلوم وفنونها المتنوعة وقد شهد له بها تلميذه ابو الربيع سليمان الحوات حيث قال في كتابه ثمرة انسي في التعريف بنفسي :

اخدت عنه موضوعات كثيرة في الحساب والميقات بالالة وبدونها والطب وغير ذلك قال يحيى بن خالد :

تفنن وخذ من كل علـــــــم              يفوق امرؤ في كل فن له علم

فانت عدو للذي انت جاهل       به ولعلم انت تتقنه سلــــــــم

وهذا ما حرص عليه الشيخ ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالي عندما دخل فاس والتحق بجامعها القرويين في تلقي هذه العلوم مشافهة عن كبار العلماء وفضلاء الفقهاء قال ابو العباس بن العريف.

من لم يشافه عالما بأصولــهفيقينه في المشكلات ظنون

من لنكر الاشياء دون تيقـــن               وتثبت فمعاند مفتــــــــون

الكتب تذكرة لمن هو عالــــم              وصوابها  بمحالها معجون

والفكر غواص عليها مخرج              والحق فيها لؤلؤ مكنـــــون

فتضلع رحمه الله  في  علوم شتى وصار يدرسها للطلبة بجامع القرويين .

شيوخه وتلامذته :

ان العلوم المتنوعة والمختلفة المواضيع يتطلب تحصيلها من عدة شيوخ كل حسب العلم الذي تضلع فيه وان كان من يوجد من هؤلاء العلماء والشيوخ مشاركا في كثير من العلوم ومع ذلك يوزعون هذه العلوم وموادها فيما بينهم في التدريس والالقاء او يختص كل واحد منهم بتدريس وتلقين فن من فنونها ولهذا غالبا ما يكون للشيخ العلامة ابي الربيع سليمان بن احمد الفشتالي شيوخا كثيرين نذكر منهم على سبيل المثال :

  • الفقيه العلامة الصوفي اللغوي ابو الثناء وابو محمد عبد المجيد بن علي بن محمد بن علي المنالي الشهير بالزبادي الشريف الحسني الادريسي قال عنه صاحب السلوة :(كان رحمه الله غزير العلم واسع الحلم صائما قائما قانتا له ذكرا مذكرا حافظا للسنة عارفا بها جامعا بين الشريعة والحقيقية كريم المعاشرة جميل المذاكرة سابغ الفضل والكرم واسع الخلق والصبر والتواضع والتلطف مع الدين المتين والمحبة في جانب اهل العلم المنتسبين .

شارك في علوم ومهر في علم اللغة وكان اماما فيه حافظا شوارده ودقائقه وله الباع الطويل في الطب وتوفي شهيدا بالطاعون غروب شمس يوم الجمعة الحادي عشر من شعبان عام 1163هـ ودفن الغد وهذا الغد هو الذي ذكره صاحب نشر المثاني فقال : ( توفي في ثان عشر شعبان عام 1163م) والموافق للسنة الميلادية 1749م بينما عند الدكتور عبد الهادي التازي انه توفي في عام 1158هـ.

وهذا من اقتصر عليه في ذكر شيوخ سيدي ابي الربيع سليمان بن احمد الفشتالي من المؤرخين له.

وكان الى جانب سيدي ابي محمد عبد المجيد بن علي المنالي الزبادي من علماء القرويين في الوقت الذي يدرس ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالي وغالبا ما تتلمذ عليهم واخذ عنهم من مثل :

  • الطبيب الفقيه عبد الوهاب بن احمد بن محمد ادراق كان ابو العباس احمد ادراق طبيبا وعالما من علماء فاس وجده ايضا ابو عبد الله محمد ادراق كان طبيبا يقول الدكتور عبد الهادي التازي في الفقيه الطبيب عبد الوهاب : ( وقد عرفت له تأليف كثيرة اغنت الدراسات الطبية بالغرب منها تعليق على النزهة للشيخ داود وارجوزة ذيل بها ارجوزة ابن سينا في الطب وارجوزة في حب الافرنج المعروف في العامية المغربية بالنوار وقصيدة في فوائد النعناع الذي ينقعه المغاربة في الاتاي الشاي يقول منها :

اذا الشهوتان احتاجتا لموافق       فليس سوى النعناع خدن موافق

وقد توفي هذا العالم الطبيب سنة 1159هـ/1750م.

اما تلامذته الذين درسوا عليه واخذوا عنه فهم كثر يقول صاحب سلوة الانفاس : ( واخذ عنه هو جماعة من الاعيان) ومن هؤلاء التلامذة الباعيان :

–         الشيخ العلامة المشارك مولاي التهامي بن عبد الله الحسني العلوي اخذ عنه التعديل والميقات.

–         الشيخ العلامة الاديب تاج الاذكياء ابو الربيع سليمان بن محمد الحوات يقول عن شيخه : اخذت عنه موضوعات كثيرة في الحساب والميقات بالألة وبدونها والطب وغير ذلك وناولني بعض  مؤلفاته وأفادني فوائد لا تحصى في فنون مختلفة وتوفي سنة 1331هـ/1912م.

–         الشيخ الفقيه الفاضل ابو عبد الله محمد بن العباس الجزولي السوسي اصلا الفاسي دارا كان يتبرك به السلطان المولى سليمان رحم الله الجميع وتوفي سنة 1250هـ/1834م.

–         الشيخ العلامة المشارك في جميع الفنون ابو الفيض حمدون بن عبد الرحمن السلمي المرداسيالشهير بابن الحاج توفي سنة 1232هـ/1816م.

المهام التي زاولها واثاره :

لقد شغل الفقيه العلامة ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالى عدة مهام منها :

–         التدريس : قال المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر بن سودة : ( كان علامة مشاركا مدرسا يتقن الفنون).

–         القضاء والفتيا : قال الشيخ الاسلام ابو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني : ( القاضي بفاس والمفتي بها) وقال عبد السلام بن عبد السلام بن عبد القادر بن سودة : ( ولي قضاء فاس).

اما اثاره  فقد خلف تأليف خلدت ذكره وتنفعه في اخرته لأنها من الصدقة الجارية قال رسول الله (ص) ( ان مما يلحق المؤمن من عمله وحسانته بعد موته علما علمه ونشره وولدا صالحا تركه او مصحفا ورثه او مسجدا بناه او بيتا لابن السبيل بناه او نهرا اجراه او صدقة اخرجها من ماله في حصته وحياته تلحقه من بعد موته).

وقال احد الادباء الشعراء :

صنف الكتب يبق ذكرك واحرص  ان تصون العلـــــوم والادابـــــا

ان جوهر الخواطر علما   يلقح العقل حكمة وصوابا

وقال اسري بن احمد الكندي :

كن للعلوم مصنفا او جامعـــــــا             يبقى لك الذكر الجميل مخلـــــــدا

كم من اديب ذكره بين الـــــورى           غض وقد اودى به صرف الردى

ورأى الاديب يهابــــــــــه اعداؤه       ويعده السادات فيهم سيـــــــــــدا

ينسى اواخرنا الاوائل كلهـــــــــم الا اخــــــــا العلم الذي حاز المدا

فكان له من هذه المؤلفات كما قال المؤرخ عبد الرحمن بم زيدان :له شرح سلك الالي في مثلث الغزالي توجد نسخة مخطوطة منه بالمكتبة الوطنية برقم : 2023/26 د واخرى بمؤسسة علال الفاسي برقم 748 ضمن مجموعة من ص :304 الى 334.

–         وايضا : شرح على رسالة محمد بن احمد سبط المارديني المجيب من الميقات وقد طبع بالمطبعة الحجرية.

–         وله كذلك : النبذة اللامعة فيما يتعلق بالصفيحة الجامعة.

اقوال العلماء فيه :

ان العلماء اذا وصفوا شيوخهم او تحدثوا عنهم فانهم يصفون الواقع بما راوا فيهم او لا مسوه ولاحظوه في سلوكهم ومعاملاتهم وبما ادركوه عنهم من سعة العلم والضبط والاتقان عند الالقاء والحلم وسعة الصدر عند المذاكرة وغير ذلك مما نجده مكتوبا في تراجم العلماء ومنهم الشيخ العالم الفقيه الطبيب ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالي قال فيه تلامذته وغيرهم منها :

ما قاله تلميذه الذي وافقه في الاسم والكنية ابو الربيع سليمان بن محمد الحوات عند مدحه في احدى قصائده يوم ختم عليه روضة الازهار :

امام ففي علم الشريعة واحد      وفي حكمة التعليم ثالث من مضى

وقال عنه ايضا في ثمرة انسي : ( الفقيه العلامة الجامع للفنون الغربية والمتوغل في معرفة العلوم القديمة على طريقة اهل الحكمة بما لا يخالف الشرع والمشارك في غيرها اتم مشاركة.

وما قاله صاحب سلوة الانفاسي : ( الشيخ الامام الاشهر العالم العلامة الاكبر العارف بأسرار الحكماء والمنفرد في الاقطار المغربية بتحقيق تعاليم القدماء القاضي بفاس والمفتي بها ابو الريع سيدي سليمان بن احمد الفشتالي كان رحمه الله فقيها عالما اديبا حكيما نبيلا فاضلا اريبا جامعا للفنون الغربية متوغلا في معرفة العلوم القديمة على طريق اهل الحكمة لا يخالف الشرع مع المشاركة في غيرها اتم مشاركة.

وما قاله صاحب اتحاف المطالع : كان علامة مشاركا مدرسا يتقن جل الفنون وله اليد الطولى في فنون الحكمة.

وما قاله صاحب شجرة النور الزكية : ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالي العلامة الالمعي البارع في كثير من الفنون.

وما قاله صاحب الشرب المحتضر :العلامة الجامع للفنون الغربية والمتوغل في معرفة العلوم القديمة العجيبة عن طريق الحكمة بما لا يخالف الشرع.

وفاته :

 توفي هذا الحبر العلامة  المدرس القاضي بفاس والمفتي بها الشيخ ابو الربيع سليمان بن احمد الفشتالي ليلة الثلاثاء اليوم الاول من شهر رمضان عام 1208هـ/1793م بمدينة فاس حرسها الله من كل باس ودفن خارج باب عجيسة بداخل قبة سيدي ابي عبد الله التاودي فرحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته امين والحمد لله رب العالمين.

المؤلف: ذ. عبد الكريم احميدوش عضو المجلس العلمي لتاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى