الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يوجه مذكرة حول الوضع الحقوقي ببلادنا إلى عبد الإلاه بنكيران رئيس الحكومة
الرباط:موقع “تاونات نت”/عقد الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان مؤخرا ندوة صحفية بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية استعرض فيها وضعية حقوق الإنسان ومسؤولية الحكومة وعلى رأسها واقع الحريات وانتخابات 07 أكتوبر2016 وواقع المدرسة العمومية و قوانين أساسية و القوانين التنظيمية.
وخلال هذه الندوة تليت نص المذكرة الموجهة للأستاذ عبد الإلاه بنكيران رئيس الحكومة حول الوضع الحقوقي الراهن ببلادنا.هذا نصها:
يتوجه اليكم الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان بهذه المذكرة التي تستعرض أهم عناصر الوضع الحقوقي الراهن بالمغرب ، ومايميزه من تواتر الإنتهاكات التي تستخف بالقانون ، وتطال الحقوق والحريات.
إننا على وعي تام بان مسؤولياتكم الدستورية والسياسية والتشريعية والمجتمعية كحكومة وكمؤسسات وكهيئات تفرض عليكم ضمان الأمن القانوني لكل المواطنين والمواطنات، ; وحماية ممارسة الحريات، ووضع حد لكل التجاوزات والتراجعات، كما انكم ملزمون بالإعمال الحقيقي ، والسهر على تفعيل مقتضيات التعهدات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان التي التزم بها المغرب، واضحت بالتالي واجبة التطبيق ومقدمة على القانون الوطني .
إننا بالائتلاف الحقوقي نرفض المساس بالمكتسبات الحقوقية والديمقراطية التي راكمتها الحركة الحقوقية والديمقراطية، وأدى عنها الشعب المغربي ثمنا غاليا على امتداد العقود الماضية يشهد عليها التاريخ ، والرأي العام الوطني والدولي، وإن إعداد هذه المذكرة ينطلق بالأساس من شعورنا بواقع التطورات والصراعات المتلاحقة التي تهز العالم ، والتي تتعالى امامها نداءات الضمير الانساني وآمال الشعوب، بضرورة وضع حد للقتل والخراب العسكري والاقتصادي والاحتلال والتوسع والعدوان، ومن ضرورة التقيد بالشرعية الدولية ومعايير حقوق الانسان ، وانطلاقا كذلك من الجدل الدائر مجتمعيا ، ومن الخطابات والتوصيات الصادرة عن المؤسسات الدستورية و الرسمية الاخرى ، أو عن المؤسسات الوطنية والدولية ، أو عن النقاش الحقوقي والمجتمعي الدائر حول مآل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تضمنها التقرير الختامي لهذه الأخيرة في يناير 2006، والتي لازالت رغم أهميتها لم تعرف بعد طريقها إلى التنفيذ.
وسنحاول ان نعرض عليكم في هذه المذكرة ، أهم عناصر قلق مكونات الإئتلاف وانشغالات الراي العام في كل ما له علاقة بالمستجدات الحقوقية، ومطالب الإئتلاف وما هو منتظر منكم من مواقف واجراءات مستعجلة غير قابلة للتردد او التأخير بهذا الخصوص.
1- واقع الحريات:
– بالرغم من الخطاب الرسمي للدولة امام الرأي العام الوطني والدولي، باحترامها الحقوق والحريات، فإن واقع الحال يكشف عن ضعف كبير في مصداقيته. ويمكننا بهذا الصدد الرجوع إلى التصريح غير المسؤول لوزير الداخلية في البرلمان، بتاريخ 15 يوليوز 2014، والذي تهـجم فيـه على الحركة الحقوقية المغربيةّ، واتهمها بخدمة أجندات أجنبية تلحق أضرارا بالمصالح الوطنية للمغرب، وأنها تعرقل قيام الأجهزة الأمنية بعملها في مكافحة الإرهاب، وهي الاتهامات التي لا تستند على أي أساس قانوني أو مادي، ، بل هناك محاكم أصدرت أحكاما ضد قرارات وزارة الداخلية المصادرة للحق في التجمع و التظاهر السلمي ، والحق في تأسيس الجمعيات، ولازالت المصالح التابعة لوزارة الداخلية تنتهك هذه الحقوق والحريات دون أدنى مساءلة أو عقاب، ودون أي اعتبار للأحكام الصادرة عن القضاء الإداري، وسياسة المنع مستمرة – منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا –حيث مست وتمس العديد من الجمعيات والهيئات الوطنية والدولية نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر منظمة العفو الدولية، منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش)، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، التحالف الدولي للحقوق والحريات، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، الجمعية الطبية لتأهيل ضحايا التعذيب، مرصد العدالة بالمغرب، جمعية عدالة، الحرية الآن، الجمعية المغربية لتربية الشبيبة، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، جمعية أطاك المغرب،الجمعية المغربية لصحافة التحقيق ، الجبهة الوطنية لمحاربة التطرف والإرهاب، والمركز المغربي لحقوق الإنسان…
ويشمل المنع والتضييق الواسع ما يلي :
استعمال الفضاءات العامة ( القاعات العمومية رغم الموافقة الكتابية للجهات الوصية عليها).
استعمال الفضاءات الخاصة ( الفنادق، المركبات الرياضية والشبابية)..
رفض تسليم وصولات إيداع تأسيس الجمعيات أو تجديد مكاتب الجمعيات المؤسسة وفق القانون المنظم لها.
الاستخدام المفرط للقوة في فض المسيرات والاحتجاجات السلمية
متابعة ومحاكمة المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان من حقوقيين وصحافيين، ونقابيين، وطلبة، ومعطلين…
2- انتخابات 07 أكتوبر2016
عرف المغرب انتخابات تشريعية يوم 7 أكتوبر2016، وهي الانتخابات التي تابعها الرأي العام الوطني والدولي بكثير من الاهتمام، وعرفت مواكبة من طرف عدد من المراقبين الوطنيين والدوليين، والتي يمكن تسجيل الملاحظات التالية بخصوصها:
* لازال مطلب الإشراف على الانتخابات من طرف هيئة وطنية مستقلة – بدل إشراف وزارة الداخلية – كما يجري به العمل في البلدان الديمقراطية، مطلبا تتأكد أهميته خصوصا مع ما سجل من تدخل الإدارة المغربية لفائدة مرشحين معينين، مما حال دون توفير الشروط الموضوعية المطلوبة لمرور هذه الانتخابات في ظروف سليمة.
* لا زال مطلب المراجعة الشاملة للوائح الانتخابية لم يحظ بالقبول، رغم مطالبات الحقوقيين والسياسيين بذلك.
– لجوء عدد من الأحزاب إلى استخدام الأطفال وتشغيلهم في الدعاية الانتخابية، وأحيانا كثيرة الاستعانة ببعض الأشخاص تدور حولهم شبهات “البلطجية” للقيام بالحملة الانتخابية وهو أمر يبعث على القلق الشديد..
– تسجيل الحياد السلبي للسلطات في التصدي لمجمل الخروقات التي عرفها المسلسل الانتخابي، حيث ظل الإفلات من العقاب سيد الموقف في التعاطي معها.
– توظيف الدين واستخدام المساجد في الدعاية للمرشحين وللمشاركة في الانتخابات.
– الاعتداء الجسدي واستعمال العنف ضد أعضاء ومناصري بعض القوى المشاركة في الانتخابات، ومنع الرأي الداعي لمقاطعة الانتخابات من التواصل مع الرأي العام، وقمع حاملي وممثلي هذا الرأي المخالف بل وحتى تعنيف واعتقال بعض أعضائه- قبل إطلاق سراحهم لاحقا- عندما كانوا بصدد توزيع بيانات ونداءات تتضمن موقفهم الداعي لمقاطعة الإنتخابات . وتشرح اسبابه ودواعيه السياسية.
– حرمان القوى الداعية لمقاطعة الانتخابات من التعبير عن رأيها من خلال وسائل الإعلام العمومية.
– تسجيل عدم الأخذ بعين الاعتبار لأوضاع المواطنين والمواطنات حاملي الإعاقة في الانتخابات، بعدم توفير الشروط الكفيلة بمساعدتهم على ممارسة حقهم في الانتخاب، وهو ما حدا ببعضهم إلى الاحتجاج على هذا السلوك الإقصائي .
-إن حرمان مغاربة الخارج من المشاركة في الاستحقاقات التشريعية هو حرمان لهم أيضا من حقوق المواطنة، بل هو “تمييز” و “مظهرغير ديمقراطي”، علما أن الجالية المغربية المقيمة في الخارج، جزء لا يتجزأ من المجتمع الوطني المغربي.
3- واقع المدرسة العمومية
لقد تتبع الرأي العام افتتاح الموسم الدراسي الجديد، الذي شابته الكثير من الاختلالات العميقة، و التي توضح الوضع الكارثي الذي تعيشه المدرسة العمومية ، والنظام التعليمي بشكل عام، وهو مؤشر خطير على المحاولات المتكررة للإجهاز على المدرسة العمومية، وحرمان مئات الآلاف من التلاميذ من متابعة الدراسة ، نظرا للإمكانات المنعدمة أو المتواضعة لأسرهم، وهو ما يمس بشكل صارخ بالحق في التعليم ،الذي يعتبر من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
4 – قوانين أساسية و القوانين التنظيمية
لاحظ الإئتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان على امتداد الولاية التشريعية الأولى بعد دستور 2011 تمريرعدد كبير من مشاريع القوانين، التي سترهن البلاد ومستقبلها لعقد أو عقدين من الزمن، من طرف اللجان أو غرفتي البرلمان أو المجلسين الوزاري والحكومي،حيث انتقلت الحكومة للسرعة القصوى في الأسابيع و الأيام الأخيرة من عمر مجلس النواب الأخير المنقضية ولايته، ،مع تسجيل التنكر الواضح منها لمبدأ إشراك المجتمع المدني وكل المهتمين بالشأن العام، والأخذ بمقترحاتهم وملاحظاتهم.(نذكر على سبيل المثال لا الحصر القانونين التنظيميين المتعلقين بكل من الأمازيغية والحق في الإضراب…إلخ) .
وفي هذا الصدد يمكن كذلك الاشارة لقانون القضاء العسكري، وقانون الصحافة والنشر ، ولعدد من القوانين التنظيمية مثل القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية،
كما لاحظ بكل اندهاش ، رفض الحكومة تقديم مسودة القانون الجنائي ، ومشروع قانون المسطرة الجنائية للبرلمان ، بعد شهور من الجدل والنقاش من قبل عدد من الفاعلين والحقوقيين والقانونيين وغيرهم ، وما صاحبهما من مقترحات وإضافات وانتقادات بسبب توجهاتهما واختياراتها في مجال السياسة الجنائية والعقابية والأمنية او خلفياتهما الأيديولوجية، وهذا ما يعتبره الائتلاف المغربي فشلا له آثاره الوخيمة على المراكز القانونية للمواطنين والمواطنات ،وعلى إضعاف الحماية القضائية والتشريعية التي ينبغي ضمانهما وعلى عمق الهوة مع كل عدالة جنائية حديثة و ديمقراطية ومتفاعلة مع اهم الضمانات التي نصت عليها مواثيق حقوق الانسان بأبعادها الكونية.
إن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، انطلاقا من العناصر التي قدمها، وانسجاما مع الأدوار التي يضطلع بها في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، فإنه يعتبر أن الأوضاع المقلقة لحقوق الإنسان ، تضع الدولة المغربية في تناقض صريح مع التزاماتها الدولية، ومع ما تضمنه دستور يوليوز2011 في الباب الثاني، المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، من التزامات وجب تفعيلها وأجرأتها على أرض الواقع.
وعليه، ومن أجل وقف مجمل التراجعات التي تمس الحقوق والحريات، نعتبر بأنه لابد من أن تتوفر الدولة على الإرادة السياسية ، للقطع مع هذا التناقض الملحوظ ما بين الخطاب والممارسة.
و الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان يخاطبكم بكل صفاتكم ومن مختلف مراكز مسؤولياتكم من اجل ان تنتبهوا وتنصتوا وتتفاعلوا مع انتظارات الحركة الحقوقية المغربية وفي مقدمتها انتظارات الائتلاف ، وان تبادروا باتخاذ كل الإجراءات السياسية والإدارية والتشريعية والقضائية والمدنية لكي ترجعوا الثقة للمواطن في مواطنته ،التي لا حق لأحد نزعها او الاعتداء عليها، وان تنقذوا مصداقية المؤسسات ، ولكي يتم فك الطوق الخانق على العديد من الحقوق والحريات الاساسية ، ولكي يتخلص المغرب من ثقافة التردد والتخوف من اطلاق ومن احترام التزاماته الداخلية والدولية ، ومن تغيير ثقافة وعقلية الماضي التي لا زال بعض المسؤولين وبعض مرافق الدولة تحملها ضدا على سلامة الوطن والمواطن،
إن الائتلاف المغربي يرفض ان يبقى الوطن والمواطن رهينة بين من يستبد بسلطته ويستقوي بنفوذه ضدا على كرامته وحقوقه ، ولا يقبل ان يستمر التوتر سيد العلاقة بين الدولة ومن يتولى الشان العام وبين المواطن ومكونات المجتمع، ويظل التعنت منطقا للسلطة وخيارا لها اتجاه احترام القانون والمشروعية لما في ذلك من معاكسة لحركة التاريخ الذي يفرض الاستفادة والتعلم من دروسه، و يرفض الرجوع الى الخلف والتراجع عن المكتسبات.
ان الائتلاف المغربي سيظل كما كان، واعيا بدوره،مستمرا في تفاعله مع أهدافه،مناشدا مترافعا وضاغطا بكل الوسائل المشروعة لبلوغها .
فلا وطن دون مواطنين ومواطنات،ولا مواطنين ومواطنات بدون حرية وكرامة .
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.