صناعة المُهود من الدوم والقصب ..قرويون بضواحي قرية ابا محمد بإقليم تاونات يحفظون حرفة عريقة من الاندثار

رشيد الكويرتي من تاونات-عن “هسبريس”:”تاونات نت”/– تحت ظل شجرة أوكالبتوس على قارعة الطريق الجهوية رقم 408، الرابطة بين إقليمي تاونات ووزان، ينتظر قرويو دوار الغزلان، التابع لجماعة اجبابرة ضواحي قرية ابا محمد بإقليم تاونات، عصر كل يوم سبت، بشغف، وصول أحد التجار الوسطاء ليبيعوه ما أنتجوه طيلة أسبوع من مهود صنعوها من دوم وقصب.

النساء أكثر تشبثا بالحرفة

صرح أحمد، البالغ من العمر حوالي 60 عاما، بأنه يواصل مزاولة صناعة مهود الدوم والقصب منذ أن كان شابا، مبرزا أن زوجته المسنة هي أيضا تشاركه في هذه الحرفة، وذلك بعد أن تزوج أبناؤهما وبناتهما جميعا واستقلوا عنهما.

وقال أحمد، في حديث ل”هسبريس”، إن صناعة مهد واحد من القصب والدوم تتطلب ساعات طويلة من العمل، مبرزا أنه بعد تهيئة المواد الأولية، تحين عملية التصنيع اليدوي التي تحتاج إلى التحلي بالصبر الكثير.

وأضاف أن حرفيي صناعة المهود بدوار الغزلان ظلوا أوفياء لطريقة أجدادهم في العمل، مشيرا إلى أنه يصنع رفقة شريكة حياته مهدا واحدا أو اثنين في اليوم، قبل أن يبيع منتوجه بثمن لا يتعدى 25 درهما للقطعة الواحدة لوسطاء يأتون من خارج الإقليم.

وأكد الحرفي أحمد أن حرفته لا تدر عليه سوى دخل ضعيف لا يغطي كل احتياجات أسرته، موردا أن ارتفاع أسعار القصب والدوم، اللذين يتم جلبهما من خارج إقليم تاونات، إلى جانب انخفاض سعر ما يبيعونه من مصنوعات، يحد كثيرا من المردودية المالية لحرفته.

من جانبه، قال الحرفي إدريس، البالغ من العمر 42 سنة، إن سكان دوار الغزلان، وخاصة كبار السن، يواصلون التشبث بهذه الحرفة رغم أنها لا تدر عليهم إلا القليل من العائدات، مبرزا أن النساء هن من يتفرغن أكثر، بعد انتهائهن من أعمال البيت وأشغال الفلاحة، لمزاولة هذه الحرفة اليدوية بمساعدة أبنائهن.

وأكد إدريس أن ارتفاع الطلب على منتوجات حرفية خالية من المواد المصنعة هو الذي يمنح هذه الحرفة نفسا جديدا، مشيرا إلى أن عشرات الأسر بجماعة اجبابرة وجماعة مولاي بوشتى المجاورة تنشط في صناعة المهود ومصنوعات أخرى اعتمادا على نباتي القصب والدوم كمادتين أوليتين.

منتوجات صديقة للبيئة

ومن الورشة الأسرية إلى الأسواق تبدأ مرحلة جديدة من عمر هذه المصنوعات النباتية؛ إذ أجمع حرفيو دوار الغزلان على أنهم يجهلون مصير ما يبيعونه من منتوجات يدوية للتجار الوسطاء، وما إن كانت مصنوعاتهم تستعمل كمهود للأطفال فقط أو في أغراض أخرى.

أحد التجار الوسطاء رفض الحديث لهسبريس عن الوجهات التي تذهب إليها هذه المصنوعات النباتية المحلية، متذرعا بكون تسليط الضوء على هذه الحرفة من شأنه أن يضر بمصالحه، كما حذا حذوه مسؤول في إحدى الجمعيات الحرفية بالمنطقة، متذرعا بأنه يريد حقيقة هذه الصناعة اليدوية أن تبقى طي الكتمان.

قال هشام الحليمي، فاعل سياحي مهتم بالترويج للمؤهلات والأنشطة المرتبطة بالحرف التقليدية بإقليم تاونات، إن منطقتي اجبابرة ومولاي بوشتى الخمار مشهورتان بالصناعة التقليدية التي تعتمد على الدوم والقصب، كاشفا أن 90 في المائة من ساكنة مجموعة من دواوير المنطقة تزاول هذه الحرفة

وأوضح الحليمي، في حديث لهسبريس، أن مثل هذه المنتوجات تتميز بكونها صديقة للبيئة، مبرزا أن الطلب عليها عرف في السنوات الأخيرة انتعاشا ملحوظا، خصوصا من لدن الأوروبيين الذين قال إنهم يعرفون قيمة مثل هذه المصنوعات النباتية.

وأضاف أن دوار الغزلان، على سبيل المثال، تنشط ساكنته، خصوصا من النساء، في مزاولة صناعة المهود من القصب والدوم، المعروفة في الأسواق العالمية بمهود سلة موسى، مشيرا إلى أن الرجال هم من يتكفلون بعملية بيع المنتوج للوسطاء، وذلك قبل نقله إلى أوراش خاصة حيث يتم تثمينه بإدخال إضافات عليه حتى يتخذ شكلا نهائيا قابلا للتسويق.

وأوضح المتحدث ذاته أن إنجلترا تعد من بين الوجهات الرئيسة التي يتم تصدير مهود القصب والدوم إليها، مشيرا إلى أن السياح الذين يزورون المغرب يفضلون اقتناء منتجات الصناعة التقليدية الخالية من المواد المصنعة، ومنها تلك المصنوعة من الدوم والقصب.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7251

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى