مسؤول مغربي ينحدر من تاونات يستعرض تجربة المملكة في مجال حكامة الشأن الثقافي بتونس
تونس -(ومع) :”تاونات نت”/-تم مؤخرا بسوسة بتونس، استعراض التجربة المغربية في مجال حكامة الشأن الثقافي في إطار الملتقى الإقليمي حول الحكامة في هذا المجال المنظم من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) الى غاية 14 ماي الجاري .
وأبرز رشيد المسطفى رئيس قسم التعاون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل (وهو بالمناسبة عضوا في منتدى كفاءات إقليم تاونات) ، خلال جلسة خصصت لعرض التجارب العربية حول حكامة الشأن الثقافي، أن المملكة أولت للعمل الثقافي أهمية خاصة ووضعت له إطارا مرجعيا .
وأوضح أن تجربة المملكة المغربية في مجال الحكامة الثقافية، تستند إلى عدة محاور رئيسية تتمثل اساسا في الإطار المرجعي للعمل الثقافي ، وتدبير الشأن الثقافي، والآليات المعتمدة في هذا المجال، والتجارب الناجحة.
أما الإطار المرجعي للعمل الثقافي بالمغرب فحدده المتدخل في العناية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لقطاع الثقافة، من خلال الخطب والرسائل التوجيهية و الأوراش الثقافية الكبرى والمبادرات الملكية السامية في مجال صون التراث الثقافي والحضاري للمملكة ، والعناية المتواصلة بالثقافة وشؤونها، وتشجيع كل أصناف التعبير الإبداعي، وإبراز أهمية التراث الرمزي كعنصر أساس في تكوين الثروات، وفي صياغة وإنجاح السياسات العمومية.
وجعل دستور المملكة لسنة 2011 ، يؤكد المتحدث، من الثقافة مكونا أساسيا من مكونات التنمية، هذا فضلا عن الالتزام الحكومي من خلال جعل الثقافة عنصرا أساسيا من عناصر التنمية الشاملة، عبر إدراج البرنامج الحكومي للنهوض بالشأن الثقافي وتطويره من أولويات السياسة العمومية، في إطارمقاربة مندمجة تقوم على جعل السياسة الثقافية والفنية دعامة أساسية لتعزيز الهوية الوطنية والانفتاح على مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.
ومن محاور الإطار المرجعي ، مضامين النموذج التنموي الجديد الذي انطلق من تشخيص دقيق للوضع الثقافي، ليخلص إلى أهمية النهوض بالتنوع الثقافي باعتباره رافعة للانفتاح والتماسك، وعاملا مساهما في التنمية، ورهانا بالغ الأهمية من أجل مواجهة التحديات العالمية.
أما تدبير الشأن الثقافي، فتميز، وفق المتدخل، بحرص المغرب على تبني مقاربة جديدة قوامها إرساء مبادئ الحكامة في تدبير الشأن الثقافي والانتقال من تدبير تقليدي ذي نتائج محدودة في اتجاه رؤية جديدة ومتجددة قوامها تفعيل النهج التشاركي وتعزيز التقائية السياسات والبرامج الثقافية، وتوحيد الجهود وحسن استثمار الموارد والإمكانيات الكفيلة بتحقيق إقلاع ثقافي وتطوير صناعة ثقافية.
ولم يفت المتدخل التذكير بالعناية بالمثقفين والمبدعين وتحسين أوضاعهم الاجتماعية عبر مواصلة الإجراءات التطبيقية لقانون الفنان، خاصة في مجال التقاعد والتغطية الصحية، وإغناء الامتيازات التي تخولها لهم بطاقة الفنان.
وبخصوص الآليات المعتمدة في مجال حكامة الشأن الثقافي، أشار السيد مسطفى إلى اعتماد جيل جديد من المخططات الحضرية الكبرى، وإلى إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كمؤسسة دستورية مستقلة تضطلع بمهام استشارية حول الاختيارات التنموية الكبرى، منها “الرؤية الجديدة لتدبير التراث وتثمينه” وكذا “اقتصاديات الثقافة”، وهي، يؤكد، استشارات يتم اعتمادها وثائق مرجعية في سياق تعزيز التقائية السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال.
وفي هذا السياق تطرق الى المؤسسات الثقافية الكبرى من الجيل الجديد وتعبئة إمكانيات مالية ضخمة في إطار الورش الملكي لتعزيز شبكة البنيات التحتية الثقافية بمختلف جهات المملكة منها المسرح الكبير بالرباط والمسرح الكبير بالدار البيضاء وقصر الثقافة والفنون بطنجة ، وغيرها من البنيات التحتية الثقافية.
كما أبرز إحداث مؤسسة عمومية استراتيجية وهي “المؤسسة الوطنية للمتاحف” ، التي تمكنت من إعطاء إشعاع كبير على المستوى الدولي للموروث الثقافي والفني الوطني من خلال تنظيم العديد من كبريات المعارض على المستوى العالمي . هذا الى جانب مؤسسات مدنية كبرى أظهرت تميزا كبير على مستوى إدارة تدبير التراث الثقافي منها “مؤسسة الحفاظ على التراث الثقافي” لمدينة الرباط برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، ومؤسسة “الموكار” و”مؤسسة مغرب الثقافات” و”مؤسسة منتدى أصيلة”، وغيرها من المؤسسات…
كما تحدث عن المقتضيات الدستورية، لاسيما ما يتعلق منها بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، حيث تم رصد إمكانيات هامة إطار قانون المالية لسنة 2022 لتحمل النفقات المتعلقة باستعمال الأمازيغية في الإدارات العمومية.
وذكر المسؤول بشبكة مهمة من المهرجانات والملتقيات الدولية ذات الإشعاع الكبير، والتي تمثل نموذجا حيا للحكامة الجيدة والمقاربة التشاركية في التمويل والتنظيم منها مهرجان مراكش الدولي للفيلم، ومهرجان “موازين إيقاعات العالم”، ومنتدى أصيلة، ومهرجان تيميتار، ومهرجان كناوة، ومهرجان الموسيقى الروحية، ومهرجان الغناء والشعر الحساني وموسم طانطان،…
ولمواكبة الآليات التي تم اعتمادها على مستوى حكامة الشأن الثقافي، ومن أجل ترصيد المكتسبات التي تحققت في هذا المجال، تحدث السيد مسطفى عن إعداد استراتيجية وطنية للثقافة، تروم تحديد التوجهات والاختيارات الرئيسية للمغرب في المجال الثقافي، انطلاقا من تشخيص الوضع الثقافي الوطني وبلورة رؤية استراتيجية من أجل النهوض بالقطاع الثقافي، وإعداد إطار مؤسساتي وقانوني لمواكبة هذه الرؤى.
وفي ذات التوجه، أشار الى المجهودات الجبارة في حماية وتثمين الموروث الثقافي المادي واللامادي الوطني وجعله في صلب التنمية السوسيو-اقتصادية، مع اعتماد صيغ جديدة لتعزيز إشعاع التراث الثقافي الوطني من خلال إحداث علامة تميز تراث المغرب-Label Maroc ، فضلا عن علامة تميز تحت اسم “متحف المغرب” تمنحها المؤسسة الوطنية للمتاحف.
هذا فضلا عن تعزيز البنية التحتية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية التراب الوطني بمؤسسات القرب الثقافي وتنويع العرض الثقافي وتطوير اقتصاديات الثقافة في مجالات الإبداع والفنون والتراث بتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، وتشجيع المهن الجديدة التي تساهم في تشغيل الشباب وتعزيز وتطوير برامج الشراكة الثقافية مع المؤسسات الوطنية والقطاعات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، وإعطاء دينامية جديدة للتعاون الثقافي الدولي قائمة على الترويج للثقافة المغربية وتعزيز انفتاحها على مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.
هذا وقد حظي المسؤول المغربي رشيد المسطفى، رئيس قسم التعاون بوزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) باستقبال كريم من طرف حسن طارق، سفير المملكة المغربية بتونس، مساء يوم الجمعة 13 ماي 2022، في سياق مشاركته في الملتقى الإقليمي حول الحكامة المنعقد ما بين 12 و14 ماي 2022 بمدينة سوسة بالجمهورية التونسية.