المقاوم والمناضل اليساري المغربي الكبير محمد بنسعيد آيت إيدر في ذمة الله

خديجة بناجي:”تاونات نت”//- توفي، يوم6 يناير 2023 ، المقاوم والمناضل اليساري المغربي الكبير محمد بنسعيد آيت إيدر الذي يعد رمزاً من رموز المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي وآخر عضو جيش التحرير في البلاد، حسب ما أعلنه بيان الحزب “الاشتراكي الموحد”، الذي أسسه بنسعيد وتقلّد رئاسته الشرفية.

وقال بيان الحزب: “بقلوب يعتصرها الأسى والألم (…) ينعى المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد إلى عموم الشعب المغربي قائد المقاومة الوطنية، المناضل الكبير المجاهد الرفيق محمد بنسعيد آيت إيدر“.

وأضاف: “بفقدان (بنسعيد آيت إيدر) يفقد الوطن والشعب المغربي ومعهما الحزب وكل قوى اليسار واحداً من كبارات رجالات الوطن وكبار مناضليه، وآخر قادة المقاومة الأبية وزعماء الحركة الوطنية. رحيل الفقيد خسارة للوطن والشعب.

وقد جرى بعد صلاة عصر يوم الأربعاء بالدار البيضاء، تشييع جثمان الراحل محمد بنسعيد آيت إيدر، المقاوم والسياسي المغربي، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد .

وبعد صلاتي العصر والجنازة، ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، وذلك بحضور أفراد أسرة الفقيد وأقاربه وذويه، وممثلي عدد من الأحزاب السياسية والنقابات، والسلطات المحلية، إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى.

وعلى إثر هذا الحدث الأليم بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة الراحل محمد بنسعيد آيت إيدر.ومما جاء في برقية الملك :

“علمنا بعميق التأثر والأسى بالنبإ المحزن لوفاة المشمول بعفو الله تعالى ورضاه، المجاهد الكبير والوطني الصادق محمد بنسعيد آيت إيدر، تغمده سبحانه بواسع مغفرته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه”.
وأضافت البرقية “وبهذه المناسبة الأليمة، نعرب لكم، ومن خلالكم لكافة أهل الفقيد العزيز، وذويه ولسائر أقاربه وأصدقائه، ولأسرته السياسية الوطنية، عن أحر تعازينا وأصدق مشاعر مواساتنا وتعاطفنا، في فقدان رائد من رواد المقاومة المغربية، والذي برحيله المفجع فقد المغرب أحد أبنائه البررة الذي نذر حياته لمقاومة الاستعمارين الفرنسي والإسباني، والدفاع عن حرية المغرب واستقلاله وكرامته، والذود عن وحدته الترابية، في تشبث مكين بثوابت الأمة ومقدساتها”.
وتابع جلالة الملك “وإننا لنستحضر في هذا الظرف العصيب، بكل تقدير وإكبار، المسار النضالي والحقوقي والسياسي الحافل والمتميز للراحل المبرور، المشهود له بدماثة الخلق وبالخصال الإنسانية الرفيعة، حيث، ظل رحمه الله، مثالا للوطنية الملتزمة والوفاء للمبادئ”.
وأضافت البرقية “وإذ نشاطركم أحزانكم في هذا الرزء الفادح الذي لا راد لقضاء الله فيه، لندعو الباري عز وجل أن يلهمكم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يبوئ الفقيد الكبير مكانا عليا مع المنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، ويجزيه الجزاء الأوفى على بلائه الحسن وعلى ما جسده من نموذج يحتذى في الإخلاص والتفاني ونكران الذات في خدمة المصالح العليا لوطنه، مصداقا لقوله سبحانه: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا”. و”إنا لله وإنا إليه راجعون”. صدق الله العظيم.

وتجدر الإشارة أم المرحوم محمد بنسعيد آيت إيدر ولد عام 1925، في قرية تينمنصور بإقليم اشتوكة آيت باها، جنوب المغرب.

وقضى طفولته يتيماً، بعد فقدانه والدته وهو في عمر السادسة. وكأي طفل مغربي في ذلك العهد، درس الراحل خلال تعليمه الأولي في الكتاب القرآني بقريته، لينتقل بعدها إلى المدرسة “بن يوسف” في مراكش، حسب ما يشير في مذكراته المعنونة بـ”هكذا تكلّم بنسعيد”.

وخلال مُقامه في مراكش، دخل بنسعيد آيت إيدر في صفوف الحركة الوطنية المغربية المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي. والتقى عدداً من رجالات المقاومة وقتها، على رأسهم المقاوم والمناضل المهدي بن بركة.

وكان محمد بنسعيد آيت إيدر، أحد الداعين إلى ضرورة استخدام السلاح من أجل مقاومة الاستعمار، ونادى بذلك في عدد من المقالات التي نشرها وقتها في الصحف الوطنية. وعلاوة على ذلك، شارك الراحل في قيادة جيش التحرير المغربي وتكوين خلايا المقاومة، إلى أن تولى منصب المسؤول السياسي لقيادة جيش التحرير في الجنوب.

وعقب استقلال البلاد، وجد بنسعيد نفسه في وسط التطاحن السياسي الداخلي الذي طبع تلك الفترة، فقد كان من المتمسكين بضرورة بقاء جيش التحرير حتى استكمال تحرير الأرض المغربية، بينما كان ولي العهد وقتها الراحل الحسن الثاني يرى وجوب تفكيك ذلك الجيش وإدماجه في الجيش النظامي.

هذا الخلاف دفع ثمنه بنسعيد باعتقاله في عام 1960 ثم عام 1963، وغادر إلى المنفى بالجزائر، وصدر في حقه حكم غيابي بالإعدام عام 1964. بعدها انتقل إلى فرنسا، فانخرط في منظمة “23 مارس” ذات التوجه الماركسي اللينيني.

وفي عام 1981، عاد بنسعيد آيت إيدر إلى المغرب، بعد أن تلقى عفواً ملكياً عن الحكم الصادر في حقه. وظل “وفياً لتوجهه اليساري وموقفه المعارض”، إذ أسس في 1983 حزب “منظمة العمل الديمقراطي”، وبعد عام انتُخب نائباً برلمانياً، ليبدأ مسيرة نضالية داخل المؤسسات.

وأسهم حزب “منظمة العمل الديمقراطي” في تأسيس الكتلة الديمقراطية عام 1992، ورغم الانشقاق الذي تعرض له لاحقاً، اندمج الحزب مع تيارات يسارية أخرى، لينتهي الأمر بتأسيس حزب “اليسار الاشتراكي الموحد” عام 2002، وتولي بنسعيد رئاسته الشرفية.

ودخل الحزب عام 2007 في تحالف “فيدرالية اليسار الديمقراطي”، إلى جانب كل من حزب “الطليعة الديمقراطي الاشتراكي” وحزب “المؤتمر الوطني الاتحادي“.

وفي عام 2015، وشّح جلالة الملك محمد السادس، محمد بنسعيد آيت إيدر بوسام ملكي من درجة “الحمالة الكبرى”، نظير مساره السياسي والنضالي.

 ويعد هذا الوسام هو الرابع من حيث تصنيف درجات الأوسمة الملكية المغربية، ويُمنح لمكافأة الأشخاص الذين قدموا خدمات متميزة ذات طبيعة مدنية أو عسكرية.

وعلى اثر هذا المصاب الأليم  نتقدم باسم مجلة “صدى تاونات” وموقع “تاونات نت” بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى أسرة وعائلة  الفقيد الصغيرة والكبيرة وعلى رأسهم قيادة حزب الإشتراكي الموحد وقادة اليسار بصفة عامة وأصدقاءه ومعارفه، داعين الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه وأن يرزق عائلته الصبر والسلوان.

    اللهم أغفر له وارحمه وأعف عنه يارب العالمين، اللهم اسكنه فسيح جناتك ولا تجعله في الآخرة من الظالمين برحمتك يا اكرم الأكرمين، اللهم بدله داراً خيراً من داره.

وإنا لله ,وإنا إليه راجعون.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7258

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى