جريدة “تاونات نت” تنبش في حياة ومسار الشيخ العلامة الاديب محمد بن الطاهر الهواري

واجهة-كتاب-الأستاذ-احميدوش

واجهة-كتاب-الأستاذ-احميدوش

تاونات:جريدة”تاونات نت”/نسبه وولادته :هو ابو عبد الله محمد فتحا بن طاهر الهواري نسبة الى قبيلة هوارة المكونة من المدشر اولاد علي وامساسا والقصور والزرارقةوتنقسم الى فخذتين هوارة الحجر وهوارة لوطا وتقع هوارة بين القبائل التالية : صنهاجة  والحياينة من اقليم تاونات والتسول من اقليم تازة ومن المترجمين له قال :  انه ولد بهوارة غير انه لم يحدد الفخذة اولا كما لم يحدد ايضا المدشر حيث كان يغلب انتساب الشخصيات الى قبائلهم .

ولد ابو عبد الله محمد بن الطاهر الهواري في غضون العقد الخامس من القرن الثاني عشر الهجري الموافق للعقد الرابع من القرن الثامن عشر الميلادي حيث كان من اقران مؤرخ الدولة العلوية ابي القاسم الزياني المولود سنة 1147هـ/1734م. والمتوفي سنة 1249هـ/1833م. يقول المؤرخ ابو القاسم الزياني : ثم لازمت درس ابي حفص سيدي عمر الفاسي لخليل بالقرويين وكان لا يحضر مجلسه الا المشاهير من طلبة فاس كالسيد عبد السلام حسين  والشيخ العربي القسمنطيني والسيد محمد سحنون وسيدي الوليد العراقي وسيدي يحيى الشفشاوني والسيد محمد الهواري والسيد محمد سكيرج وامثالهم من اولاد فاس.

نشأته وتعليمه :

ان ابا عبد الله محمد فتحا بن طاهر الهواري نشا في قبيلته هوارة وترعرع فيها تحت رعاية والديه يتنقل بين كتاب القران الكريم وبيت عائلته يحفظ القران على عادة سائر اسر المغاربة الذين يحرصون على تعليم ابنائهم كتاب الله وتحفيظه لهم حيث كان من سنة الالتحاق بجامع القرويين ان يكون الطالب حاملا لكتاب الله حافظا للمتون المقررة دراستها في جامع القرويين نحوية وفقهية منها : متن الاجرومية والفية ابن المالك ولامية الافعال ومتن ابن عاشر وتحفة ابن عاصم ورسالة بن ابي زيد القيرواني وجمع الجوامع وغيرها وهذا ما علمنا ممن سبقه في القرنين : العاشر والحادي عشر كالعالم العلامة ابي سالم ابراهيم بن عبد الرحمن الكلالي المتوفي سنة 1047هـ/1637م يحكي بنفسه عن نشأته وتعليمه قبل الدخول الى فاس للالتحاق بجامع القرويين فيقول :نشأت في قبيلة بني ورياكل في حياة والدي ثم مات والدي وخلفني صغيرا ثم حفظت القران الكريم برواية ورش وانا دون البلوغ ثم الامهات على شيخنا سيدي بن عبد السلام الشدادي من بني بوشداد وحفظت الفية ابن مالك والكراريس والاجرومية كل ذلك وانا غير بالغ ببني ورياكل ثم سرت مع اخي شقيقي سيدي احمد للمدينة الفاسية في شهر ربيع الاول عام 994هـ/1585م. قصد القراءة والتعليم واستوطنت بيتا في المصباحية وانا في سن المراهقة ) ومثل هذا العالم ابي سالم الكلالي يحكي العالم ابو علي الحسن بن محمد بن محمد بن  احمد كنبورالورياكلي المتوفي سنة 1283هـ/1866م نفس الطريقة فهذه هي السيرة المتبعة عند جميع المغاربة في نهجهم لطلب العلم وتحصيله ولا يخرج احد عن هذه السيرة ولا بد ان يكون سيدي ابو عبدالله محمد – فتحا –  بن طاهر الهواري مثلهم في نهج طريقتهم حيث لم يلتحق بجامع القرويين الا بعد حفظ القران ترتيلا ورسما مع حفظ المتون المذكورة .

شيوخه :

ان كل عالم في عصر المترجم له وحتي من قبله وبعده الى ما بعد الاستقلال بسنوات كان يتعلم ويدرس على عدد كبير من الفقهاء والعلماء انطلاقا من المسيد– الكتاب القراني- ثم يجول في القبائل لأخذ القراءة برواية واحدة او بعدة روايات مع انصاص قواعدها وبعد هذه المرحلة التي حفظ فيها القران وختمه رسما وتلاوة وحفظ المتون التي اهتم المغاربة بدراستها يلتحق بجامع القرويين ينهل العلم على ايديهم الى ان يجيزوه.

ونظرا للمعلومات الشحيحة حول شيوخ العالم سيدي ابي عبد الله محمد بن طاهر الهواري لأنه لم يترك كناشا او فهرسة او ترجمة ذاتية مكتوبة بخط يده مثل ما فعل غيره من العلماء فاني اعتمدت على من ترجم له من تلامذته او من اقرانه الذين درسوا معه وسجلوا شيوخه وشيوخهم وهؤلاء غالبا علماء بالقرويين فقلما تجد من يذكر شيوخ تحفيظ القران الا من كتب كناشه بنفسه او فهرسته لكون هذه المرحلة تكون بين مساجد القرى بالقبائل ومن بين هؤلاء الشيوخ الذين اخذ عنهم ودرس عليهم :

–         العالم العلامة سيدي عبد المجيد بن علي الزيادي المتوفي سنة 1163هـ/1749م. اخذ عنه الادب والعروض.

–         العالم العلامة سيدي ابو زيد عبد الرحمن بن ادريس المنجرة المتوفى سنة 1779هـ1774م. اخذ عنه العربية والتفسير والحديث.

–         العالم العلامة سيدي ابو حفص عمر بن عبد الله الفاسي المتوفى سنة 1188هـ/1774م. اخذ عنه الفقه والاصول والمنطق وكان عمدته فيها وفي غيرها من الفنون وكان يلازمه في حلة وترحالة ويكثر من ذكره في اشعاره قال تلميذه العلامة الفقيه سيدي عبد القادر بن احمد الكوهن الفاسي في امداد ذوي الاستعداد الى معالم الرواية والاسناد وعمدته في سائر الفنون هو ابو حفص الفاسي وكم من نظم فيه ونثر وبث في الناس حديث فضله ونشر بل كان لا يعول الا عليه ولا يتحاش في المهمات الا اليه.

ولعل من اساتذته وشيوخه الذين اخذ عنهم من ذكرهم اقرانه الذين كاموا في زمانه كالعالم العلامة ابي القاسم الزياني والعالم العلامة ابي عبد الله محمد بن مسعود الطرنباطي وطبقا لما قاله تلميذه العلامة الفقيه سيدي عبد القادر الكوهن الفاسي : اخذ عن اشياخ من قبله ومن بين هؤلاء الشيوخ الذين كاموا خلال دراسته ودراسة اقرانه :

–         ابو عبد الله محمد بن طاهر بن يوسف بن ابي عسرية بن علي الفاسي المتوفى بفاس سنة 1177هـ/1763م.

–         ابو عبد الله محمد بن قاسم جسوس المتوفى سنة 1182هـ/1768م.

–         محمد – فتحا – بن محمد الخياط بن ابراهيم الدكالي المشتراني المشهور بابن غازي المتوفى بفاس سنة 1184هـ/1770م.

–         ابو عبد الله محمد بن الحسن بناني المتوفى سنة 1194هـ/1784م.

–         ابو عبد الله محمد التاودي بن الطالب بن سودة المري المتوفى سنة 1209هـ/1794م.

ومن هؤلاء الاساتذة والشيوخ الذين اخذ عنهم العالم العلامة سيدي ابو عبد الله محمد بن طاهر الهواري في المجالس الحديثية التي اسسها الملك محمد الثالث العلوي في عصر العلويين فأحيى بذلك سنة ملوك الاسلام في المشرق والمغرب عبد الله المنجرة وادريس العراقي ومحمد بن قاسم جسوس وابو حفص عمر الفاسي وابو عبد الله محمد التاودي.

تلاميذه :

ان من سنة العلماء تعلم اولا ثم تعليمه وفق حديث رسول الله (ص) : ” خيركم من تعلم القران وعلمه” فكما كان له شيوخ اخذ عنهم كان له ايضا تلاميذ يأخذون عنه ومن هؤلاء التلاميذ :

–         السلطان المولى ابو الربيع سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي المتوفى سنة 1238هـ/1813م وقد ذكره ابو القاسم الزياني في جمهرة التيجان نظما ونشرا فمن حيث النظم قال :

وعديم المثيل والمجاري   محمد بن الطاهر الهواري

ومن حيث النثر جاء فيه :

الفقيه العلامة المشارك السيد محمد بن الطاهر الهواري.

–         ابو حامد العربي بن قاضي الجماعي ابي  العباس التاودي المتوفي سنة 1229هـ/1813م.

–         ابو محمد عبد القادر بن احمد بن ابي جيدة الكوهن المتوفى سنة 1254هـ/1838م.

–         ابو عبد الله محمد التهامي بن المكي بن عبد السلام بن رحمون الادريسي الحسني الفاسي المتوفى سنة 1263هـ/1846م.

المهام التي زاولها :

ان الشغل الشاغل للعلماء هو الاقراء والتدريس لكونهم ورثة الانبياء في تبليغ الدعوة وتعليم الناس دينهم خصوصا من تضلع في شتى العلوم وجمع بين العلوم الشرعية والادبية كعالمنا سيدي ابي عبد الله محمد بن طاهر الهواري فعمل في التدريس وقد اختاره المولى محمد بن عبد الله استاذا البنه المولى سليمان.

كما عينه قاضيا في الحضرة الفاسية الادريسية في شعبان سنة 1195هـ/1780م. ثم اعفي وعند تولي الخلافة يزيد بن محمد بم عبد الله الخلافة عينه قاضيا سنة 1231هـ/1815م. فقال تلميذه العلامة الفقيه سيدي عبد القادر الكوهن فاستحسنت سريرته وحمدت سيرته.

مكانته العلمية واقوال العلماء فيه :

كان الشيخ العالم العلامة الفقيه الاديب ابو عبد الله محمد بن طاهر الهواري يجمع بين الفقه والادب يشهد له بذلك اقوال العلماء فيه ومنهم تلامذته واقرانه غيرهم.

فقال عنه العلامة الفقيه سيدي عبد القادر بن احمد الكوهن الفاسي : ( كان رضي الله عنه علامة فهامة يتوقد ذهنه ذكاء وفطنة كثير المباحثة في كل من ينفصل فيها عن تحقيق مؤيد بأدلة من النقل والعقل مع ملكة التعبير وجودة الخط واحكام الشكل والضبط موصوفا بالإتقان راعيا لما يقول مستحضرا لغريب النقول جامعا لأشتات العلوم على الخصوص والعموم لم تقصر عن محاسنه الاقلام وتكل دون منهاها السنة الانام.

وقال عنه شيخ الاسلام الشريف جعفر بن ادريس الكتاني : محمد بن طاهر الهواري واسطة العقد في العلوم الادبية ورابطة الحكم في القضايا الشرعية العلامة الجميل المشاركة الثابت الملكة حلو الشمائل وفخر الاواخر على الاوائل الراقي مرقى السبعة الدراري.

وقال عنه العالم العلامة الزاهد الصوفي ابو الربيع سليمان الحوات عند سفره الى فاس بسبب موت صهره : ثم انتقلت بعد ذلك الى دار سكناهم في جملتهم واسلموا الى التصرف في جميع متروك موروثهم بإشارة من قاضي الوقت صاحبنا العلامة الاديب الصادق الفراسة ابي عبد الله سيدي محمد بن طاهر الهواري حفظه الله وتعييني منه لذلك.

اما صاحب سلوة الانفاس وصاحب شجرة النور الزكية فذكرا ما قاله شيخ الاسلام الشريف جعفر بن ادريس الكتاني في الشرب المحتضر والسر المنتظر وما قاله تلميذه العلامة الفقيه سيدي عبد القادر الكوهن في فهرسته امداد ذوي الاستعداد الى معالم الرواية والاسناد حيث جمعا بين والاسناد حيث جمعا بين قوليهما فلا داعي لذكره.

اثاره ومؤلفاته :

ان مثل العالم العلامة الفقيه الاديب القاضي لا يترك جانب التأليف والنسخ بل كان مهتما بهما اشد اهتمام يقول صاحب من جمع ديوان المترجم له الدكتور احمد                                                                                                     العراقي في تقديمه : وكان من جلساء اخيه المولى علي خليفة والده بفاس لقد كان لهذا الامير مجلس حافل اشادت بذكره وتناقلت جملة من اخباره بعض مصادرنا التاريخية عن عصر الشاعر فقد كان مجلسه فيما ينقله صاحب الاسقصا عن الزياني مجمع الفضلاء والادباء والنبلاء وكان له اعتناء كبير بنسخ كتب العلم الغربية وكتب الادب وكان كثيرا ما ينبعث بأشعاره ومخاطبته لأهل عصره وادباء وقته وورد في الدر المنتخب انه قد كان العلماء يجتمعون عند مولاي علي ويتذاكرون الاشعار ويذكرون التغزلات والاخبار وان من جلسائه : العالم العلامة الشريف القدر سيدي زيان العراقي والعلامة سيدي محمد فتحا بن الطاهر الهواري ويحفل ما بأيدينامن اشعاره بمخاطبات لهؤلاء السلاطين والامراء ولبعض اعيان دولتهم مثل الوزير احمد بن المبارك وبمديحهم وببعض ما كان يسهم به فيما كان يعرض في مجالسهم ويكشف جانب كبير من اشعاره كذلك عن علاقاته ببعض اشياخه وعدد من معاصريه من الاقران والاصحاب وقد تقدمت لنا الاشارة الى ما كان يربطه على وجه الخصوص بشيخه ابي حفص عمر الفاسي وانه قد فسح المجال واسعا لذكره في شعره وله مخاطبات ومراسلات ومطارحات مع عدد  من معاصريه امثال ابي مدين الفاسي وزيان العراقي والتاودي بن سودة وحمدون بن الحاج وسليمان الحوات والعربي القسمنطيني والوليد العراقي ويحيى الشفشاوني وغيرهم.

وقد اسهم العالم العلامة الفقيه الاديب في النشاط الثقافي والمعرفي والديني بما صدر عنه اثار شعرية ونثرية في مجالات علوم الفقه والكلام والمنطق والبديع  ومن بينها :

  • ·        اجوزة “الكوكب الوقاد” وهي ارجوزة في علم الكلام في خمسة وثمانين ومائة -185- بيتا وهذه اول ابياتها.

بمحمد ربـــي العظيم ابتدي          وبكتابه العزيز اقتـــدي

سبحانه بفضله ارشدنــــــا           وبعميم جوده اوجدنـــا

وبعد فالعلم المسمى بالكلام          له مزية بدت بـــلا كلام

فجئت في ذا الغرض البديع          برجز مفوق رفيـــــــع

سميته بالكوكب الوقـــــــاد           لحسنه في اعين النقاد

 

  • ·        ارجوزة “حلو المنطق” وهي ارجوزة في علم المنطق في خمسة وستين ومائة-165- بيتا وهذه اول ابياتها.

حمد لمــــــن انطقنـــــــا           وللهــــــــدى وفقنــــــــا

ثــــــم صلاته علـــــــــى           مــــن جل قدرا وعــــــلا

هــــــذا بعون المـــــــلك   نظـــــــم لطيف المسلـــك

في امهات المنطــــــــق          يسمى بحلو المنطــــــــق

  • ·        ارجوزة تحفة الجلاس في جميع من جاء من الجناس وهي ارجوزة في  انواع الجناس في اربعة واربعين -40- بيتا وهذه اول ابياتها :

اجل ما اعتنى به الانسان وخير ما فاه به اللسان

وبعد فالقصد بهذا الرجز     نظم الجناس بكلام موجز

منمق مرونق عجيب         يروق كل حاذق اريب

سميته بتحفة الجلاس       في جمع ما جاء من الجناس

  • ·         حاشية على شرح سيدي سعيد قدورة سماها : اليواقيت المنثورة.

  • ·        ارجوزة فيما انفرد به ابن عاصم في تحفته من الصور عن مختصر خليل بحيث لا توجد فيه لا منطوقا ولا مفهوما.

وفاته :

لقد توفي هذا العالم العلامة الاديب القاضي صبيحة يوم السبت عشرين من محرم الحرام سنة 1220هـ/1805م. ودفن بضريح سيدي انوار بدرب سيدي العواد بفاس المدينة وقد نيف على السبعين سنة وان ذكر بعض من ترجم له انه انقطع عقبه من بعده فائن عمله لم ينقطع لقول رسول الله (ص) :” اذا مات الانسان انقطع عنه عمله الا من ثلاثة الا من صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له” فبقي علمه الذي الفه والعلماء الذين درسوا عليه ولله در ابراهيم بن ادهم وهو يردد هذه الابيات الطيبة :

اذا مات ذو علـــــم وتقـــــوى   فقد ثلمت من الاسلام ثلمــــــة

فموت الحاكم العدل المولـــــى بحكم الارض منقصة ونقمـــة

وموت فتى كثير الجود نحــــلفــــــان بقاءه خصب ونعمــة

وموت الفارس الضرغام هـدم       ولا تشهد له بالنقص عزومة

فحسبـــــــــــك يبكى علــــــيهم    وباقي الناس تخفيف ورحمة

وباقي الخلق هم همج رعــــاع    وفي ايجادهم لله حكمة

فرحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته امين والحمد لله رب العالمين.     

       لمؤلفه ذ. عبد الكريم احميدوش عضو المجلس العلمي لتاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7251

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى